السوق الصاعدة تدخل العام الجديد على أسس هشة

السوق الصاعدة تدخل العام الجديد على أسس هشة

تخيل لو أنك استثمرت أموالك في صندوق يتبع مؤشر إم إس سي آي العالمي قبل عام ثم اختفت هذه الأموال في ظل تعتيم إخباري طوال هذه المدة.
حينها سيتبين لك الآن أنك حققت عائدا بنسبة 20 في المائة تقريبا. أما لو كنت قد اتبعت مؤشر أمريكا الشمالية، فسيكون هذا الرقم أقرب إلى 25 في المائة. هذا ليس بالأمر السيئ. بل ستكون سعيدا جدا - وإذا ما سئلت عن الظروف المالية التي ترغب في رؤيتها في 2022، فستقول إنك تود تحقيق المزيد من هذا الربح. إلى حين تلك اللحظة التي ستنظر فيها إلى الأخبار. عندها قد تغير رأيك.
إننا لم نر الظروف الواضحة التي أدت لتقدم سوق الأسهم في 2021. كان عاما مليئا بعمليات الإغلاق العالمية المتقلبة – تبين أن اللقاحات التي كان من المفترض أن تعود بنا سريعا لممارسة حياتنا الطبيعية لم تكن فاعلة كما كنا نرجو. لقد قللت من خطورة المرض لكنها لم توقف العدوى وبالتالي أصبحنا مقيدين باستمرار نتيجة لذلك.
كان أيضا عاما ارتفع فيه عجز الميزانية في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته كما في 1945، وارتفعت أيضا مستويات الدين العام بشكل حاد (قريبا من نسبة 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة - وهو الأعلى منذ 1963) وواصلت البنوك المركزية شراء كميات هائلة من ديون حكوماتها. في الوقت نفسه ارتفعت أسعار الطاقة (حتى سعر الفحم تضاعف)، وأغلقت سفينة كبيرة قناة السويس لفترة طويلة بشكل غير معهود، وعانت معظم الصناعات مآزق العرض، وأصبح من الصعب العثور على اليد العاملة، ثم عاد التضخم ليضرب بقوة.
في المملكة المتحدة وصل مؤشر أسعار التجزئة (ليس بحسب المقياس الرسمي للتضخم، ولكن كأطول رقم مسجل) إلى 7.1 في المائة - وهو أكبر ارتفاع سنوي منذ أكثر من 30 عاما. وبلغ مؤشر الأسعار الاستهلاكية 5.1 في المائة. أما في الولايات المتحدة فقد بلغ 6.8 في المائة وفي ألمانيا 6 في المائة.
لقد كان هناك وقت قال فيه بنك إنجلترا إن مؤشر الأسعار الاستهلاكية سيبلغ ذروته عند 4 في المائة ثم يتلاشى. لكنهم توقفوا عن قول ذلك. لقد كانت هناك أمور جيدة أيضا (بالنسبة للأسواق على الأقل).
ولأن الحكومات سحبت الأموال من كل جيب يمكن أن تجده تقريبا وقدمت البنوك المركزية دعما غير محدود للسياسة النقدية، على ما يبدو في شكل فائدة مخفضة للغاية وطباعة النقود، الأمر الذي أدى إلى انتعاش الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد – تعافت جميع الاقتصادات المتقدمة تقريبا إلى مستويات قريبة من أعلى درجة لها قبل كوفيد.
الأرباح فعلت الشيء نفسه: التقديرات الحالية تشير إلى أن نمو أرباح الشركات الأمريكية سيبلغ 43 في المائة لعام 2021 (وفي المملكة المتحدة سيبلغ 73 في المائة). وإذا كانت السوق تمثل آلة تتسبب بالزخم مثل أي شيء آخر، فربما تكون عائدات سوق الأسهم لهذا العام تتمتع بالمنطقية.
مع ذلك، أنهينا العام بتقييمات عالية في الولايات المتحدة على الأقل. وعلى أساس نسبة السعر/الأرباح المعدلة بشكل دوري، فإن سوق الولايات المتحدة مبالغ في تقييمها أكثر مما كانت عليه في 1929 و1973 و2007. التضخم آخذ في الارتفاع، وتحفيزات البنك المركزي تتلاشى، والمتحور أوميكرون يعمل على تعطيل المخططات الهشة أصلا. إذن، لا يمكن اعتبار هذا الوضع مشابها تماما لسيناريو النظام الاقتصادي المستقر، أليس كذلك؟
ما الذي يجب أن يحدث حتى تعتقد بشكل معقول أنك قد تحصل على عائد من سوق الأسهم مكون من خانتين في 2022 - للعام الرابع على التوالي؟ الإجابة هي الكثير. الشيء الرئيسي الذي يجب التفكير فيه هو كيف يمكن أن تتغير ظروف السوق للأفضل من أجل تبرير ارتفاع الأسعار.
لكي يتم ذلك، نحتاج إلى الاعتراف بأن كوفيد فيروس متوطن يمكن التحكم فيه، وأنه يعمل كخلفية للسياسة بدلا من تبديد تركيزنا بأكمله عليه. إن هذا الأمر ممكن تحقيقه، نظرا للأدلة المتزايدة على أن المتحور أوميكرون أقل حدة من سابقيه وأن الأقراص المضادة للفيروسات ستصبح متوافرة على نطاق واسع قريبا.
لكن في ظل حالة الذعر الحالية حول السياسات هذا الأمر أصبح غير مؤكد. لذا ستحتاج إلى الزخم حتى ينتعش الاقتصاد العالمي. هذا الأمر أيضا ممكن لأن الشركات والمستهلكين على حد سواء يملكون المال الوفير. لكن المؤشرات على ذلك ليست بهذه الروعة. في الولايات المتحدة معنويات المستهلكين والتصنيع في انحدار. في المملكة المتحدة، أحدث أرقام الناتج المحلي الإجمالي هي أبعد ما يمكن عن أن تكون مشجعة (تم تعديل نسبة النمو الاقتصادي في الربع الثالث هبوطا إلى 1.1 في المائة).
تحتاج أيضا إلى أن يبدأ التضخم في الانخفاض، وهو أمر يبدو غير محتمل إلى حد ما نظرا لأن أسعار الطاقة لا تزال ترتفع بسرعة ولأن سوق العمل لا تزال في ضائقة شديدة للغاية. أنت بحاجة إلى البنوك المركزية كي تجد طريقة ما لاتخاذ الإجراءات اللازمة دون ارتكاب أي أخطاء سياسية سيئة. لكنني لن أراهن على ذلك – لأنهم فقدوا مهاراتهم. كذلك أنت بحاجة إلى زيادة الأرباح (من أجل خفض التقييم دون انخفاض أسعار الأسهم) عندما تكون الأرباح بالفعل عند مستويات قياسية مرتفعة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، والتكاليف آخذة في الارتفاع في جميع المجالات وهناك ضرائب جديدة ستفرض على الشركات ـ لن تجلب معها أي مساعدة.
كما أن حالة الأسهم المشابهة لها - وهي أنها رخيصة على الأقل بالنسبة لعوائد السندات - لن تدوم طويلا عندما تبدأ عوائد السندات في الارتفاع. ومن الممكن أنك لاحظت أن السوق الأمريكية تم تقييمها أيضا بأقل من قيمتها نسبيا مقارنة بالسندات الأمريكية في ذروة 2007، وهي واحدة من أسوأ الفترات للاستثمار في الأسهم على الإطلاق، كما يقول المحللون في نيد ديفيز ريسيرتش. لن يكون أي من هذا مهما إذا ما تذكرنا أن الأموال ستستمر في التدفق إلى الأسواق بغض النظر عما ستؤول إليه الأمور.
لكن هذا بعيد كل البعد عن كونه أمرا مسلما به. فكما يشير محللون في دويتشه بانك، فإن نهاية التحفيز النقدي بعد مرور عقد من البرامج الحماسية للتسهيل الكمي تعني نهاية "الأموال المجانية" للأسواق. ويمكن أن تدفع عوائد السندات المتزايدة بسهولة جميع الأموال المتوافرة نحو الدخل الثابت.
كل هذا معا يجعل 2022 يبدو وكأنه سيأتي مع احتمالات مختلفة بشكل غير مألوف. لربما تجتمع كل هذه الأسباب، أقول ربما، كي تمنحك المزيد من الشيء نفسه. لكن المخاطر عالية جدا - قد يكون 2022 أقل خطورة على صحتك من 2021، لكنني أعتقد أنه قد يكون أكثر خطورة على ثروتك.

الأكثر قراءة