بعد عامين من بدايتها .. هل انتصرت الصين على أمريكا في الحرب على الجائحة ؟

بعد عامين من بدايتها .. هل انتصرت الصين على أمريكا في الحرب على الجائحة ؟

على الرغم من أن فيروس كورونا ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية قبل أكثر من عامين فقد اتخذت بكين إجراءات سريعة لاحتواء الفيروس بشكل منع حدوث كارثة صحية بالنظر إلى عدد سكان الصين. لكن في المقابل سجلت واشنطن أعداد إصابات وفيات بالفيروس ضمن أعلى الأرقام على مستوى العالم.

البروفيسور نيل فيرجسون أحد المستشارين العلميين للحكومة البريطانية في أزمة الوباء قال في تقرير نشرته "بلومبيرج" : الأنظمة الاستبدادية تميل إلى التباهي بنفسها وتشويه سمعة منافسيها. وأضاف "الصين تحت رئاسة شي جين بينج ليست استثناء".

واستشهد بما كتبه هو شي جين رئيس تحرير صحيفة "جلوبال تايمز" السابق يوم 14 يناير حين قال "بينما كان كوفيد يحصد مئات الأرواح يوميا فى أمريكا كانت الآلة الدعائية في هذا البلد تقوم بتشويهات شرسة ضد سياسة الصين الديناميكية للوقاية من الأوبئة .. فكروا في ذلك .. 800 ألف أمريكي ماتوا من كوفيد ووراء هذه الأرقام كم عدد القصص المحزنة واليائسة هناك ؟".

كما كتب جو يان في "إيكونوميك ديلي" بعد 5 أيام من ذلك "تجربة وحقائق العامين الماضيين أظهرت أن الاستراتيجية العامة للصين للدفاع الخارجي ضد حالات الإصابة المستوردة والدفاع المحلي ضد عمليات التفشي هي سياسات الوقاية الأنسب للظروف الوطنية للصين علاوة على كونها مفيدة للعالم .. إن تقاعس بعض صانعي السياسات وأفعالهم الفوضوية هي التي تسببت في سقوط الشعب الأمريكي في أزمة الوباء مرارا وتكرارا".

ويتساءل فيرجسون: هل يمكن أن يكون الصينيون على حق؟ ومع وصولنا إلى الذكرى السنوية الثانية لجائحة كوفيد 19، ربما يكون الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو عدد الأمريكيين الذين فقدوا حياتهم مقارنة بعدد الذين لقوا حتفهم في الصين. كيف يمكننا تفسير هذا الاختلاف المذهل ؟.

ويقول إن الجواب البسيط هو أنه على الرغم من كونهم مصدر الفيروس الذي تسبب في الجائحة تمكن الصينيون من الاحتواء بنجاح كبير في حين أن أمريكا أفسدت كل شيء بدءا من الاختبارات إلى ارتداء الكمامات إلى الحجر الصحي.

ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك حيث يقولون كما تفعل دعاية الحزب الشيوعي الصيني إن "الاختلاف في عدد الوفيات يوضح تفوق النظام السياسي في الصين على الديمقراطية الفاسدة والمنغمسة في الذات في أمريكا". ويقول "مع ذلك لم يسبق لي أن اتفقت مع هذه الحجة الثانية ولم أعد راضيا عن الأولى".

وأوضح أن عدد الوفيات في أمريكا بلغ 883 ألفا بسبب كوفيد لتأتي في المركز الـ 20 من حيث أعلى معدل وفيات بالنسبة للسكان على مستوى العالم. ومعدل الوفيات الفعلي أعلى بـ 19% من الرقم المتوقع (مقارنة بنسبة 5% في كندا). وتوقع أن تتجه البلاد لتسجيل مليون حالة وفاة بحلول مايو.

والأمر الأكثر لفتا للنظر هو عدد الصينيين الذين لقوا حتفهم بسبب الجائحة وهو أقل من 5 آلاف شخص. وبالنظر إلى أنها نشأت في ووهان فإن هذا يعد إنجازا مذهلا.

وبطبيعة الحال يرى فيرجسون أن هناك ما يبرر التشكك دوما فيما يتعلق بالإحصاءات الصينية. ولكن حتى تقديرات مجلة الإيكونوميست التي تشير إلى احتمال وجود معدلات وفاة زائدة أعلى كثيرا في الصين، تشير إلى عدد وفيات نسبي أقل كثيرا مما هو عليه في الولايات المتحدة.

وبحسب فيرجسون هناك أمران يفسران حصيلة الوفيات المرتفعة بشكل ملحوظ التي عانت منها أمريكا في ظل هذا الوباء. أولا فشلت بيروقراطية الصحة العامة الأمريكية فشلا ذريعا.

في البداية عندما كنا نعرف القليل جدا باستثناء أنه كان معديا وخطيرا كانت الوكالات ذات الصلة راضية عن النفس بشكل مذهل عندما كان ينبغي لها أن تختبر وتتبع وتعزل بشكل محموم.

ويقول إنه الآن بعد أن أصبح لدينا لقاحات ذات فعالية عالية ومتحور يسبب أعراضا خفيفة تشبه أعراض الإنفلونزا لدى معظم الأشخاص الذين تم تطعيمهم يظل هناك تفاوتا في الإجراءات.

وأشار إلى أنه في الولايات التي يتم فيها تطعيم معظم الأشخاص مثل كاليفورنيا عادت المؤسسات التعليمية إلى التعلم عن بعد وينتشر ارتداء الكمامات في كل مكان حتى في الهواء الطلق.

كما أن مجموعة من اللوائح الثانوية لا تزال قائمة. وفي المقابل فإنه في الولايات التي بها أعداد كبيرة من الأشخاص غير المطعمين والعرضة للخطر لا تتخذ أي احتياطات تقريبا. وبالتالي تمتلئ وحدات العناية المركزة مرة أخرى.

وأوضح أنه في ظل موجة كوفيد الخامسة في أمريكا فإن الوفيات بناء على عدد السكان أعلى بالفعل من جنوب أفريقيا والدنمارك وبريطانيا التي ضربهما المتحور أوميكرون قبلها.

ويوضح أنه مع ذلك هناك سبب ثان لارتفاع معدل الوفيات في أمريكا نسبيا أثناء الجائحة والذي له علاقة بالمواقف العامة والسلوك. ويقول إنه بالمقارنة مع الأوروبيين الغربيين وبشكل خاص مع شرق آسيا فإن الأمريكيين لديهم تسامح كبير بشكل ملحوظ مع الوفيات الزائدة خاصة عندما تتركز بشكل كبير في الفئات الاجتماعية غير الممثلة تمثيلا سياسيا جيدا.

وينطبق الشيء نفسه فيما يتعلق بالزيادة النسبية في عدد الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية التي يتسامح معها الأمريكيون دون أن ننسى وفيات الجرعات الزائدة من الأفيون في العقد الماضي والتي لا مثيل لها في أي بلد متقدم.

وأخيرا يرى فيرجسون أنه في أمريكا اليوم أصبح كوفيد 19 أمرا بيروقراطيا بقدر ما هو حالة طبية. ويقول إنه بعد أن أصيب بأوميكرون في ديسمبر لا يزال هو  وعائلته يخضعون لعدد كبير من القواعد التي لا معنى لها على الإطلاق.

ويضيف "أرتدي كمامة بلا جدوى في الاجتماعات وعلى متن الطائرات. وأخضع بلا طائل لاختبارات كوفيد العادية كما أملأ بلا جدوى استمارات على الانترنت تشهد على صحة أطفالي".

الأكثر قراءة