هل تعبر السوق عن غضبها بطريقة صبيانية أم تبقى هادئة؟
مر أسبوع التداول الأول من 2022 بضجة كبيرة في الأسواق المالية، وأرسل رسالة واضحة مفادها أن هذا العام لن يكون لأصحاب القلوب الضعيفة.
لأكون منصفا، أدرك المستثمرون والمحللون أنه من المحتمل أن يكون هذا العام مفعما بالنشاط. أوضح بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - رئيس رجال الإطفاء في الأسواق - أنه كان بصدد إنهاء التحفيز في عصر كوفيد في مواجهة التضخم المتضاعف. في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المعني بوضع السياسات في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كان قد صعد بالفعل بالوتيرة التي سيقلل بها شراء الأصول فيما أصبح يعرف باسم "المحور المتشدد".
مع التقدم في هذا العام، لا يتطلب الأمر خبيرا في الأسواق لمعرفة أن الانسحاب الكامل للدعم وإدخال زيادات في أسعار الفائدة الأمريكية "هل تتذكرها؟" سيشكل بيئة مليئة بالتحديات للأصول الخطرة التي يضخها سخاء الاحتياطي الفيدرالي إلى الأعلى. بعبارات عامة الناس، ما يصعد يجب أن ينزل. لذلك، كان مديرو الصناديق مستعدين للتقلبات. حتى لو انتهى بنا الأمر إلى ارتفاع في مؤشرات الأسهم الرئيسة بحلول الوقت الذي ينتهي فيه العام، فإن الانتكاسات لا مفر منها.
ومع ذلك، فإن إصدار محضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع ترك بصمة.
قالت سوليتا مارسيلي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في الأمريكيتين في جلوبال ويلث مانجمنت يو بي إس، "عادة ما يكون المحضر هادئا، لكن بعض البيانات تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي على استعداد لرفع أسعار الفائدة في وقت أقرب وأسرع مما كان يفترضه المستثمرون". وتقر أنها مع كثير من المستثمرين الآخرين، قد فوجئوا إلى حد ما.
إضافة إلى الإشارات التي تدل على أن الاحتياطي الفيدرالي يبحث في تفاصيل كيفية تقليص ميزانيته العمومية البالغة تسعة تريليونات دولار، دفعت محاضر الأربعاء الماضي المتداولين إلى رفع الرهانات على رفع سعر الفائدة في أقرب وقت في آذار (مارس).
قال ماركوس ألينسبات، رئيس قسم أبحاث الدخل الثابت في شركة جوليوس باير، "ما يبعث الدهشة في السوق، هو أن واضعي الأسعار يتفقون على أن الميزانية العمومية بحاجة إلى تخفيض أسرع حتى من 2018، وهي حادثة في الأغلب ما ينظر إليها على أنها خطأ في السياسة".
كانت أسهم شركات التكنولوجيا عالية المضاربة في المقام الأول، وهو ما كان متوقعا بدرجة كافية. أو كما قال هاني رضا، مدير المحفظة في "بين بريدج انفستمنت"، " أسهم شركات التكنولوجيا المضاربة تتحطم" منافس مبكر لأسعار الأسواق لهذا العام.
أغلق مؤشر ناسداك المركب للتكنولوجيا الثقيلة على انخفاض بأكثر من 3 في المائة الأربعاء في أسوأ أداء له منذ ما يقرب من عام. صندوق "كاثي وود" الرئيس المتداول في البورصة، الذي اشتهر برهاناته على شركات التكنولوجيا غير المؤكدة التي لم تحقق أرباحا بعد، استمر في مسيرته البائسة، ما أدى إلى انخفاضه 10 في المائة تقريبا هذا العام فقط. كما عانت العملات المشفرة، أكثر الرهانات المضاربة على كوكب الأرض، مع انخفاض عملة البيتكوين 10 في المائة تقريبا عند
41450 دولارا للفرد الواحد. بصرف النظر عن الانهيار المفاجئ في عطلة نهاية الأسبوع في أوائل كانون الأول (ديسمبر)، فإن هذا الانخفاض هو الأدنى منذ تشرين الأول (أكتوبر).
كما تعرضت أسعار السندات الحكومية لضربة قوية. أنهت عوائد السندات الحكومية الأمريكية القياسية لأجل عشرة أعوام
لـ2021 عند 1.5 في المائة فقط، وهو أقل بكثير من معظم التوقعات. لكنها اكتسحت ما يصل إلى 1.75 في المائة. وهذا يؤدي حتما إلى إضعاف الجاذبية النسبية للاستثمارات المضاربة طويلة الأجل.
كل هذا يهيئ المسرح لحدوث شد وجذب بين الاحتياطي الفيدرالي ومديري الصناديق هذا العام. يشير مارك داودينج، كبير مسؤولي الاستثمار في "بلو باي آسيت مانجمنت" إلى أنه في هذه العملية، تم تصميم رسائل بنك الاحتياطي الفيدرالي بإحكام.
"في العام الماضي، أراد بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك بحذر شديد بعيدا عن كونه شديد التيسير إلى كونه أكثر حيادية. لم يرغب في زعزعة الأسواق، وأراد السير بحذر شديد. لكنه اتخذ أخيرا خطوات صغيرة لمعرفة ما إذا كان السوق سيعبر عن غضبة بطريقة صبيانية".
بعد القرار الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر، أحد محافظي البنك المركزي، زرع بقوة فكرة أن رفع أسعار الفائدة يبدأ في آذار (مارس) لمعالجة "التضخم المرتفع بشكل ينذر بالخطر". التحقق من غضب السوق، لا يزال هادئا.
ثم في بداية 2022، قبل إصدار المحضر مباشرة ومع استمرار اقتراب مؤشرات الأسهم من مستويات قياسية، أعطت صحيفة "وول ستريت جورنال" بعض المتذوقين حول تفكير صانعي السياسات، حيث ذكرت أن المسؤولين "بدأوا في تحديد كيف ومتى" سيبدأ تقليص الميزانية العمومية للبنك المركزي. التحقق مرة أخرى، ما زال غضب السوق صامدا.
قال داودينج، "اتضح أن الأسواق مرتاحة لثلاثة ارتفاعات هذا العام، وثلاثة ارتفاعات في العام التالي، التي لا تزال تصلنا إلى 1.5 في المائة فقط بحلول نهاية 2023".
بعض الزبد تم نثره بالتأكيد. لكن الانخفاض في مؤشر الأسهم القياسي إس آند بي 500 في الولايات المتحدة بنحو 2 في المائة على مدار الأسبوع بالكاد يكفي ليحث الاحتياطي الفيدرالي لمحاسبة نفسه بشأن بعض الأخطاء الفادحة. وبشكل حاسم أيضا، فإن الانخفاضات التي شهدناها كانت من مستويات مرتفعة للغاية.
لا يزال من المرجح أن يفكر بنك الاحتياطي الفيدرالي في التراجع إذا بدأ مديرو الصناديق في الصراخ حقا. كما اقترحت مارسيلي من "يو بي اس" أن تظل اللعبة كما هي، التزم بالرهانات الدورية. كتبت، "كانت الشركات النامية هي المستفيد الرئيس من معدلات الفائدة الاسمية والحقيقية المنخفضة للغاية. بينما يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تطبيع السياسة، فمن المنطقي أن تواجه هذه الأسهم أقوى العواصف. في سوق الأسهم الأمريكية، ما زلنا نفضل أسهم القيمة على أسهم النمو".
سيتعين على متعصبي أسهم النمو الذين لم يكتشفوا ذلك بعد أن يتعلموا الصراخ.