رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الطاقة الشمسية الكهروضوئية وإعادة التدوير «2 من 2»

تتطلب إدارة نفايات الألواح الشمسية مواءمة عديد من العوامل مثل معدل التجميع وفترة الاسترداد وأهداف إعادة التدوير التي تكون عادة مدفوعة في المقام الأول بالسياسات والمبادرات الاقتصادية والسوقية. وتقسم الدوافع أو المحركات الأساسية لاعادة تدوير الألواح الشمسية حسب الممارسات العالمية إلى دوافع اقتصادية وسياسية ودوافع سوقية ودوافع مجتمعية ودوافع بيئية. ولا يخضع التخلص من الألواح الشمسية إلى لوائح محددة في أنحاء العالم باستثناء الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن معظم نفايات الألواح الشمسية قد ينتهي بها المطاف في مرادم النفايات العامة، ولذلك يظهر أن سياسة إعادة تدوير الألواح الشمسية ليست منتشرة بصورة واسعة في العالم.
لقد اعتمد الاتحاد الأوروبي لوائح نفايات محددة للألواح الشمسية التي تتطلب استرداد 80 في المائة ومعدل إعادة تدوير 75 في المائة من نفايات الألواح الشمسية، لكن يصنف معظم الدول حول العالم الألواح الشمسية على أنها نفايات عامة أو صناعية، بينما تتضمن اللوائح العامة للنفايات اختبار الألواح الشمسية في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان لمحتوى المواد الخطرة، إضافة إلى وصفات أو حظر شحنة معينة ومعالجة وإعادة تدوير ومسارات التخلص. وتعد اليابان من الدول الآسيوية التي بذلت جهودا كبيرة لتعزيز إعادة تدوير الألواح الشمسية ودعم معدات إعادة التدوير رغم أنها لم تفرض إعادة تدوير نفايات الألواح الشمسية بشكل حازم. يقول المختبر الوطني للطاقة المتجددة: إن معظم الأبحاث حتى الآن موجهة نحو تطوير طرق لإعادة استخدام المواد الشمسية تقنيا واقتصاديا، لكنها لا تنظر في كيفية ملاءمة السلوكيات الاجتماعية. إن النظر في سلوك المستهلك وتوعيته يمكن أن يسمح للمستهلكين بأن يصبحوا جزءا من الحل وليس المشكلة، ويمكن أن يسرع من تبني نهج الاقتصاد الدائري. ونقصد بالمستهلك هنا مقدم الخدمة أو المصنع أو المواطن نفسه الذي يستخدم ألواحا كهروضوئية شمسية في سطح منزله، وهذا ما يرمي إليه بعض التقارير من أهمية إنشاء مرادم للنفايات الشمسية. ورغم ما ذكر، توجد تحديات حقيقية تواجه إعادة تدوير الألواح الشمسية، موانع اقتصادية وسياسية مثل عدم وجود تشريعات ولا يوجد هامش ربحي حيث إن تكلفة إعادة التدوير 20 - 30 دولارا إلى اللوح الشمسي الواحد، مقارنة بدولار واحد لرمي هذا اللوح. ومن التحديات موانع سوقية لعدم وجود سوق تدوير حقيقية، وموانع اجتماعية لعدم رغبة المستهلك في المشاركة ولا يوجد حافز مجز، وموانع بيئية حيث إن عمليات إعادة التدوير تستهلك الطاقة بصورة عالية إضافة إلى الانبعاثات الناجمة منها.
لقد مضت المملكة في مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بمستهدفات طموحة تتمثل في 40 جيجاواط من أصل 62 جيجاواط (مجموع سعات الطاقة المتجددة) بحلول عام 2030، وهذه خطوة جبارة نحو تمكين مزيج الطاقة وخفض الانبعاثات الغازية والحفاظ على البيئة والاستدامة وغيرها، إضافة إلى تمكين الألواح الشمسية الكهروضوئية فوق أسطح البيوت. وقد شغلت أول محطة للطاقة الشمسية والمتجددة على مستوى المرافق في المملكة، محطة سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية، التي تبلغ سعتها 300 ميجاواط، وستلحقها مشاريع طاقة شمسية متعددة مثل سدير وغيرها. ولا شك سيخلف عملية التركيب والتشغيل ألواحا شمسية معطوبة أو منتهية الصلاحية بعد انتهاء عمرها التشغيلي، ولذلك نرى ضرورة رسم استراتيجية لكيفية التخلص من النفايات الشمسية وتحقيق مفهوم الاقتصاد الدائري بكل حذافيرها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، دراسة إنشاء مرادم خاصة للنفايات الشمسية لاستقبال الألواح الشمسية الكهروضوئية المنتهية أو المكسورة ووضع حوافز مادية رمزية لشرائها بما يعدل من سلوك المستهلك ويكون جزءا من منظومة إعادة التدوير، وحظر رمي الألواح الشمسية الكهروضوئية في مرادم النفايات العامة، وكذلك دراسة أهم الوسائل والطرق لتقييم المعادن والعناصر المستخرجة منها في إنشاء مصانع مختصة في إعادة تدوير الألواح الشمسية الكهروضوئية.
ولا شك أن جهات كثيرة ستشارك وتسهم في بلورة هذه الاستراتيجية منها وزارات: الطاقة، البيئة والمياه والزراعة، الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الصناعة والثروة المعدنية ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والمركز الوطني لإدارة النفايات والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي وغيرها. ويظل دور شركات إعادة التدوير المحلية، مثل شركة تدوير البيئة الأهلية (تدوير) والشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك) وغيرهما، جوهريا لأنها ستكون المحرك التشغيلي لكامل العملية. بينما تقوم الجامعات ودور البحث والتطوير على تقصي أعلى درجات التطوير ورفع الكفاءة ليس في اعادة التدوير فحسب لكن في كل عمليات الاقتصاد الدائري مثل إعادة الاستخدام والإصلاح وإعادة التصنيع. ورغم أن هذا التحدي –إعادة تدوير الألواح الشمسية الكهروضوئية- ليس واقعا ملحا كما هو الحال في دول أخرى لكنه مهم للغاية يستحق جانبا من العناية والتخطيط، لأنه سيمكن من استدامة صناعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية خصوصا للعملاء الذين يخططون لبناء ألواح شمسية فوق أسطح بيوتهم. وكما أن بطاريات وإطارات المركبات يعاد استخدامها ويشترى القديم والتالف منها، فقد تحظى الألواح الشمسية الكهروضوئية بهذا الجانب من التصور والاهتمام.
لقد كان لصعود الطاقة الشمسية أحد أعظم قصص النجاح والتفوق في مجال الطاقة في هذا القرن، وبينما يتحرك العالم نحو اقتصاد دائري، فلا يمكننا تجاهل آثار نهاية الحياة لتلك التقنيات التي تقودنا نحو الاستدامة. إن إعادة التدوير تمثل الحل الأكثر استدامة حيث يمكن التعامل مع الألواح الشمسية الكهروضوئية في نهاية عمرها التشغيلي ليس من منظور بيئي واجتماعي فحسب لكن أيضا من حيث الموارد والكفاءة الاقتصادية. وإذا استطعنا تكوين مفهوم لاقتصاد دائري متكامل، فمن الممكن أن تخدم المواد المستعادة في إنتاج ألواح شمسية جديدة أو بيعها في أسواق السلع العالمية، وبالتالي زيادة أمن وتوافر إمدادات المواد الخام في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي