هل من نهاية في الأفق لاضطراب سلسلة التوريد؟
يعرف بوب بيسترفيلد أعماق أزمة سلسلة التوريد العالمية بشكل مباشر – فلديه عمال نقل يقومون بتفريغ أزياء الهالوين من الحاويات في مجمع الموانئ في لوس أنجلوس ولونج بيتش.
بالنسبة إلى رئيس شركة سي إتش روبنسون، أكبر وسيط شحن في أمريكا الشمالية، فإن الشحنات المتأخرة لأزياء مصاصي الدماء، والأشباح، والساحرات تقدم توضيحا مثاليا للاضطراب في الشحن البحري خلال الـ18 شهرا الماضية. إن نحو 90 في المائة من التجارة العالمية تجري عن طريق البحر، وقد أدت هذه المشكلات اللوجستية إلى اضطراب الشركات في جميع أنحاء العالم.
لقد أدت حالات تأخير السفن القياسية إلى انسداد الموانئ واكتظاظ المخازن، ما زاد من اضطراب الإمدادات الناجم عن أزمة أشباه الموصلات ونقص البتروكيماويات. وكان على الشركات الصغيرة أن تكافح بضراوة لتأمين مساحة على سفن الحاويات للحفاظ على حركة الإنتاج والمبيعات بينما تواجه ضغط التدفق النقدي لأنها تمتص أسعار الشحن التي ارتفعت بشكل هائل - زادت سبع مرات عن متوسط مستويات ما قبل الجائحة - وتزايد المخزونات. لقد عانى المستهلكون ذلك من خلال الرفوف الفارغة، ومحدودية توافر المنتجات وارتفاع الأسعار.
جنز بيورن أندرسن، الرئيس التنفيذي لشركة دي إس في للشحن، إحدى أكبر مجموعات الخدمات اللوجستية في العالم المحصورة حاليا بين خطوط الشحن المخيبة للآمال والعملاء الغاضبين، يصف الوضع بأنه "أسوأ ما رأيته" بعد أكثر من ثلاثة عقود في الصناعة.
كشفت اختناقات الشحن عن أحد أخطر التهديدات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي عندما يخرج من الجائحة: ما إذا كانت ستستمر الاختناقات في جميع أنحاء العالم أو ما إذا كان الشحن سيبدأ في التدفق مرة أخرى في عام 2022. إذا استمرت الاختناقات، ستظل تكاليف الشحن مرتفعة، وستكون مساحة البضائع على السفن محدودة، وسيتعين على تجار التجزئة والمصنعين تحمل حالات تأخير مزمنة. ويمكن أن يؤدي ذلك بدوره إلى زيادة التضخم، ودفع الاضطرابات في سلسلة التوريد، وتسريع اندماج شبكات الشحن، محدثا تغييرا جذريا في التجارة العالمية.
أثناء الجائحة، كان على صناعة شحن الحاويات أن توفق بين الزيادة الهائلة في طلب المستهلكين على البضائع وحقيقة خفض السعة أثناء حالات الإغلاق الأولية في النصف الأول من عام 2020. نتيجة لذلك تم فقدان السيطرة على نظام متزامن للغاية.
يقول راندي تشين، نائب رئيس مجلس إدارة شركة الشحن التايوانية، وان هاي لاينز للعمليات اللوجستية العالمية: "لقد اعتدنا العمل على طريق سريع مكون من ثمانية مسارب، ثم قلصنا الطريق السريع بمقدار النصف. لقد كانت صناعة الشحن هي أول من أعادها إلى ثمانية ممرات". يضيف أن الأمر كان أكثر صعوبة بالنسبة إلى الموانئ، والمستودعات والشاحنات - التي تعاني جميعها نقص العمالة المرتبط بكوفيد - أن تفعل الشيء نفسه.
زاد إغلاق الساحات في العام الماضي في اثنين من أكثر موانئ الحاويات الخمسة ازدحاما في العالم، شينزن ونينغبو - تشوشان في الصين، بعد حالات تفشي صغيرة لفيروس كوفيد، إضافة إلى انسداد قناة السويس بواسطة سفينة عملاقة بطول 400 متر، الذي زاد من حدوث حالات التأخير. يضيف تشين: "في كل مرة نواجه فيها حادثة تتعلق بكوفيد، يكون الأمر بمنزلة حادث سيارة يوقف جميع المسارب الثمانية".
الآن، أدى انتشار المتحور أوميكرون إلى وضع صناعة الشحن على حافة الهاوية، في انتظار العثرة التالية التي قد تعرقل العمليات. ففي أوروبا، أدت عمليات الإغلاق قبل عيد الميلاد في بعض البلدان والقيود الإضافية في بلدان أخرى إلى زعزعة الثقة. وتتجه معظم الأنظار إلى ما تفعله الصين – وهي موطن سبعة من أكبر عشرة موانئ للحاويات في العالم بما فيها أكثر موانئ الحاويات ازدحاما، شنغهاي - بعد ذلك. بكين، التي تطبق سياسة وطنية لمكافحة فيروس كورونا، وضعت مدينة شيان المركزية التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة قيد الإغلاق في كانون الأول (ديسمبر)، وحظرت هونج كونج مؤقتا رحلات الركاب من ثماني دول، من بينها الولايات المتحدة؛ وتم إغلاق مدينة نينغبو جزئيا الأسبوع الماضي استجابة لحالات فيروس كورونا الجديدة.
إن احتمال استمرار مشكلات سلسلة التوريد التي شهدها عام 2021 يملأ الشركات بالرعب. تقول جوانا أوركاوف، مديرة شركة كيه تي إم النمساوية لصنع الدراجات الهوائية: "إن مستودعنا ممتلئ لكن هناك دائما جزءا أو جزأين مفقودين".
إريك ييم، مدير شركة تشاينا ميرشانتس بورت هولدينجز التي تدعمها الدولة، يقول إن "الطريقة الوحيدة" لاستعادة النظام في سلسلة التوريد هي تحقيق توافق أوثق بين الحكومات بشأن تدابير فيروس كورونا من خلال بروتوكول معترف به دوليا ومصمم لحماية عمال النقل الأساسيين. يضيف أن ذلك يجب أن يقترن بالإبقاء على البنية التحتية الحيوية مثل الموانئ مفتوحة والتحذيرات المبكرة من المعوقات.
سايمون هيني، وهو محلل في شركة دروري للاستشارات البحرية، متشائم ويعتقد أننا سنشهد تغييرا جذريا هذا العام. يقول: "كنا نتوقع أن يكون هناك مزيد من التحسن في سلاسل التوريد التي سيتم فتحها بحلول هذه المرحلة. في الواقع، ساءت الأمور". يضيف: "لدينا المزيد من الملاحظات التي تخبرنا عن مدى عمق الأزمة التي تواجهها الخدمات اللوجستية الداخلية (النقل بالشاحنات والموانئ)".
كل العيون على الصين
من العوامل الرئيسة فيما إذا كان من الممكن للسفن العابرة للمحيطات استعادة بنية تحتية موثوقة للتجارة العالمية في عام 2022 هي قوة الطلب على البضائع الاستهلاكية - إذا ظل قويا، فسيكون من الصعب إنهاء الأعمال المتراكمة. فنحو 60 في المائة من الإنفاق من قبل المستهلك الأمريكي يذهب عادة إلى البضائع والباقي للخدمات، لكن هذا ارتفع إلى 65 في المائة، وفقا لبرنشتاين. نتيجة لذلك، ارتفعت واردات الولايات المتحدة 20 في المائة تقريبا في أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) 2021 مقارنة بالفترة نفسها عام 2019.
الطلب على شحن الحاويات يميل إلى الارتفاع في الأسابيع التي تسبق العام الصيني الجديد - في أوائل شباط (فبراير) - عندما تغلق المصانع مؤقتا وتتراجع الصادرات. قد يكون هذا الوقت الذي قد نشهد فيه بعض التحسن، كما يقول جون بيرسون، الرئيس التنفيذي لشركة دي إتش إل إكسبرس.
لكن المسؤولين التنفيذيين في مجال الشحن يقولون إن العام القمري الجديد سيتبع على الأرجح إعادة ملء المخزونات المستنفدة – التي تحوم عند أدنى مستوياتها التاريخية في الولايات المتحدة - والتي قد تصل إلى ذروة موسم الصيف لشحن الحاويات لتسليم بضائع الجمعة السوداء وأعياد الميلاد في 2022.
يقول رون ويدوز، المدير التنفيذي السابق للشحن ورئيس شركة فليكسي فان، التي تؤجر أحد أكبر أساطيل المقطورات في أمريكا الشمالية – وهي إطارات فولاذية متصلة بكابينة الشاحنات وتنقل الحاويات - إن الانخفاض المستمر في تدفق الشحنات من شأنه أن يساعد في استعادة الإنتاجية، والتخلص من الحاويات الفارغة، والتعامل مع الأعمال المتراكمة، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك بسرعة.
بدلا من ذلك يتوقع مزيدا من التعثر في إيصال المنتجات إلى السوق، نتيجة توقف محتمل لبعض الصناعات الصينية خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في شباط (فبراير) في بكين، إضافة إلى قواعد الحجر الصحي الصارمة الخاصة بفيروس كورونا بالنسبة إلى البحارة. يقول: "الأمر يتعلق بالتقلب بقدر ما يتعلق بالحجم المطلق". ليس جميع عملاء شركات الشحن مقتنعين بالازدهار المستدام في الطلب. فقد اضطر بعضهم لدفع نحو 15 ألف دولار من أجل نقل حاوية 40 قدما من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، أي عشرة أضعاف السعر قبل الجائحة. ومن المقرر أن تستمر تكاليف النقل في الارتفاع هذا العام حيث يتم تقييد أسعار السوق الفورية الآخذة في الصعود في عقود الشحن السنوية، التي هي قيد التفاوض في الوقت الحالي. بينما يقول عملاء آخرون إن إثارة الخوف من فوضى الشحن المحتملة هذا العام تبدو وكأنها استراتيجية للمساومة تم التخطيط لها من قبل شركات النقل.
يقول جيمس هوكهام، الرئيس التنفيذي لمنتدى شركات الشحن العالمية، وهي مجموعة تمثل المستوردين والمصدرين، إن عودة السياحة والضيافة والخدمات الأخرى، إضافة إلى ارتفاع فواتير المستهلكين ومعدلات الفائدة المرتفعة يمكن أن تؤدي جميعها إلى تخفيف الطلب على البضائع.
يقول هوكهام الذي يعتقد أن الاختناق في الشحن يمكن أن يخف في غضون أسابيع بمجرد أن يبدأ المستهلكون في الشعور بالضيق: "أنا لا أصدق الضجيج الذي يقول إننا سنعاني هذا الوضع معظم الوقت في عام 2022". يضيف: "استمرار ارتفاع مستويات الطلب على شحن الحاويات ليس حتميا".
حل الأزمة في الولايات المتحدة
تعد مشكلات النقل عالمية وتؤثر في الشركات والمستهلكين بدءا من ساو باولو حتى طوكيو. لكن بعض المديرين التنفيذيين والمحللين يعتقدون أن أحد اختناقات عنق الزجاجة، أكثر من غيره، قد يكون المفتاح لإنهاء الاضطراب: الميناءين المتجاورين، لوس أنجلوس ولونج بيتش، اللذين يعدان بوابة الولايات المتحدة للواردات الآسيوية. فقد أسهمت بنيتهما التحتية التي عفا عليها الزمن وعدم القدرة على العمل 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع مثل الموانئ الآسيوية، في التسبب في هذا الاختناق الشديد.
لقد أصبح طول طابور السفن المصطفة خارج الميناء مقياسا لاضطرابات سلسلة التوريد في جميع أنحاء العالم. وفي حين امتد هذا الطابور عدة أميال في عمق البحر بسبب القوانين الجديدة، فإن العدد الفعلي لسفن نقل الحاويات المنتظرة – الذي تخطى 100 سفينة يوم الخميس الماضي - وصل إلى مستوى قياسي. ساهم ميناء لوس أنجلوس/لونج بيتش بنحو 22 في المائة من طاقة الشحن التي تنتظر الرسو على مستوى العالم يوم الثلاثاء الماضي، وذلك وفقا لمجموعة كوهني + ناجيل، وهي مجموعة لوجستية سويسرية.
قال ألان ميرفي، المحلل في شركة سي-إنتيليجانس الاستشارية، أثناء اجتماع لخبراء الشحن في كانون الثاني (ديسمبر): "إذا استطعنا حل مشكلة أمريكا الشمالية، فستكون هناك طاقة كافية لبقية النظام".
