وشوشات الكون

يقف البشر حائرين ويحاولون بشتى الطرق الإجابة عن سؤالهم الأزلي "كيف بدأ هذا الكون الذي نعيش فيه؟"، الذي يمثل فضول الإنسان في البحث عن البدايات وأصل الأشياء، عن ذاته وخلقه والأشياء من حوله مثل الشمس والقمر والنجوم والنباتات ليصل للسؤال الأشمل عن أصل وبداية كل شيء؟.
ورغم حساسية السؤال وصعوبة الإجابة عنه من حيث مدى توافقه أو تعارضه مع ما قرره الدين الإسلامي وما ورد في النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، إلا أن العلماء لم يتوقفوا عن البحث فالدين الإسلامي يحثنا على العلم والتعلم والبحث للوصول إلى الحقائق قال تعالى، "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت، فذكر إنما أنت مذكر".
فالقرآن هنا يحث الناس على التفكير في كيفية الخلق وتشكل الكون بأشكاله الحية وبنيته المتناسقة، وهو يناصر العلم الذي يجيب عن السؤال "كيف؟" بدلا من "لماذا".
فنظرية "الانفجار الكبير" إحدى أهم النظريات الحديثة في تفسير "نشأة الكون"، استطاعت في ستينيات القرن الماضي أن تتغلب على نظرية الكون المستقر، التي تنص على أن الكون الذي يتسع باستمرار، كان قد نشأ من نقطة أولية، وأن النشوء والاتساع الكوني يعتمدان على قوانين وثوابت فيزيائية في غاية الدقة.
لقد حاول العلماء الإجابة عن السؤال الأزلي من خلال قياس "موجات الجاذبية التضخمية " المتوقع تولدها لحظة انفجار الكون الأولي، الذي كان حجمه أصغر كثيرا من حجم الذرة وشد الفريق العلمي الرحال إلى أبعد نقطة في الكون وأشدها قسوة، من حيث ظروف الحياة والمعيشة، القطب الجنوبي، ليتمكنوا من سماع وشوشاته التي تحمل معها جزءا من الإجابة عن السؤال، وبالفعل تمكنوا من معرفة خواص هذه الموجة وحدودها الفيزيائية الدقيقة وطاقتها وبانتظار المزيد.
وكان لا بد من الذهاب إلى أقصى الأرض لسماع صوت الكون القادم من ملايين الأعوام لأن الكواشف تحتاج إلى تبريد عال لتكون قليلة التشويش وفائقة التوصيل والقدرة على الرصد.
المذهل أن هذه الوشوشة سبق أن سمعتها ولو بشكل بسيط جدا عندما كنت تقلب قنوات التلفاز القديم إنها حولنا في كل مكان، وقد تم رصد هذه الخلفية الإشعاعية للكون التي يبلغ عمرها 13.8 مليار عام، في 1964 مصادفة من قبل العالمين روبرت وآرنو، ونالا على اكتشافهما جائزة نوبل في 1978. وتظل هذه النظريات مجرد نظريات تفسيرية أما التفاصيل فعلمها عند الله - عز وجل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي