كبار السن في صدر المجلس
عرف مجتمعنا منذ القدم باحترام كبير السن انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي والصفات العربية الأصيلة، ولولا أنني أخشى أن يتحول مقالي إلى خطبة وعظ لست من المتخصصين فيها لأوردت نصوصا كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية، ولكن أكتفي بالإشارة إلى الآية الكريمة التي تحث الأبناء على الإحسان بوالديهم إذا بلغ أحدهما أو كلاهما الكبر، وكذلك الحديث الشريف الذي نص على أن رسولنا الكريم قال ما معناه "من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم..." والآية والحديث الشريف خطاب عام للأمة عامة وللشباب بوجه خاص.
ومناسبة هذا المقال هي صدور موافقة مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي على نظام حقوق كبير السن ورعايته، ويهدف النظام إلى توفير بيانات موثقة عن كبار السن للاستفادة منها في الدراسات ذات العلاقة بهم، كما يساعد النظام على تنظيم برامج مناسبة لكبار السن تعزز من مهاراتهم وخبراتهم، ولعل أهم ما ورد في النظام ما نصت عليه المادة الثالثة من حق كبير السن العيش مع أسرته التي تقوم على رعايته وحمايته وتشبع احتياجاته، كما نصت المادة السادسة على أنه لا يجوز إدخال كبير السن دور الرعاية، أو إبقاؤه فيها إلا برضاه، أو بموجب حكم قضائي من المحكمة المختصة، وفي ذلك قطع للطريق على ضعاف النفوس العاقين بوالديهم مع أنهم قلة لا تذكر في مجتمعنا ولله الحمد.
وعودة إلى ما ذكرت من أن مجتمعنا يحترم كبير السن أقول إن المعروف في مجالسنا تخصيص صدر المجلس للأكبر فالأكبر، بل إن المتعارف عليه أن صدر المجلس حيث يجلس كبار السن، ويشذ عن ذلك قلة من بعض الشباب في الوقت الحاضر، حيث يتربعون في صدر المجلس ويدخل كبير السن ولا أحد يقوم من مكانه على الرغم من أن هذه صفة تربى عليها آباؤنا وأجدادنا انطلاقا من تمسكهم بالأخلاق الإسلامية الأصيلة.
ولكي لا نختصر موضوع الاحترام في الجلوس فقط لا بد من الإشارة إلى أهمية الحديث مع المسن سواء كان من الأقارب أو الجيران أو غيرهم، فهم يحتاجون إلى الاهتمام، خاصة من ضعف بصره أو سمعه، فالحديث معه يشعره بأن من حوله يشعرون به، كما أن على الأبناء والبنات الاهتمام بحقوق والديهم، بحيث لا يجلسون معهم وهم في شغل شاغل بالأجهزة التي بين أيديهم، وأخشى أن يكون هذا الفعل الذي قد يراه البعض سهلا يدخل في باب العقوق غير المباشر.
وأخيرا: فمثلما نضع كبار السن في صدر مجالسنا، فقد وضعت حكومتنا كبار السن في صدر اهتماماتها من خلال الحقوق التي يكفلها النظام الجديد، والمؤمل من الجهات المسؤولة عن تنفيذ النظام الحرص على تقديم بعض المزايا التي تمنح لكبار السن في معظم دول العالم مثل الخصم في تذاكر السفر والقطارات وغيرها، وكذلك الاستفادة من خبراتهم كمستشارين حسب تخصصاتهم وخبراتهم.