صناديق التحوط تكافح لجذب أموال جديدة .. المستثمرون أداروا لها ظهورهم
الارتفاعات الكبيرة في شركات تكنولوجية أمريكية عملاقة وسلسلة من الهزات المؤلمة في السوق عطلت محاولات كثير من صناديق التحوط لجذب المستثمرين الذين تركوا القطاع في الأعوام الأخيرة.
بلغ متوسط أرباح صناديق التحوط 8.7 في المائة في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، وفقا لشركة إتش إف آر لتزويد البيانات. يمثل هذا العام الثالث على التوالي من تحقيق الأرباح، لكنه يتخلف مسافة طويلة بعض الشيء عن نسبة بلغت 24 في المائة هي إجمالي العائد الذي حققه مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها.
تخلف المديرون عن مؤشر الأسهم الأمريكية القياسي لأنهم يميلون إلى امتلاك حيازات صغيرة نسبيا في عمالقة التكنولوجيا مثل "أبل"، و"تسلا"، و"ألفابت"، المالكة لـ"جوجل"، وهي شركات ذات وزن ثقيل في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انتعشت بقوة في 2021. كذلك وجدت صناديق التحوط صعوبة في تحقيق الأرباح حيث تم تعطيل بعض الرهانات من قبل مستثمري التجزئة العدائيين في كثير من الأحيان.
بدورها أثبتت تدفقات الأموال الداخلة إلى صناديق التحوط أنها ضئيلة، مع مخاوف تتعلق بالأداء تزيد من تساؤلات المستثمرين حول العائدات والرسوم.
بحسب باتريك جالي، الشريك الإداري في شركة ساسيكس بارتنرز Sussex Partners، التي تقدم المشورة للعملاء بشأن استثمارات صناديق التحوط، كان هناك "تشتت كبير" في أداء صناديق التحوط في 2021. قد يتوقع صندوق يراهن على انخفاض سعر سهم شركة بشكل صحيح تحقيق أرباح صغيرة، لكن بعد ذلك "ربما لا يحدث شيء من هذه التوقعات (...) إذا دخل متداولو التجزئة في الأسهم".
عانت صناديق التحوط هجرة بطيئة للعملاء في الأعوام الأخيرة، بعدما انجذب المستثمرون في كثير من الأحيان إلى العائدات الأعلى التي يفترض أن تقدمها صناديق الأسهم الخاصة والديون الخاصة.
مع ذلك، كان 2020 عاما بارزا ونادرا بالنسبة إلى القطاع. استطاعت الصناديق أن تنجو إلى حد كبير من فوضى السوق في وقت مبكر من العام، عندما بدأت الجائحة في ضرب الأسواق، واستمرت في تحقيق أرباح بلغت في المتوسط 11.8 في المائة، ينظر إليها على نطاق واسع على أنها نتيجة جيدة في بيئة صعبة. أثار ذلك الآمال في عودة المستثمرين الذين كانوا قلقين بشكل متزايد بشأن التقييمات المرتفعة في الأسواق العامة والخاصة.
لكن بينما بدأ المستثمرون في العودة، ظلت المبالغ الملتزم بها حتى الآن متواضعة نسبيا، ولم تساعد عائدات 2021.
وفقا لـ"إتش إف آر"، في الأشهر التسعة الأولى من 2021 وضع المستثمرون 24 مليار دولار في صناعة صناديق التحوط التي تبلغ قيمتها أربعة تريليونات دولار. يقارن ذلك بإجمالي يزيد على 110 مليارات دولار من التدفقات الخارجة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
"كالبرز"، برنامج معاشات التقاعد العامة الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار، أبلغ "فاينانشيال تايمز" أخيرا أنه ليس لديها خطط للعودة إلى صناديق التحوط بعد البيع في 2014، مشيرا إلى رسوم "إشكالية".
أحد المخاوف الكبرى هو افتقار القطاع إلى ما يسمى "ألفا" - مصطلح صناعي خاص بالأداء يعتمد على الصفقات الذكية للمدير بدلا من تحركات السوق الشاملة. هذه القدرة التي تم الترويج لها جيدا لاختيار أفضل الأوراق المالية للشراء أو المراهنة عليها هي أقوى نقطة بيع في القطاع، لكن كان أداؤها ضعيفا باعتبارها استراتيجية، مقارنة بشراء صندوق رخيص لتتبع المؤشرات.
يجادل مديرو صناديق التحوط بأن محافظهم الاستثمارية ليست مصممة لتلائم مؤشرا، بل للعمل بشكل جيد في جميع ظروف السوق، لكن مع ذلك أثار مستوى الأداء المتدني العام الماضي بعض المخاوف. أشار محللو "جولدمان ساكس" إلى أنه في حين إن صناديق التحوط لا تهدف بالضرورة إلى التفوق على مؤشر ستاندرد آند بورز 500، كانت عوائد العام الماضي أيضا "ضعيفة على أساس مطلق".
تضررت صفقات صناديق التحوط من سلسلة من هزات السوق، بما في ذلك جنون "جيم ستوب"، والتحركات الحادة في عائدات السندات، وحملة القمع التي استهدفت صناعة التعليم في الصين. كذلك اشتكى مديرو صناديق التحوط من أن الأسهم فشلت في الاستجابة لأخبار الأرباح بالطريقة التي كانت عليها في الأعوام السابقة.
قال سالفاتور كوردارو، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة إنفيست كورب - تايجز التي تستثمر في صناديق التحوط، "كان ألفا فظيعا"، على الرغم من أنه أشار إلى أن ارتفاع الأسواق "عوض قليلا".
كتب بول سينجر، رئيس "إليوت مانجمنت"، في رسالة إلى المستثمرين اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، أن بيئة التداول الحالية "مخادعة للغاية"، مضيفا أن "الاستراتيجية" الأكثر نجاحا هي شراء "أي شيء تقريبا" باستخدام كثير من الاقتراض واتباع أحدث الاتجاهات.
تشيس كولمان، عمل سابقا في شركة تايجر مانجمنت التي يملكها جوليان روبرتسون، حصل على 4 في المائة فقط في أول 11 شهرا من 2021، بعد خسارة نحو 8 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) في "تايجر جلوبال"، أحد أكثر صناديق التحوط نجاحا على الإطلاق.
صندوق بيور ألفا من شركة بريدجوتر، وهو نسخة منخفضة التقلب، خسر 3.8 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، رغم أنه بعد مكاسب الشهر الماضي ارتفع 3.2 في المائة في 2021 حتى أواخر كانون الأول (ديسمبر). صندوق بيلهام، الدائن/المكشوف، الذي يملكه روس تيرنر انخفض نحو 7 في المائة العام الماضي حتى تشرين الثاني (نوفمبر) بعد تكبده خسائر في ذلك الشهر. "ملفين كابيتال" الذي تضرر خلال جنون "جيم ستوب"، تراجع نحو 40 في المائة حتى تشرين الثاني (نوفمبر).
مع ذلك، ازدهرت بعض الصناديق. ارتفع صندوق سيتاديل متعدد المديرين 24.3 في المائة حتى أواخر كانون الأول (ديسمبر)، بينما ارتفع منافسه "ميلينيوم" 12.2 في المائة حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر). بلغت المكاسب التي حققها "ثيرد بوينت"، الذي أسسه دانييل لوب، 23 في المائة العام الماضي حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، بمساعدة رهان قوي على منصة "أبستاير هولدينجز" للإقراض، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من المراكز.
حققت مجموعة كوب ريسيرتش آند تكنولوجيز التي تتخذ من لندن مقرا لها أرباحا بلغت نحو 20 في المائة العام الماضي وتضاعف حجمها خلال الجائحة إلى نحو خمسة مليارات دولار. شركة واسرستين ديبت أوبورتشونوتيز، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها التي تتداول في السندات غير المرغوب فيها، حققت 57.6 في المائة حتى تشرين الثاني (نوفمبر).
تايجر ويليامز، مؤسس شركة ويليامز ترايدينج التي تتداول مستعينة بمصادر خارجية، قال "كان أداء المديرين الجيدين جيدا، لكن كان هناك كثير من الألغام الأرضية على طول الطريق".
لكن بعض منتقي الأسهم استسلموا. شركة إنينسيك فاليو إنفيستورز، وهي شركة قيمتها 1.3 مليار دولار تتخذ مراكز دائنة فقط، أخبرت العملاء في الخريف بأنها ستعيد أموالهم. أدريان دو مول فان أوترلو، الشريك المؤسس، أبلغ "فاينانشيال تايمز" بأن "علميات التقييم ليست جذابة للدخول في استثمارات جديدة". صندوق التحوط دي إس أيه إم سيعيد الأموال أيضا إلى العملاء.
ظهور متحور "أوميكرون" من فيروس كورونا شكل عقبة أخرى. "أوميكرون" أخرج عن المسار ما كان يعد شهر تداول إيجابيا"، كما كتب روي نيدرهوفر، مؤسس شركة نيدرهوفر كابيتال للصناديق الكمية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، في مذكرة للمستثمرين اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز". خسر صندوق ديفيرسيفايد التابع لها 5.9 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، لكنه ظل مرتفعا 21.4 في المائة العام الماضي حتى أواخر كانون الأول (ديسمبر). خسر صندوق سيستيماتيك بلو تريند، الذي أسسته ليدا براجا، 8.1 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، ما قلل المكاسب في 2021 إلى 1.3 في المائة.
تم ترك بعض المديرين للتفكير فيما قد يحدث. الاضطرابات الكبيرة خلال الخريف في السندات الحكومية، حيث يراهن المستثمرون على أن البنوك المركزية سترفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، ألحقت الضرر بصندوق روكوس كابيتال الذي أنشأه كريس روكوس. خسر هذا الصندوق، الذي يعد أحد أكبر الصناديق الكلية في العالم، 25 في المائة حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر).
على الرغم من أن صندوق كريسبن أودي للأسهم الأوروبية ارتفع 25 في المائة في 2021 حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، إلا أن مكاسبه تجاوزت 100 في المائة في أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، قبل أن يتكبد خسائر كبيرة.
قال أودي لـ"فاينانشيال تايمز"، "تم تدمير الأشخاص مثل كريس روكوس" في تشرين الأول (أكتوبر)، وأضاف "تم تدميري أيضا، لكنني دخلت في وقت مبكر في التداول، ما حد من الخسائر الإجمالية".