رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الصراع الأمريكي - الصيني المتصاعد وإمكانية مقاومته «2 من 2»

ربما ساعدت سياسة الارتباط التي انتهجت حتى تولت إدارة ترمب السلطة الصين على أن تصبح أكثر ثراء، لكنها لم تجعلها أكثر ديمقراطية ولا أقل ميلا إلى التنافس على السلطة والنفوذ.
لكن هل تعني الصين التي تتبنى نظاما اقتصاديا وسياسيا مختلفا ومصالح استراتيجية خاصة نشوب صراع حتمي مع الغرب؟ ربما لا. تتوقف حجة الواقعيين حول رجحان أو تفوق القوة على افتراضات تحتاج إلى توثيق.
أولا، في حين قد تعطي الدول الأولوية للأمن الوطني والبقاء قبل أي شيء آخر، هناك فجوة كبيرة بين تحقيق هذه الأهداف الضيقة وتعظيم القوة. فستظل الولايات المتحدة آمنة من الفناء أو الغزو حتى دون وجود عسكري في كل قارة. زعم المؤرخ ستيفن ويرثايم أن الرؤية التوسعية للسياسة الخارجية الأمريكية كانت في تنافس دائم مع نهج أكثر تحفظا، وجرى تصنيفه على نحو مضلل ولا يخلو من ازدراء على أنه انعزالية. وستظل وحدة أراضي الصين حقيقة ثابتة بلا منازع حتى دون قعقعة السيوف في مواجهة الجيران. بعيدا عن خط أساسي من الأمن، يتنافس السعي وراء بسط النفوذ مع أهداف وطنية أخرى، مثل الازدهار الاقتصادي المحلي الذي يتطلب قدرا أقل من التنمر على المسرح العالمي.
من الصحيح، كما يحب الواقعيون أن يشيروا أن العالم يفتقر إلى جهة منفذة للقواعد. فلا توجد حكومة عالمية تضمن تصرف الدول وفقا للقواعد التي ربما تكون لها مصلحة في استنانها لكن مصلحتها في اتباعها ضئيلة. هذا من شأنه أن يجعل فرض التعاون أمرا أكثر صعوبة، لكن ليس بشكل كامل. تشير نظرية الألعاب، والتجارب الواقعية، والتجارب المختبرية إلى أن التبادلية تستحث التعاون. ولا يتطلب الأمر بالضرورة الاستعانة بطرف خارجي ثالث لفرض السلوك التعاوني في التفاعلات المتكررة.
أخيرا، من الصحيح أيضا أن عوامل مثل عدم اليقين وخطر سوء فهم نوايا الدول الأخرى تعمل على تعقيد آفاق التعاون الدولي بين القوى العظمى. ومن المرجح أن ينظر إلى التدابير الدفاعية البحتة - سواء كانت اقتصادية أو عسكرية - على أنها تهديدات تتراكم من خلال حلقة مفرغة من التصعيد. لكن هذه المشكلة أيضا يمكن التخفيف منها إلى حد ما. وكما زعمت أنا ووالت، فقد يكون من المفيد الاستعانة بإطار يعمل على تسهيل التواصل ويشجع على التبرير المتبادل للتصرفات التي قد يساء تفسيرها من قبل الطرف الآخر.
يعرب ميرشايمر عن تشككه في قدرة التصميم المؤسسي الخلاق على إحداث فارق ملموس. فيقول: "إن القوة الدافعة وراء التنافس بين القوى العظمى (الولايات المتحدة والصين) تتسم بطابع بنيوي. وهذا يعني أن القضاء على المشكلة من غير الممكن أن يتأتى من خلال صنع السياسات الذكية". لكن البنية لا تحدد التوازن بالكامل في نظام معقد حيث يعتمد تعريف المصالح الوطنية، والاستراتيجيات الواجب اتباعها، والمعلومات المتاحة للجهات الفاعلة على اختياراتنا إلى حد ما.
ربما تستبعد بنية التنافس بين القوى العظمى العالم الذي يسوده الحب والوئام، لكنها لا تستلزم أن يكون العالم في صراع متصل. وهي لا تحول دون تبني أي من البدائل التي لا حصر لها التي تقع بين طرفي النقيض. البنية ليست قدرا لا فكاك منه: فنحن نملك القدرة على بناء نظام عالمي أفضل أو أسوأ.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي