قوة الامتنان
كلمات قليلة وتصرفات بسيطة تقوم بها تجاه الآخر تشكره بها على خدمه قدمها لك أو على إجادة في عمله تمنحه السعادة، وفي الوقت نفسه تنفذ إلى دماغك لعقلك الباطن، فتحفزك على بذل مزيد من العطاء حتى شكرك لنفسك ومكافأتها على إنجاز واجب معين، يبعث في نفسك الرضا والسعادة، هذا بالنسبة إلى البشر فضلا عن شكرك وامتنانك للخالق عز وجل على كل نعمة أنعمها عليك.
فالشكر والحمد من أهم الأمور التي حثنا عليها ديننا الحنيف قال تعالى، "ولئن شكرتم لأزيدنكم". وعد عظيم من الله سبحانه وتعالى للشاكرين، كما أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان أول عمل يقوم به عند الاستيقاظ مباشرة قوله، "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور". هذا الاهتمام العظيم بالشكر والامتنان دفع العلماء إلى دراسة ومعرفة كيف يؤثر الامتنان في الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن، ووجدوا أن للشكر تأثيرا محفزا لطاقة الدماغ الإيجابية، ما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة. فالشكر فن لا يجيده الجميع، بل عليك أن تدرب نفسك عليه لترى أثره في حياتك.
كل عملية شكر تقوم بها توقد في عقلك الباطن شرارة جديدة تحفزه ليدفعك إلى العمل أكثر، لأنك ستعتقد أن الناس سيقدرون عملك ويهتمون به ويشكرونك عليه، وهذا يقودك إلى مزيد من العمل. أما الإنسان الذي لا يشكر الناس تجده شكاكا متوجسا فاقد الرغبة في الإنجاز، ومع الوقت ينطوي على ذاته ويفقد سعادته الداخلية وقد يصاب بالاكتئاب، يؤكد الدكتور جون جراي أهمية الشكر في حياة الإنسان الناجح، فالزوجة مثلا التي تشكر زوجها على ما يقوم به، يحفزه شكرها له على القيام بمزيد من الإبداعات والنجاح والقوة.
وتشير صور الرنين المغناطيسي للدماغ إلى أن أجزاء مختلفة من دماغنا ومساراته العصبية تنشط حينما نعطي أو نحظى بالامتنان. وأحد هذه الأجزاء هي قشرة الفص الجبهي الوسطي المسؤولة عن التعامل مع المشاعر السلبية، ما يساعدنا على إعادة برمجة الأفكار الضارة المحتملة وتحسين إدارة حالاتنا النفسية، والشيء المدهش هو أن بمقدرتنا تنشيط مناطق الامتنان في دماغنا عن عمد، بأن نكرر حمد الله وشكره على نعمه وشكر الناس لتصبح عادة. وكلما زادت قوة هذه المسارات قل الجهد المبذول لتحفيزها في المرات المقبلة. هناك عديد من النتائج الاجتماعية والنفسية الإيجابية المترتبة على الامتنان ومنها زيادة مستوى السعادة وتقليل مستوى الاكتئاب، إنشاء علاقات قوية مع الآخر والشعور بالإيجابية وزيادة المناعة ضد الأمراض.