اجتماعات العمل وجائحة كورونا
تعد اجتماعات العمل من الضرورات التي تحتم على المنظمات عملها وهي تجمع لشخصين أو أكثر لغرض اتخاذ القرارات أو مناقشة عمليات المنظمة الاستراتيجية والتشغيلية أو تحقيق هدف مشترك. تعقد اجتماعات العمل بصورة شخصية عموما في المكتب أو غرفة الاجتماعات مع أجندة معدة مسبقا للنقاش ووقت محدد لكل عنصر تفاديا لأي نقاشات جانبية. وتختلف طبيعة الاجتماعات سواء محاضرة موجهة على هيئة عرض تقديمي أو ندوة على هيئة عدة عروض تقديمية أو مؤتمر عام أو معرض تجاري مفتوح للعامة أو ورش عمل مكثفة مع مشاركين متفاعلين أو دورات تدريبية ... إلخ.
وتقول هيلين شوارتزمان، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة نورث ويسترن الأمريكية: "الاجتماع حدث تواصلي يشارك فيه ثلاثة أشخاص أو أكثر يوافقون على التجمع لغرض مرتبط ظاهريا بعمل منظمة أو مجموعة". تحدث الاجتماعات وجها لوجه "حضوريا"، أو افتراضيا من خلال برامج وتطبيقات في الحاسوب والجوال، ولقد دخلت تقنية الاتصالات وسيطا لمن لا يستطيع الحضور أو السفر أو غيرها من الأسباب سواء أكانت مكالمة جماعية عبر الهاتف أم فيديو مباشرا.
عندما ألمت جائحة كورونا في آذار (مارس) 2020 أجمع العالم واضطرت المملكة إلى حجر كلي لأكثر من شهرين، أقيم كل الاجتماعات افتراضيا وفرضت بصورة إلزامية وما زال أغلبها إلى الآن. مع العلم أن أغلب الاجتماعات قبل الجائحة كانت تتم بصورة حضورية وشخصية ولم نكن نسمع عن الطبيعة الافتراضية إلا في الاجتماعات اليومية الدورية للشركات - ذات الفروع الكثيرة - التي تجمع الرئيس التنفيذي بالنواب ومديري الإدارات لإطلاعهم على التوجهات الحديثة ومعالجة التحديات ومراجعة الخطة التشغيلية.
لقد كان كل المؤتمرات والندوات بصورة حضورية، ولم نكن نسمع عن مؤتمرات افتراضية تقدم من خارج المملكة، وقد يكون من النادر عدم دعوة المضيف واستقباله في المملكة لإلقاء محاضرة مدتها ساعتان فقط. ولذلك انتشر مفهوم الندوة عبر الإنترنت Webinar بصورة كبيرة خلال جائحة كورونا لإعطاء فرصة العرض التقديمي والنقاش عبر الأثير. دعونا نتفق أن الجائحة قد غيرت طبيعة الاجتماعات، لكن مع بوادر زوال الجائحة خلال الأسابيع المقبلة - إن شاء الله - وهبوط منحنى الإصابات وأعداد الحالات الحرجة، فهل يا ترى نعود كما كنا سابقا في حضور الاجتماعات؟ رغم أن جائحة كورونا تمثل أزمة عالمية، يوجد بعض الإيجابيات التي يجب أن نعترف بها.
بعض الاجتماعات الحضورية قد تضيع الوقت من خلال التنقل بين أرجاء المدينة والبحث عن موقف سيارة واستقبال الضيوف وغيرها لاجتماع مدته ساعتان فقط، وهذا هدر للوقت والجهد والكفاءة لأن نصف يوم الموظف قد انتهى تماما إن لم يكن كله.
بل إن البعض قد يسافر من مدينة لأخرى لحضور اجتماع مدته ساعتان أو ثلاث فقط، وهذا يمثل هدرا للوقت والجهد والمال من انتداب وتذاكر سفر وغيرها. ألا يصح أن تكون مثل هذه الاجتماعات افتراضية؟. يجب أن تقنن الاجتماعات وتعرف حسب أهميتها وطبيعتها ومدتها، ولا يصح أن يكون كل الاجتماعات حضوريا حفاظا على الوقت والجهد والمال والكفاءة الوظيفية وجودة الإنفاق، بل يجب أن يكون للافتراضية نصيب منها بما في ذلك ورش العمل والاجتماعات الدورية. مع العلم أنه توجد سلبيات للاجتماعات الافتراضية من خلال عدم إدراك تفاعل الطرف الآخر وتعبيره الحركي والقدرة على التفاعل اللحظي في حينه. إن من الضرورة بمكان أن تقوم المنظمة بإعداد لائحة تنظيمية تعرف القواعد العامة للاجتماعات الحضورية والافتراضية وضوابطها ومن ثم تعميمها لعموم موظفيها والالتزام بها.