ويأتي الغيث

يستمتع الناس في طول البلاد وعرضها بأجواء تحمل الغيث، الذي انتظرته الأرض وكل من عليها بلهفة. ومع ما يصلنا من مشاهد الدمار والهلاك التي سببتها الفيضانات والعواصف في كثير من دول العالم، نحمد الله أن رزقنا هذا الغيث المغيث، والكم الذي يسعد الناظر، ويبقى في الأرض، ويحيي النبات والجمال الربيعي، الذي يتوقعه الجميع بحول الله.
مع هذا كله، لا بد أن نتذكر من يعانون تلك المصاعب بالدعاء لهم، والدعم الذي يحتاج إليه كثير من إخواننا المسلمين في أقطار العالم، وهذا من أهم معاني الغيث الذي يأتي بالفرحة ويدخل السرور على من يجدون فيه بريق الأمل منذ الأزل. التذكير بأهمية إدخال السرور على الناس ومشاركة الخير بينهم، أراه من أعظم ما يمكن أن نتعلمه من تاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا وقبل كل ذلك ديننا.
الوقفات في هذا الشأن كثيرة من أهمها: أن هذا الموسم جاء مع انتشار غير مسبوق للمتحور الجديد أوميكرون في أغلب دول العالم، ما يجعل الحساسية تزداد من كثرة التجمعات الناقلة للمرض بين الناس، وعلى ما يملكه هذا المتحور من فتك، فنحن بحاجة إلى البحث في بدائل للاجتماعات غير المحكومة بالاحترازات، ومن أهم ما يمكن أن نمارسه هذه الأيام التوجه للبراري والمناطق البعيدة عن هموم وإشكالات المدينة.
التوجه للبر، يعني العودة إلى التذكير بنقاط مهمة، نفتقد الإحساس الجمعي بها كل عام، على الرغم مما نشاهده من المآسي والحوادث التي يمكن تفاديها بشيء من المنطق والتفهم والإحساس بخطورة الأودية والسيول التي تتجمع، ثم تنطلق بشكل لا يمكن أن يتوقعه من لا يعرفون مؤشرات السيول، وهي مفاهيم تعلمها الكبار بحكم وجودهم في المناطق المفتوحة، ويفتقدها كثير من صغار السن الذي حكمت معيشتهم وحركتهم وأنشطتهم المدينة، بل إن كثيرا منهم حبيسو جدران أربعة يمارسون ضمنها نشاطات لا تتعلق بالعالم المفتوح حولهم.
للجميع أذكر ويذكر غيري بما يمكن أن يحدث للمتهاونين والمخاطر التي تحملها السيول الجارفة حتى إن بدت هينة في أولها، وأذكر كذلك بمخاطر أخرى تحملها الثقة المفرطة بالذات وبالسيارات، التي ما إن تدخل في منطقة الرمال إلا وتصبح بعيدة عن التحكم والسيطرة، وهي تذكرة بأن الابتعاد كثيرا عن مواقع الوجود البشري ستكون ذات خطر هي الأخرى بحكم إغوائها للمتنزه بالسير والبحث وراء المجهول. حفظ الله الجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي