أثر رفع الفائدة للبنوك في المصارف الإسلامية
ترقب حول العالم لقرار الفيدرالي الأمريكي تجاه الفائدة، حيث تشير الدلائل إلى أن هناك قرارات في هذا العام تتجه إلى رفع الفائدة لأكثر من مرة، ما يعني أن المديونيات منخفضة التكلفة، والتمويل سيرتفع خلال الفترة المقبلة، والبنوك والمؤسسات المالية بدأت تتهيأ لحالة رفع الفائدة الأمريكية، ولذلك فمن المتوقع أن ترتفع تكلفة التمويل، كما أن إصدارات الصكوك الإسلامية ستكون أكثر ربحية مقارنة بالسابق، حيث إن البنوك المركزية حول العالم تتأثر بتوجه الفيدرالي الأمريكي فيما يتعلق بنسبة الفائدة، بل إن كثيرا من البنوك التجارية تتأثر حتى لو لم يتم تغيير نسبته لدى البنك المركزي في الدولة نفسها باعتبار أن كثيرا من المؤسسات المالية منكشفة على الأسواق الأمريكية وتتأثر بتحركاتها، كما أن العالم أصبح اليوم قرية صغيرة والارتباط والتشابك بينه عال جدا ويتأثر بعضه بعضا.
ولذلك فمن المؤكد أن هناك تأثيرا واضحا لرفع نسب الفائدة على المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، فرغم أنها منفصلة عن المؤسسات التقليدية من جهة طريقة التمويل ومصادره، إلا أنه مع توسع المصارف والتمويل الإسلامي أصبحت قدرتها التنافسية تتطلب مجاراة الأسواق فالتمويل الذي تقدمه في السوق ليس فقط خاصا بالجهات التي لا تتعامل مع التمويل التقليدي، بل دخلت في منافسة للتمويل التقليدي من خلال تقديم خيارات قد تكون أكثر تنافسية ومرونة، كما أن الصكوك الإسلامية التي تعد الأداة الأكثر نموا في قطاع التمويل الإسلامي أصبحت خيارا جيدا سواء للجهات التي تبحث عن التمويل أو المستثمرين، ويرتبط كثير من خياراتها بمؤشر نسبة الفائدة بين البنوك، ولذلك فإن تأثير رفع نسبة الفائدة المتوقع لدى كثير من البنوك المركزية بعد رفع الفيدرالي الأمريكي له سيكون واضحا على الأدوات المالية التي تقدمها المالية الإسلامية، ولعل أبرزها الصكوك الإسلامية التي يتوقع أن تحقق عوائد أفضل في هذا العام، ما قد يزيد الإقبال على شرائها وتداولها في الأسواق، وهذا سيحقق عائدا جيدا للمستثمرين، خصوصا المؤسسات المالية والصناديق التي تستثمر في هذه الأدوات خصوصا.
تعتمد المؤسسات المالية الإسلامية فيما يتعلق بموجوداتها على ودائع دون فوائد أو ودائع بعائد من خلال المرابحة أو المشاركة فيما يتعلق بالتمويل لهذه الأموال، وهذا قد يحقق عوائد أفضل للمؤسسات المالية الإسلامية إضافة إلى تدفق مزيد من السيولة على خيارات حسابات المشاركة، أو المرابحة التي أصبح معظم المصارف الإسلامية تقدمها كخيار لعملائها، وهذا يمكن أن يحقق وفرة بصورة أكبر للسيولة لتقديم التمويل لعملاء هذه المصارف، في المقابل سترتفع تكلفة التمويل، وفي هذه الحالة لا يوجد يقين أن الإقبال على التمويل سيكون بالوتيرة السابقة نفسها عندما كانت تكلفة التمويل منخفضة، ولذلك من الممكن أن يكون هناك طلب للتمويل أقل.
تبقى ميزة أن المودعين في المصارف الإسلامية غالبا لا يأخذون فوائد أو أرباحا عليها سيكون له أثر كبير في المصارف الإسلامية وعوائدها، لكن نلاحظ اليوم أن المؤسسات المالية الإسلامية أصبحت تبتكر خيارات لتشجع المودعين على إبقاء أموالهم لفترة أطول شريطة ألا يقل المبلغ الموجود في الحساب عن مبلغ معين كحد أدنى للاستفادة من هذه الأداة الاستثمارية، ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة أن يمثل هذا الخيار منافسة بين البنوك المتوافقة مع الشريعة والبنوك الأخرى التي تقدم خيارات متوافقة مع الشريعة للاستفادة من هذه الشريحة من المودعين الأفراد، حيث إن وجود هذه الخيارات للعملاء سيجعلهم يبحثون عن خيارات متوافقة مع الشريعة وبعائد جيد نسبيا في حال بقاء سيولتهم في الحساب، خصوصا مع التقلبات المتوقعة للأسواق في العالم التي بدأ يظهر أثرها في مؤشرات الأسواق في العالم، كما أن التضخم الذي يعانيه العالم اليوم قد يؤدي إلى انخفاض في أرباح مجموعة من الشركات.
الخلاصة: إن المصرفية والتمويل الإسلامي قد يستفيدان من رفع البنوك المركزية لنسب الفائدة، حيث يتأثر تسعير الربح الذي تأخذه المؤسسات المالية الإسلامية بتكلفة الإقراض في السوق باعتبار أن التمويل الإسلامي أصبح اليوم منافسا للتمويل التقليدي في كثير من الأسواق، كما أن الصكوك الإسلامية ستزيد عوائدها، ما يشجع المستثمرين على الإقبال عليها خلال الفترة المقبلة، ومن الخيارات التي يمكن أن تقدمها المؤسسات المالية الإسلامية لتشجيع المودعين على بقاء أموالهم خيارات حسابات المشاركة في الربح.