قهوة الفشار

رفيقة السهر والليالي الشتوية، رائحتها وهي تشوى على الحطب تشعرك بالسعادة والفرح، تعيدك إلى أيام الطفولة وحنين الجلسات العائلية واجتماع الأصدقاء، ولا تكتمل صالات السينما إلا بحباتها المتحولة، إنها حبات الذرة، ثالث أكثر المحاصيل تناولا بعد القمح والأرز.
يرجع تاريخ الذرة المعروفة اليوم إلى بدايات معرفة الإنسان بالزراعة، قبل نحو عشرة آلاف عام، وموطنها الأساسي هو جنوب المكسيك وجواتيمالا، ولم يعرفها الكنديون إلا بعد ذلك، وتعد أمريكا اليوم من أكثر الدول إنتاجا لها، الذي يتحول معظمه إلى دقيق، وأول من جعلها مصدرا للدقيق الهنود الحمر.
يحتفل العالم باليوم العالمي للذرة، لأهميتها وفوائدها العديدة والغريبة، الذي أطلقته الفنانة كوريت لايتويفر 2004 مصادفة، كتجربة بحثية صغيرة مع عائلتها للاحتفال بعيد الشكر، من وجهة نظر السكان الأصليين، ومن يومها تحول إلى احتفال عالمي، للدور الذي تلعبه الذرة في حياة سكان العالم، فهي غذاء غني بالفيتامينات والمعادن والنشاء والأحماض الدهنية.
كما أن استخدامها في عديد من الصناعات التي قد لا تخطر لك على بال أكسبها أهمية فوق أهميتها، فقد استخدمت كبديل للقهوة في القرن الـ19 عندما كانت القهوة باهظة الثمن ونادرة، لذا استخدم الأمريكيون المقتصدون الذرة الجافة كبديل للقهوة. وحديثا تمكن مصطفى عبدالجواد، الطبيب والجراح السوري، عن طريق المصادفة من ابتكار طريقة تحضير "قهوة الفشار"، بإضافة ملعقة من بودرة بذور الذرة المحمصة إلى القهوة العادية، فتجمع بين فوائد القهوة العادية وفوائد الذرة.
كما تستخدم الذرة لصنع عديد من المنتجات الأساسية، مثل البلاستيك والورق والمضادات الحيوية والغراء والعزل والأعلاف الحيوانية ومستحضرات التجميل والمنظفات والطلاء والغاز والزيت.
ومن خلال نبات الذرة تمكن باحثون من جامعتي بون وفلورنسا، من اكتشاف ما يمكن وصفه بـ"الدماغ النباتي" في تركيبة جذر نبات الذرة، حيث تم اكتشاف أنشطة كهربائية في جذور النبات، والأغرب أن التركيبة البيولوجية لخلايا الجذور شبيهة بتركيبة الدماغ الحيواني، أطلقوا عليها "مركز التحكم"، إلى أن يثبت شبهها في الدماغ فعليا، تتخذ القرارت في الجذور وتنقل إلى الأوراق.
ويعطي مركز التحكم في "الجذور" الأوامر للنبات، ليعرف في أي اتجاه عليه أن ينمو. يقول بالوسكا "إن معالجة البيانات التي يتم نقلها داخل جذور النبات تؤثر بشكل مباشر في سلوك النبات، فمثلا عند تعرض النبات لمادة سامة في محيطه تعطى إشارة تحذير لبقية أجزاء النبات، فينمو في اتجاه مغاير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي