صيد الكواكب

أعينهم معلقة بالسماء يرصدون كل حركة فيها ويركضون خلف كل ظاهرة. يجدون في ظلمة الليل شغفهم ويحملون أدواتهم بعيدا عن أضواء المدن وضجيجها. يستمتعون بمشاهدة الكواكب والنجوم والأحداث الجسام التي تدور في ذلك الكون البعيد على مدار العام، كتساقط الشهب وخسوف القمر وكسوف الشمس واصطفاف الكواكب، ويتدارسون كل ما يستجد هناك وعلاقته بما يحدث فوق الأرض!
تتشارك مخلوقات الله في هذا الكون الفسيح مكوناتها في دلالة على وحدة الكون وعظمة الخالق. يقول كارل ساجان، "يوجد النيتروجين في حمضنا النووي، والكالسيوم في أسناننا، والحديد في دمائنا، والكربون في فطائر التفاح خاصتنا كلها موجودة في قلب النجوم المنهارة".
هواة من كل التخصصات، أطباء، مهندسون، فنانون، وشباب لم يغادروا بعد مقاعد الدراسة، يجمعهم حب الفلك ويسحرهم سواد الليل وحديث الكواكب، ويحللون كل صورة تلتقطها التلسكوبات. هؤلاء هم "صائدو النجوم" فعلى الرغم من وجود مراكز ومعاهد ومراصد للكواكب والنجوم، إلا أن هؤلاء الهواة يلعبون دورا بارزا في إضافة كثير من الاكتشافات والمعارف لهذا العلم.
البداية تكون الرصد بالعين المجردة وحالما يجيدون ذلك سيرون كثيرا، فقط اسمح لعينيك بالتأقلم مع السماء. فعديد من النجوم والكواكب ذات لمعان كاف لملاحظته دون أي معدات، ولتحقيق رصد أفضل يمكن استخدام النظارة المعظمة كالتي تستخدم في مراقبة وصيد الطيور لتوضح لك المشهد أكثر وتمكنك من رؤية تضاريس القمر، وبعض المجرات والسدم وأقمار الكواكب الأخرى مثل المشتري، وقد ينتقلون إلى مرحلة أكثر دقة باستخدام التلسكوب إذا كانت إمكاناتهم المادية تسمح بذلك، شرط أن تكون قد تعرفت على السماء جيدا من خلال مراقبتك الطويلة لها، مع الاستعانة بخرائط النجوم التي توضح مواقع النجوم بدقة ولأي كوكبة تنتمي كل منها ومتى وكيف تجدها. وقد تتمكن من صناعة خريطة للنجوم بنفسك من خلال الاستعانة بأطلس النجوم أو أحد تطبيقات الهاتف التي تقدم لك محاكاة للسماء الموجودة أمامك أينما كنت باستخدام موقعك الجغرافي.
ومن أشهر أعمال صائدي النجوم مساهمتهم في 2009 في اكتشاف نحو 250 مجرة من مجموع مليون يملكون الصفات نفسها من حيث حجمها الصغير جدا ولونها الأخضر اللامع، لذا أطلقوا عليها اسم مجرات "البازلاء الخضراء" واتضح بعد ذلك أنها بالفعل مجرات نادرة جدا ونشطة جدا!
وفي 2021 اكتشف الفلكي الهاوي كيا لي قمرا لكوكب المشتري بعد فحصه عددا من الصور القديمة التي تم التقاطها للمشتري في 2003 بوساطة التلسكوب!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي