رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


شركات التكنولوجيا تحت عين بايدن

"الرأسمالية بدون منافسة ليست رأسمالية"
جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة

تجاوزت مواقف الرئيس الأمريكي جون بايدن مواقف الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيال شركات التكنولوجيا وطبيعة حراكها ومستقبلها. فالثاني كان شديدا، لكن الأول يتسم بالشدة الأكبر، إلى درجة أنه أعلن سلسلة من المواقف القوية حيال هذه الشركات، في عز معركته الانتخابية ضد دونالد ترمب. والواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية، لديها خطة إصلاحات واسعة على صعيد خفض مستوى احتكار شركات تسيطر على الساحة العالمية تكنولوجيا، كما أنها حاضرة لتوفير الأدوات لأي جهة تشريعية تسعى إلى تحقيق هذا الهدف، وهي مفتوحة أمام أي اقتراحات تسهم في الوصول إلى الهدف المحوري المتمثل في إعادة النظر في طبيعة التعاطي القانوني والتشريعي والضريبي وغير ذلك مع شركات بعينها لا يزيد عددها في الواقع على خمس. علما أن رؤية الرئيس السابق دونالد ترمب لم تكن إيجابية حيال هذه الشركات 100 في المائة، لكن غايته كانت مختلفة عن توجهات بايدن.
والحق أن المحاذير حيال الشركات المشار إليها، لم تعد منذ أعوام حكرا على إدارات أمريكية تريد إصلاح قطاع هو الأهم حاليا على الساحة، بل شملت أيضا حكومات غربية ولا سيما على الساحة الأوروبية، التي تعتقد أيضا أن مخاطر توسع واحتكار شركات التكنولوجيا بلغت حدا لا يمكن السكوت عنه، بما في ذلك تضييقها على الشركات الأمريكية تحديدا من جهة الضرائب وحراكها على الساحة الأوروبية. أي إن الرؤية السلبية تجاه هذه المؤسسات موجودة على طرفي المحيط الأطلسي، ما يعطي المسألة بعدا عالميا، خصوصا مع وجود إدارة ديمقراطية في البيت الأبيض تؤمن بالتعاون مع الشركاء والحلفاء، على عكس إدارة ترمب التي دخلت بمواجهات تجارية لا مثيل لها في تاريخ العلاقات الغربية - الغربية.
الذي يعطي قوة دفع أكبر، التحرك على ساحة مجلس النواب الأمريكي. وهو تحرك ليس جديدا لكنه متجدد في بيئة سياسية حاضنة له. فمع آخر أيام ترمب في الحكم، أصدرت لجنة مكافحة الاحتكار في المجلس تقريرا تحدث عن ضرورة مكافحة الاحتكار الذي تقوم به شركات التكنولوجيا العالمية ولا سيما العملاقة منها. بالطبع أثار هذا التقرير ضجة كبيرة، دفع القائمين على الشركات المستهدفة، خصوصا "أبل" و"مايكروسفت" و"أمازون" و"فيسبوك" و"جوجل"، ليس لفتح حوار سريع مباشر مع الجهات التشريعية، بل التجهيز لأي مواجهة مقبلة. ومع فوز بايدن بعد تقرير مجلس النواب بأسابيع أسرعت الشركات إلى إعداد أسلحتها لمعركة قد تنسب بأي لحظة.
الهدف من الإصلاحات التي تسعى السلطات الأمريكية لإدخالها، يبقى دائما إضعاف مركز شركات التكنولوجيا الاحتكاري. وهي وصلت إلى هذا المركز عمليا من خلال استخدام الكميات الهائلة من البيانات التي جمعتها عن المستهلكين والشركات الأخرى للتغلب على منافسيها. هذه الوضعية تقلل "بحسب الذين يلاحقون هذه الشركات" الابتكار من قبل الآخرين. بالطبع لا تتجاوز الشركات القوانيين التي تعمل على أساسها، إلا أن سلوكها يبقى منافيا للمنافسة الاقتصادية التي تشكل في البعد الأهم في الاقتصادات القائمة على أساس السوق. أضف إلى ذلك أن حجم الشركات نفسه يمثل مخاطر في نظر بعض المشرعين، ولذلك لا سبيل إلا بتفكيكها وبالتالي إضعاف احتكارها بما يتلاءم مع وتيرة الحراك الاقتصادي العام.
والحق أن الأرقام التي تخص "جوجل" و"أبل" و"فيسبوك" و"أمازون" و"مايكروسوفت"، تثير دائما شكوك المشرعين الأمريكيين. فهذه الشركات مثلا تمتلك ما لا يقل عن 89 في المائة من حصة السوق في أعمالها الخاصة. ومن المتوقع أن تمثل خمس إجمالي الأرباح المتراكمة بواسطة مؤشر "إس آند بي 500" الأمريكي بحلول 2023، في حين تبلغ قيمتها السوقية في الولايات المتحدة 7.6 تريليون دولار، ومبيعاتها ستتضاعف في العقد المقبل. وهذه الامتيازات التي لا تتمتع بها شركات أخرى في العالم أجمع، تحرك عجلة ما يمكن وصفه بإصلاحات الأوضاع الخاصة بشركات باتت مسيطرة على التكنولوجيا والمعلومات الخاصة بالمستهلكين ومستخدميها، علما أن بعض الفضائح ظهرت سابقا حول تسريب أو قرصنة معلومات من هذه الشركات عن المستهلكين وبيعها لجهات لتحقيق أهداف تجارية خالصة.
في الشهر السابع من العام الماضي، وقع جو بايدن أمرا تنفيذيا، يتضمن 72 إجراء وتوصية تشمل أكثر من 12 وكالة فيدرالية، وكلها تصب في محور واحد، وهو إعادة تشكيل التفكير حول قوانين دمج الشركات ومكافحة الاحتكار. بالطبع شمل الأمر عددا من القطاعات الأخرى، إلا أنه ركز بصورة أساسية على شركات التكنولوجيا، معززا بذلك تقرير مجلس النواب الأمريكي، الذي يواصل الدفع إلى آخر مدى، لخفض مستوى احتكارها للساحة، فضلا عن وضع معايير جديدة خاصة بحماية بيانات عملاء ومستخدمي خدماتها. ويبدو واضحا أن الأعوام المقبلة لن تكون سهلة على هذه الشركات من الناحية التشريعية وربما القانونية، فضلا عن المحاصرة التي تتعرض لها من جانب السلطات المختصة "بما فيها الأوروبية" على صعيد التهرب الضريبي، حتى التشغيل غير القانوني للأطفال في مصانعها في بعض الدول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي