العدادات الذكية ومراجعة المكتسبات "2 من 2"

في عام 2016 خلصت الحكومة السويدية إلى ضرورة تطوير الحد الأدنى من وظائف العدادات الذكية قبل طرح الجيل الثاني منها، وكلفت الهيئة التنظيمية الوطنية للطاقة National Regulatory Authority for Energy بإعداد قواعد جديدة تتعلق بالحد الأدنى من وظائف العدادات الذكية عام 2017. وحسب دراسة تتبع إلى الهيئة بالوضع القائم عام 2012 فإن مشروع العدادات الذكية ينقصه معلومات الأسعار بالساعة والأهم عدم وجود مواصفات فنية متوافق عليها، وتعد الأخيرة من الأسباب التي حدت من فوائد استخدام العدادات الذكية بصورة أعم وأشمل. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، قدمت الهيئة مقترحا نهائيا بشأن مراعاة الحد الأدنى من المتطلبات الوظيفية للعدادات الذكية إلى الحكومة، وتركزت المتطلبات المقترحة على توفير مزيد من المعلومات إلى المستهلكين من أجل زيادة اهتمامهم بها وتنشيط تفاعلهم، وكذلك مزيد من المعلومات إلى مشغلي نظام التوزيع لزيادة كفاءتها التشغيلية. وعلاوة على ذلك ينص المقترح على حماية خصوصية المستهلكين وأمنية البيانات.
ويغطي الحد الأدنى من المتطلبات الوظيفية المجالات التالية: القياس الممتد Extended Measurement، وقياس الطاقة النشطة كل ساعة أو 15 دقيقة وكذلك أي انقطاع كهربائي محتمل، وواجهة العميل Customer Interface، وجمع البيانات المقاسة عن بعد، وأخيرا تحديث البرامج والإعدادات للعدادات الذكية عن بعد إضافة إلى التحكم بها. ويجب أن تفي هذه المتطلبات الوظيفية إلى كل العدادات في شبكة الجهد المنخفض بحلول عام 2025، وسيتم استبدال عديد من عدادات الكهرباء الحالية في السويد في غضون الأعوام القليلة المقبلة والتأكد من تضمين الحد الأدنى من المتطلبات الوظيفية للعدادات الذكية إلى جميع المستهلكين.
من المشاهد أن التجربة السويدية تمثل مجالا خصبا في مراجعة المكتسبات وتحديد الوجهة الجديدة إلى الجيل الثاني حيث تعد مشاريع العدادات الذكية ذات الطابع المتواصل ولا تتوقف بانتهاء المشروع حيث إن التقدم الفني ومراجعة المكتسبات وتحديد الأخطاء ومحاولة التخفيف منها في جولات مقبلة ضرورة قصوى من أجل تعظيم الفوائد إلى مقدم الخدمة والعملاء والمجتمع. حيث تعد المشاريع الخدماتية ذات طابع تصاعدي في الأداء ولا يصح تكرارها أو اعتماد نطاق العمل السابق نفسه لأن من الضروري مراجعة الدروس المستفادة ثم تحديث نطاق العمل ومخرجات المشروع.
ورغم دخول الحكومة السويدية مع المنظم و150 مشغل نظام للتوزيع والعملاء والعامة في دوامة مراجعة المقترح بشأن مراعاة الحد الأدنى من المتطلبات الوظيفية للعدادات الذكية، إضافة إلى دراسات فنية واقتصادية وقانونية مرهقة، فقد كان المقترح في محله ولاقى القبول من الوسط السويدي. وفي الختام، تمثل مراجعة المكتسبات لأي مشروع خدماتي تغذية رجعية وتحسين القرارات ورفع الكفاءة التشغيلية وجودة الإنفاق.
وفي هذا السياق لا بد أن ننوه بنجاح التجربة السعودية في مشروع العدادات الذكية لكن نرى ضرورة مراجعة المكتسبات من خلال سن مؤشرات أداء رئيسة ومراجعتها دوريا في مجال الاتصالات والمواصفات والمقاييس وتخزين البيانات وأمنها وغيرها، ومن ثم تضمين مجالات التحسين الضرورية التي قد تتطلب اجتماعات مكثفة مع أصحاب المصلحة. وقد يكون مجال التحسين في مواءمة نظام العدادات الذكية مع غيرها. على سبيل المثال لا الحصر، قيام الشركة السعودية للكهرباء بإعداد وتنفيذ خطة نوعية لإنشاء كيان مشغل لنظام التوزيع أو عدد من المشغلين، ومن ثم ربط نظام العدادات الذكية بها لأن هذا من شأنه أن يمثل نقلة نوعية للمشروع ولا سيما البيانات المرسلة والتحكم بشبكة التوزيع، الأمر الذي سيؤدي إلى تمكين عدد من التقنيات المستجدة مثل المركبات الكهربائية ومشاريع الطاقة المتجددة وغيرهما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي