ما مدى درجة المرونة في منظمتك؟

أحد المعايير التي تؤهل المنظمة للاستدامة والبقاء في السوق هي المرونة Agility وأحيانا يطلق عليها المرونة التنظيمية Organizational Agility من باب الفصل عن مرونة الأعمال والمشاريع، بينما قد نجد البعض يطلقون عليها الرشاقة التنظيمية. وسمعنا هذا المصطلح كثيرا إبان جائحة كورونا التي عصفت بالشركات والمؤسسات، وأعلن بعضها الخروج من السوق. بكل بساطة إن قدرة المنظمة على التغير أو التكيف والاستجابة بالسرعة الكافية للتغيرات في السوق هي المرونة.
وقد يرغب مرشح الوظيفة في معرفة ما إذا كانت المنظمة مرنة قبل الالتزام بالانضمام إلى تلك المنظمة إليها. لقد سلط أرون دي سميت، أحد قادة التطوير التنظيمي في شركة ماكينزي، الضوء على عنصرين أساسين للمرونة في المنظمات، هما: السرعة والاستقرار. وبالتالي ترتكز المرونة التنظيمية على قدرة المنظمة على التكيف مع المتغيرات الداخلية والخارجية، وتلبية طلبات العملاء وتوقعاتهم بسرعة، وقيادة التغيير لتحسين الثقافة والممارسات وأخيرا الحفاظ على ميزة تنافسية مستمرة، وتعد الأخيرة ثمرة جهود المرونة في استمرارية المنافسة. على سبيل المثال، شركة أمازون أشهر شركة بائع تجزئة عبر الإنترنت، تكيفت واستجابت لتغيرات السوق في جائحة كورونا بسرعة واستطاعت تحقيق مكاسب قياسية بنسبة 40 في المائة في المبيعات إلى 387 مليار دولار العام الماضي.
يقول جون روزمان في كتابه "فكر كأنك أمازون": "لم تأت خبرة أمازون اللوجيستية المتطورة من رغبتها في أن تصبح شركة سلسلة إمداد. لقد جاء ذلك من فهم أن تجربة العملاء تأثرت بشكل كبير بالمرونة والسرعة وجودة التسليم، ولم تأت خدمات "أمازون" عبر الشبكة العنكبوتية Amazon Web Services من أن تكون شركة تقنية سحابية فحسب، لكن من خلال توفير بنية أساسية قابلة للتطوير لتقديم تجربة عملاء رائعة عبر الإنترنت".
لقد دفعت شركة أمازون نحو المرونة التنظيمية في سلسلة التوريد وعروض خدمة الويب، وجاءت النتيجة مذهلة للغاية في تلبية احتياجات العملاء، ولم تكن المرونة التنظيمية في "أمازون" إلا ميزة تنافسية ساعدت على التفاعل بنجاح في ظل وجود منافسين وتقنيات متغيرة في صناعة التجزئة عبر الإنترنت. والمشاهد أن المرونة التنظيمية تدور حول تفاعل المنظمة مع المتغيرات سواء الداخلية أم الخارجية وقيادة التغيير في المنظمة، ولذلك نرى أن البعض اتجه إلى تأسيس مكتب تفاعلي يدعى مكتب إدارة التغيير Change Management Office يرتبط برأس الهرم مباشرة للمحافظة على درجة مرونة عالية للمنظمة، ومن مهامها مشاركة الإدارات والقطاعات ذات العلاقة في استخدام البيانات والتحليلات للمساعدة على دعم عملية اتخاذ القرار، ما يعد أحد أكبر جوانب المرونة.
عند النظر إلى المنظمات التقليدية "أو ذات الطابع غير المرن" نرى أن المرونة التنظيمية غير ممكنة لوجود الحواجز ولا يسمح بالابتكار والاختبار والفشل. وتتأثر مشاركة الموظفين في بيئات العمل هذه، بل تتعرض المنظمات لخطر فقدان أفضل المهارات والمواهب. وعندما تفتقر المنظمة إلى المرونة، غالبا ما تكون عمليات صنع القرار مملة ومستويات مشاركة الموظفين منخفضة. هناك عديد من العوامل التي يجب أن تكون موجودة كي تصبح المنظمة ذات مرونة حقيقية وميزة تنافسية، ومن أهمها السرعة والاستقرار.
يمثل النجاح في بيئة الأعمال المتغيرة هدفا غير سهل المنال لأن المنظمات تحتاج إلى تطبيق أكثر من نهج لتتبع المرونة في سبيل تمكين الموظفين واستيعاب الاضطراب وتجربة كيفية إنجاز العمل. ومن الصعب تقييم درجة مرونة المنظمة، فقد تكون المنظمة مرنة في بعض النواحي، لكنها جامدة للغاية في نواح أخرى. حتى إذا كانت المنظمة تمتلك جزءا من المرونة، فقد تصارع على البقاء في السوق ومنافسة الآخرين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي