صناعة الخصوبة تقدم للنساء أملا كاذبا
أكبر طفرة مواليد خلال الجائحة ربما تتحول إلى انخفاض حاد، لكن هناك مجموعة واحدة تبدي اهتماما كبيرا بإنجاب الأطفال. عدد النساء اللاتي يخترن الخضوع لعلاجات الحفاظ على الخصوبة آخذ في التزايد، في انتظار مستمر لعودة الحياة الطبيعية. تضاعفت إجراءات تجميد البويضات هذا العام، وفقا لعيادة كايند بودي للخصوبة في نيويورك.
يعد تجميد البويضات، الذي يعرف بحفظ الخلية البيضية الناضجة بالتجميد، أحد أسرع العلاجات نموا في خدمات الخصوبة. تطور قطاع ناشئ بالكامل ليشجع النساء على اعتباره طريقة منخفضة المخاطر نسبيا للتحكم في خصوبتهن. تشتهر "كايند بودي" بعياداتها التي توجد في حافلات صغيرة ومميزة باللونين الأصفر والأبيض تقدم فحوص خصوبة مجانية. تجميد البويضات، كما تقول "كايند بودي"، هو وسيلة "لضمان مستقبلك". إعلانات "إكستند فيرتيليتي"، عيادة خصوبة في نيويورك، قارنت التكلفة بشراء علبة توت مجمد كل يوم، ما يجعلها تبدو وكأنها خيار نمط حياة مريح أكثر من كونها إجراء جراحيا.
ما لا تميل الإعلانات اللامعة إلى ذكره هو مدى احتمال نجاح الإجراء. يمكن أن تكلف دورة واحدة ثمانية آلاف جنيه استرليني في المملكة المتحدة و15 ألف دولار في الولايات المتحدة. غير أن معدلات المواليد أقل من واحد من كل خمسة.
ربما لأن شركات وادي السيليكون كانت أول ما قدم تجميد البويضات باعتباره ميزة مؤسسية، هناك بريق تكنولوجي للعلاجات التي تربطها بالنجاح. بدأت "فيسبوك" هذا الاتجاه في 2014، وكانت شيريل ساندبرج، مديرة العمليات، من مناصريه الرئيسين. تبعتها "أبل" و"جوجل" بعد فترة وجيزة. الآن تعمل كثير من الشركات مع أطراف ثالثة لتقديم خدمات الخصوبة للموظفين. تقدم "أوبر" مزايا عبر "بروجيني"، التي تم طرحها للاكتتاب العام في أواخر 2019 وتبلغ قيمتها 4.5 مليار دولار.
المملكة المتحدة تسير ببطء في الاتجاه نفسه، بتشجيع من قطاع التكنولوجيا الخاص بها. في أواخر 2020، أعلنت إيلين بوربيدج، مبعوثة وزارة المالية الخاصة لقطاع التكنولوجيا المالية، أن كثيرا من الشركات البريطانية يجب أن تحذو حذو وادي السيليكون. قالت في تغريدة، "أحب أن نصل إلى مرحلة يمكن فيها لجميع النساء اللاتي تراوح أعمارهن بين 20 و30 عاما تجميد بويضاتهن". في العام الماضي، وسعت كل من "نات ويست" و"كليفورد تشانس" مزاياهما لتشمل العلاج.
الحجج ضد تجميد البويضات باعتبارها ميزة تقدم للموظفين تصور ثقافة مؤسسية بائسة مهووسة بالضغط على كثير من الموظفين بأي ثمن. يفترض كثيرون أن النساء اللائي يجمدن بويضاتهن هن فتيات مشغولات للغاية بصعود السلم الوظيفي أكثر من انشغالهن بتكوين أسرة.
تشير الأبحاث إلى خلاف ذلك. يتم إطلاع النساء باستمرار على بيانات تتعلق بانخفاض الخصوبة لديهن. تقول بوربيدج إن الموظفات، وليس الشركات، هن من يقودوا الطلب. وجدت دراسة أجرتها جامعة ييل في 2018، أن معظم النساء اللاتي اخترن تجميد بويضاتهن فعلن ذلك ليس لأنهن أعطين الأولوية لمسيرتهن المهنية، بل لأنهن لم يجدن بعد شريكا يمكنهن الاستقرار معه.
لكن التركيز على علاجات الخصوبة كوثيقة تأمين يمكن أن يكون مريحا بشكل مخادع. لدي صديقات خضعن للعلاج ولم يتم تزويدهن بأي إحصائيات حول احتمال النجاح. الحصول على البيانات ليس بالأمر السهل.
يرجع هذا جزئيا إلى كونه علاج جديد. حتى 2012 كانت الولايات المتحدة تنظر إلى تجميد البويضات على أنها إجراء تجريبيا. كثير من النساء اللاتي وقعن على العملية لم يحاولن استخدام بويضاتهن حتى الآن.
بالنسبة إلى النساء اللاتي يرجعن على أمل حدوث الحمل، الأرقام محبطة. تظهر بيانات من هيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة في المملكة المتحدة أن أقل من 200 امرأة حصلن في 2016 على علاج للخصوبة باستخدام بويضاتهن المذابة. كان معدل المواليد 18 في المائة فقط.
هذه ليست القصة التي ترويها إعلانات "إنستجرام". كما أنها لا تركز على حقيقة أن العلاج يستغرق وقتا طويلا ومخاطره كبيرة، ويتطلب أياما من الحقن الهرموني الذاتي، والفحوص المنتظمة، واستزراع البويضات تحت التخدير. الشابات في العشرينيات من العمر لديهن أفضل معدلات النجاح، لكن يحذر الأطباء من التوصية بعلاج جراحي قد لا يحتاجون إليه.
اللورد روبرت وينستون، الأستاذ الفخري لدراسات الخصوبة في إمبريال كوليدج في لندن، وصف تجميد البويضات بأنه "تكنولوجيا غير ناجحة للغاية". حتى المؤيدين يعترفون بأن الاحتمالات ضعيفة. عادة ما تقارن معدلات النجاح مع علاجات التلقيح الاصطناعي، لكن المشكلة هي أن معدل المواليد في عمليات التلقيح الاصطناعي نفسها 24 في المائة فقط لكل جنين يتم نقله، وفقا لهيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة في المملكة المتحدة. حتى بالنسبة إلى الشابات، كل مرحلة من مراحل تجميد البويضات وإذابتها، بداية من التجميع إلى الإخصاب ونمو الجنين، نسبة فشلها عالية.
يمكن أن تكون الخصوبة، أو الافتقار إليها، أمرا مؤلما ومزعجا. مزيد من الخيارات موضع ترحيب. لكن تجميد البويضات باهظ الثمن، ومخاطره كثيرة، واحتمالات نجاحه منخفضة. الصناعة المتنامية التي تشجع النساء على رؤية خدماتها على أنها بوليصة تأمين دون توضيح فرصة النجاح، لا تقدم سوى أمل زائف.