لكن تخفيف الاختناق في الولايات المتحدة يبدو بعيدا كل البعد عن البساطة. يقول يورغ وول، رئيس مجموعة كوهني + ناجيل، إن عدم الكفاءة في الموانئ ونقص سائقي الشاحنات – وكلتا المشكلتين لا تتوافر لهما حلول قصيرة الأجل - يعني أن النظام لم يكن قادرا على مواكبة زيادة الطلب.
يأمل وول في حدوث بعض الانفراج في مشكلة نقص العمالة مع عودة العمال ترديجيا إلى العمل، لكنه يعتقد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت. قال: "سنكون محظوظين وسعداء إذا شاهدنا انفراجا حقيقيا (في النظام) مع حلول الخريف".
ويعد عدم وفرة المعدات عاملا آخر في زيادة العبء. فلدى الولايات المتحدة الآن مقطورات نقل أقل 4 في المائة مما كان لديها في عام 2018، وفقا لشركة الاستشارات أيه سي تي ريسيرش، على الرغم من الارتفاع في الطلب. يقول بيسترفيلد، من سي إتش روبنسون، إن صانعي الهياكل الفولاذية والمقطورات لن يكونوا قادرين على إنتاج ما يكفي منها لحل الأزمة قبل النصف الثاني من عام 2022.
المفاوضات مع العمال في لوس أنجلوس/لونج بيتش الذين تنتهي عقودهم في تموز (يوليو)، تلقي بمزيد من الظلال على العودة إلى الحياة الطبيعية. في 2015 لم يتم التوصل إلى اتفاق إلا بعد تدخل إدارة أوباما، وذلك بعد تسعة أشهر من المحادثات المستمرة. يقول بيتر ساند، كبير المحللين في شركة زينيتا لتزويد البيانات الخاصة بصناعة الشحن ـ مقرها أوسلو، إن المحادثات مع عمال الموانئ، التي عادة ما تركز على بالأجور والأتمتة، ستؤدي بالتأكيد إلى "نوع من الاضطراب الذي لا مفر منه".
الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه
في العقد الذي سبق جائحة كورونا كان شحن البضائع في الحاويات رخيصا جدا لدرجة أن الصناعة، التي ابتليت بالطاقة الزائدة، كانت تجد صعوبة في تحقيق الأرباح. فقد أفلس بعض شركات النقل فيما شكلت أكبر خطوط الشحن في العالم ثلاثة تحالفات، وتقاسمت المساحة المتوافرة على متن البواخر في الرحلات. أما الآن، فتتحكم شركات النقل التسع الكبرى في العالم في 83 في المائة من الحمولة.
هذا التحالف، إضافة إلى ندرة الاستثمار في السفن الجديدة قبل الجائحة وتشديد اللوائح المتعلقة بانبعاثات الكربون، أدى إلى أن يخلص كثير من المعلقين إلى أن الأسعار المرتفعة ستستمر في صعودها.
وأصبحت توقعات تشير إلى أن العالم سيتعين عليه أن يتعلم كيف يتعايش مع أسعار الشحن الباهظة، جزءا من نقاش يدور حول العلاقة بين تكاليف الشحن والتضخم. يقول المسؤولون التنفيذيون في الصناعة إن التكاليف، حتى إذا تمت مضاعفتها عشر مرات، لا تزال تشكل جزءا صغيرا من السعر الذي يدفعه المستهلك مقابل المنتج. لكن تقريرا صادرا عن الأمم المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) توقع زيادة 1.5 في المائة في التضخم العالمي بسبب الشحن - وأكثر من ذلك بالنسبة إلى المنتجات الأقل قيمة مثل الأثاث والبضائع عالية التكنولوجيا التي تحتوي على آلاف المكونات التي تعبر المحيطات.
أثارت أزمة الشحن أيضا تساؤلات حول الهيئة التي تتطور البنية التحتية عليها والتي تدعم التجارة الدولية والازدهار الاقتصادي.
بحسب سكوت برايس، رئيس يو بي إس إنترناشونال، إحدى النتائج التي أدت إليها الـ18 شهرا الماضية هي إحداث "نقلة نحو نماذج جديدة لسلسلة التوريد" مع نقل الشركات إنتاج السلع المعقدة إلى مكان أقرب من المستهلكين – بغرض مكافحة تكاليف النقل المرتفعة ونتيجة لنهاية عصر اليد العاملة الصينية الرخيصة.
تأتي هذه التوقعات في الوقت الذي تنشر فيه خطوط الشحن مزيدا من السفن في الممرات المربحة. وقد نمت الحمولة المخصصة للمرات بين أمريكا الشمالية وآسيا 30 في المائة بين كانون الثاني (يناير) وكانون الأول (ديسمبر) 2021، وفقا لبيانات شركة ألفالاينر الاستشارية. في حين أن كثيرا من هذه الطاقة الإضافية قد انتهى بها المطاف تنتظر بعيدا عن الشاطئ، انخفضت الطاقة التي تخدم إفريقيا أو الرحلات بين الدول الآسيوية 3.3 في المائة ونحو 10 في المائة، على التوالي، خلال الفترة نفسها.
كما خفضت شركات الشحن عدد حجوزات الموانئ (لوصول البواخر، أو اصطفافها، أو مغادرتها) لشبكات بواخرها بشكل كبير في النصف الثاني من عام 2021. وتراجع اصطفاف البواخر في أكبر خمسة موانئ في آسيا وشمالي أوروبا في الدورات الأسبوعية بمقدار الربع منذ عام 2016، وهي ظاهرة تسارعت أثناء الجائحة فقط، بحسب ألفالاينر. يقول لارس ميكائيل ينسن، رئيس شبكة المحيطات العالمية في شركة ميرسك، إن التحول إلى نموذج "المركز والنقاط الفرعية" - الذي تعتمده مجموعة الشحن الدنماركية - سيساعد في استعادة الثقة.
قال: "بدلا من وصول الشحنة إلى كل ميناء بشكل مباشر، فإننا نضعها في بواخر مغذية عند إحدى نقاط الالتقاء". أضاف: "وبهذا ستصبح الشبكة أقل اعتمادا على حالات التأخير الفردية في الموانئ (...)هذا شيء نتطلع إلى القيام به بدرجة أكبر في المستقبل القريب".
لكن هذه المرحلة التالية من توحيد الصناعة تثير قلق الخبيرة الاقتصادية في مجال النقل أنتونيلا تيودورو، من شركة إم دي إس ترانسمودال الاستشارية. يظهر تحليلها انخفاضا 12 في المائة منذ بداية عام 2019 في عدد البلدان التي ترتبط بها الدول الإفريقية بشكل مباشر، ما يجعل التجارة أكثر تكلفة.
تقول تيودورو: "من المفترض أن يؤدي تقليل الاتصال المباشر بالنسبة إلى الاقتصادات الصغيرة إلى قض مضجع بعض المنظمين". تضيف: "هذا الأمر لا يتعلق بعدم حصولنا على هدايا أعياد الميلاد في الوقت المناسب ولكنه يتعلق بتدهور (الوضع الاقتصادي) للبلدان التي تركتها العولمة خلفها".
شون فان دورت، رئيس الخدمات اللوجستية لهيئة التجارة، منتدى رابطة الملابس المشتركة في سريلانكا، يردد صدى المخاوف ذاتها. فقد قام عدد أقل من السفن بإجراء اتصالات مباشرة مع المركز التجاري في كولومبو لتسليم الأقمشة والمنسوجات الخيطية والإكسسوار من شرق آسيا، التي يحتاج إليها موردو الملابس من أجل تصنيع العلامات التجارية متعددة الجنسيات.
قال: "لقد اضطر عديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى الإغلاق الكامل أو المؤقت لأنها لا تملك القدرة المالية على دفع تكاليف شحن البضائع جوا"، مضيفا أن خطوط الشحن "كالعثة التي تحوم حول ألسنة اللهب وتذهب إلى حيث أسعار الشحن الأعلى".
أما بالنسبة لأصحاب البضائع الذين يواجهون أقسى ما في هذه الاضطرابات، فإن صناعة الشحن البحري حذرت من فترة انتظار طويلة قبل أن يسمعوا الأخبار الجيدة.
أندرسين، من دي إس في، الذي يعتقد أن العامين الماضيين كانا السبب وراء التغيير الجوهري في صناعة الخدمات اللوجستية، يقول: "لا أعتقد أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه أبدا. إذا كانت ’العودة إلى ما كانت عليه‘ تعني العودة إلى الوضع الذي كان قبل كوفيد، فلأكن صريحا معكم، لا أعتقد أننا سنعود (إلى ذلك الوضع) أبدا".