فن الإتقان

عندما يقدم الإنسان على أي عمل فإن هناك عددا من الخصائص التي لا بد من توافرها ليكون إنجاز ذلك العمل أو تلك المهمة على أفضل وجه، ويأتي في سلم أولوياتها الإتقان الذي يشمل عدة عناصر، منها أداء العمل دون خلل والالتزام التام بمتطلبات ذلك العمل من التقيد بالضوابط المتفق عليها، وأن يؤدي العمل في الوقت المحدد دون تأخير. الحق سبحانه وتعالى يقول، "صنع الله الذي أتقن كل شيء"، فالإتقان صفة محمودة وصف الله بها صنعه، وإذا أدرك الإنسان أن الكون الذي يعيش فيه مخلوق على هذه الهيئة من الدقة والإتقان، فإنه يجب عليه بالمقابل ألا يعمل شيئا اعتباطا عشوائيا دون نظام أو تخطيط أو إتقان. في الحديث، "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".
الإتقان بالمعنى العام يعني إحكام الشيء أي أداء العمل بإحكام دون خلل، فالإتقان يعد طريقا للتفوق في الحياة، بل وأسلوبا للتميز على الناجحين لأن الإنجاز عادة ما يتمه الجميع، ولكن الإتقان هو الإجادة في إتمام تلك المهمة بأفضل ما يمكن، وليس إنجازها فقط. الإتقان يدخل في كل الأمور على اختلافها فإتقان العلاقة بين العبد وربه غاية في الأهمية، بحيث يجب أن تكون خالصة وصوابا، وإتقان الإنسان علاقته مع الآخرين يعني أن تكون نزيهة صادقة ويشمل ذلك علاقته مع أهله وأولاده وأقاربه وجيرانه وتمتد لتشمل مجتمعه الذي يعيش فيه.
إتقان التعامل مع الوقت يعد أمرا بالغ الأهمية فاحترام المواعيد إتقان وإنجاز الأعمال في أوقاتها المحددة إتقان وحسن التعامل مع الزملاء إتقان، فالعمل دون إتقان مردود على صاحبه. "ارجع فصل فإنك لم تصل" قالها الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل حين رآه يصلي صلاة سريعة خالية من الإتقان لم يراع فيها الخشوع الواجب.
إذا فكل إنسان في أي مجال مؤتمن على أن يؤديه على أفضل وجه، فالعاملون في المجال الصحي مؤتمنون على أرواح الناس والمهندسون مؤتمنون في قضايا البناء إلى غير ذلك، فمصطلح الجودة الذي ظهر وشاع أخيرا وعقدت له المؤتمرات والندوات والدورات هو في حقيقته ليس بالأمر الجديد، فقديما قال شاعرنا،
فتعلم العلم الذي تختاره
لتجيده فالسبق للمتفرد
وإذا أردت كرامة من مهنة
أتقن فإن أتقنتها تتسود

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي