غياب المنهجية خطأ الاحتياطي الفيدرالي الكبير
اهتزت سوق الأوراق المالية من مستوياتها القياسية في الأسابيع الأخيرة، حيث واجه المستثمرون الذين يعتمدون على أسعار الفائدة المنخفضة لتبرير التقييمات الحادة، احتمال تشديد السياسة النقدية.
قد يكون هذا مقدمة لمزيد من الاضطراب. ويبدو أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يسير على حبل رفيع، مع احتمال حدوث خطأ في السياسة في كل جانب.
فمن ناحية، وصل تضخم الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة إلى معدل سنوي 7.1 في المائة في كانون الأول (ديسمبر)، ويبدو أن البنك المركزي الأمريكي وراء المنحنى لاحتوائه بينما يواصل توسيع ميزانيته العمومية، مع الحفاظ على سعر الفائدة القياسي على الأموال لليلة واحدة بالقرب من الصفر. ومن ناحية أخرى، ظهر ارتفاع التضخم في الوقت نفسه مع اضطراب العرض، والتضييق التدريجي للعجز المالي المرتبط بالجائحة ومؤشرات ضعف النشاط التجاري. هذا يترك الاحتياطي الفيدرالي في خطر تشديد السياسة في اقتصاد متباطئ.
مع ذلك قد تكون هذه المخاطر طفيفة مقارنة بالخطأ السياسي الذي ارتكبه الاحتياطي الفيدرالي بالفعل، من خلال التخلي عن إطار سياسة منهجية لأكثر من عقد، لمصلحة إطار تقديري بحت.
"المنهجية"، في هذا السياق، تعني إطار العمل حيث تحافظ أدوات السياسة مثل مستوى سعر الفائدة على الأموال لليلة واحدة على علاقة مستقرة بشكل معقول ويمكن التنبؤ بها مع البيانات الاقتصادية التي يمكن ملاحظتها مثل التضخم والعمالة و"فجوة الإنتاج" بين الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وإمكانات التوظيف الكاملة المقدرة.
تسمح السياسة المنهجية للأفراد والأسواق المالية بتوقع الموقف العام للسياسة النقدية بناء على البيانات التي يمكن ملاحظتها. في المقابل، السياسة التقديرية البحتة هي مثل الأبوة غير المستقرة.
في 1993، اقترح الاقتصادي في جامعة ستانفورد، جون تايلور، إطار عمل منهجي لتقييم ما ينبغي أن تكون عليه فائدة الأموال لليلة واحدة استنادا إلى مستوى التضخم وفجوة الإنتاج. تعكس قاعدة تايلور والقواعد الإرشادية ذات الصلة سعر الفائدة الفعلي لليلة واحدة بشكل معقول منذ 1950 حتى 2003.
يضعف التشابه بعد 2003، خاصة بعد 2009 بسبب التحولات في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك فإن انحراف سعر فائدة أموال الاحتياطي الفعلي لليلة واحدة عن الإرشادات المنهجية ليس له تأثير مفيد يذكر في النتائج الاقتصادية اللاحقة. هذا لا يعني أن السياسة النقدية ليست ذات صلة. بدلا من ذلك، تعكس فائدة السياسة النقدية مدى استجابتها بشكل منهجي للمتغيرات غير النقدية.
إن وصف تغيير طفيف في سعر الفائدة لليلة واحدة على أنه خطأ فادح في السياسة، يبالغ في تقدير الارتباط بين السياسة النقدية والنتائج الاقتصادية. تقدم المعلومات المتعلقة بموقف السياسة النقدية تحسنا طفيفا بشكل مفاجئ أو تأثيرا ملموسا في توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي ونمو العمالة والتضخم. وبالمثل، فإن العلاقة بين البطالة والتضخم العام في الأسعار أقرب إلى تناثر عيار ناري صغير من "منحنى" محدد بشكل جيد أو إطار سياسة يمكن التحكم فيه.
في نهاية المطاف، قد لا يكون لخطأ السياسة المركزية للاحتياطي الفيدرالي علاقة كبيرة بالسرعة التي يقلص بها مشترياته من الأصول، أو توقيت بضع الزيادات التالية في سعر الفائدة. بدلا من ذلك، قد يتبين أن الخطأ الجسيم في السياسة هو عواقب السياسة التقديرية على الأسواق المالية.
من خلال حرمان المستثمرين بلا هوادة من العائد الخالي من المخاطر، أنتج الاحتياطي الفيدرالي فقاعة مضاربة على جميع الأصول التي قد تترك المستثمرين الآن مع القليل من المخاطر لكن الخالية من العوائد. لا تزال التقييمات قائمة بالقرب من المستوى المتطرف.
من الصحيح أن أسعار الفائدة المنخفضة تشجع التقييمات المرتفعة لسوق الأسهم. لكن من غير المقدر أنه مع ارتفاع التقييمات، ألا تفعل أسعار الفائدة المنخفضة شيئا للتخفيف من عوائد السوق الضعيفة طويلة الأجل التي تتبع ذلك عادة.
في 1873، كتب الخبير الاقتصادي والصحافي، وولتر باجهوت، عن نفور المدخرين من معدلات الفائدة المنخفضة، "يستطيع جون بول تحمل أشياء كثيرة، لكنه لا يستطيع تحمل معدلات فائدة تبلغ 2 في المائة". وبغض النظر عن ذلك، فقد أرسل الاحتياطي الفيدرالي المستثمرين في 2003 للبحث عن عوائد من أجل بدائل لمعدلات الفائدة قصيرة الأجل 1 في المائة. ووجد المستثمرون هذا البديل في سندات الرهن العقاري، مع عواقب وخيمة في نهاية المطاف.
شجع الاحتياطي الفيدرالي الآن سلسلة مضاربة أوسع وأطول أمدا. ولا يمكن إطالة أمدها إلا بجعل عواقبها أسوأ. إن الطريق إلى الأمام هو الشروع في عودة معلنة جيدا للسياسة المنهجية، دون أن ننسى أبدا التساؤل عما إذا كانت الآثار الضعيفة للتقدير النقدي في النتائج الاقتصادية الحقيقية تستحق مخاطر الاستثمار السيئ والتشويه المضارب.
*مستثمر وخبير اقتصادي