الطاقة الشمسية الكهروضوئية وإعادة التدوير «1من 2»

تمتلك الطاقة الشمسية خاصة تقنية الخلايا الكهروضوئية Photovoltaic حصة سوقية تبلغ 23 في المائة من حجم السوق العالمية للطاقة المتجددة. وقد واصلت صناعة الطاقة الشمسية قيادة التوسع في السعة، بزيادة أكثر من 100 جيجاوات متفوقة على طاقة الرياح. ولقد زاد الطلب العالمي على الطاقة الكهروضوئية من 1.3 جيجاوات عام 2000 إلى 586 جيجاوات عام 2019 بمعدل نمو سنوي 20 في المائة، وهو أعلى بكثير من أي صناعة أخرى للطاقة المتجددة.

يراوح عمر الألواح الشمسية الكهروضوئية بين 25 و30 عاما حسب التقنية المستخدمة، ونظرا للزيادة الهائلة في الإقبال على تركيب الألواح الشمسية، فإن ذلك سيخلف تراكم حجم كبير من النفايات من هذه الألواح الشمسية أو ما يسمى النفايات الشمسية، وقد يصل عدد كبير من الألواح الشمسية إلى نهاية عمرها التشغيلي.

لذلك تواجه صناعة الطاقة الشمسية تحديا يتمثل في دورة نهاية الحياة وهذا ما يدركه بعض الخبراء والعاملين في الصناعة لأنها تعد معضلة كبيرة. ماذا نفعل بكل هذه الألواح الشمسية عندما ينتهي عمرها التشغيلي؟ ماذا إذا كسرت أو تلفت أو أصبحت غير قابلة للاستخدام؟ هل توجد عناصر مضرة بالبيئة تصنع منها منتجات الطاقة الشمسية الكهروضوئية؟ لقد انحنى عديد من المشاريع في العالم نحو الوصول إلى نهاية عمرها التشغيلي، ويبدو أن القلق قد بدأ يتزايد في كيفية الاستفادة أو التخلص من هذه الألواح ورسم استراتيجية في التخلص من النفايات الشمسية وإنفاذ مفهوم الاقتصاد الدائري. تحتوي الألواح الشمسية على مواد قيمة مثل السيليكون والفضة والألمنيوم والنحاس والجاليوم إلى جانب مواد خطرة مثل الرصاص والكادميوم، وهي مواد ضارة بالإنسان والبيئة على حد سواء.

ومن منظور اقتصادي، فإن من المهم إعادة تدوير المواد القيمة التي يمكن أن تضمن استدامة سلسلة التوريد على المدى الطويل والحد والتخفيف من المواد الخطرة. إن إعادة تدوير الألواح الشمسية من الناحية البيئية لا يمنع فقط إطلاق المواد الخطرة من مرادم النفايات لكنه يقلل أيضا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتعلقة بإنتاج الوحدات الكهروضوئية.

تتوقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة International Renewable Energy Agency أن يصل نحو 78 مليون طن متري من الألواح الشمسية إلى نهاية عمرها الافتراضي بحلول عام 2050، وأن العالم سينتج نحو ستة ملايين طن متري من النفايات الشمسية الجديدة سنويا. وتعد إعادة تدوير الوحدات الشمسية وإعادة تصنيعها عنصرا حاسما في مستقبل الطاقة الخضراء والنظيفة إذ تم التغاضي عنه في كثير من الأحيان. وإن خيارات التجديد يمكن أن تعوض تكاليف إعادة التدوير والشحن وتمنح الآخرين الذين لا يستطيعون عادة تحمل تكلفة الألواح الشمسية الجديدة فرصة لشراء ألواح شمسية مستعملة. ومن ضمن الضرورات: السؤال عن أهمية إنشاء مرادم نفايات لملايين الألواح الشمسية ومن ثم تجديد وإعادة تدوير الألواح الشمسية وإعطاء الألواح حياة ثانية أو التخلص منها بطريقة آمنة.

لقد قدر تقرير صادر للوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن قيمة المواد الخام المستعادة من الألواح الشمسية يمكن أن تزيد بشكل تراكمي إلى 450 مليون دولار بحلول عام 2030. وهذا يعادل عدد المواد الخام اللازمة حاليا لإنتاج ما يقرب من 60 مليون لوح شمسي جديد أو 18 جيجاوات من قدرات توليد الطاقة، ويمكن أن تتجاوز قيمة المواد القابلة للاسترداد بحلول عام 2050 بشكل تراكمي 15 مليار دولار، أي: ما يعادل ملياري لوح أو 630 جيجاوات. ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع عدد الألواح الشمسية في جميع أنحاء العالم إلى دفع سوق إعادة تدوير الألواح الشمسية في العشرة إلى الـ 20 عاما المقبلة.
يهدف الاقتصاد الدائري عموما إلى القضاء على هدر الموارد وإعادة استخدامها بصورة مستمرة، وهو نظام اقتصادي محكم يدور في حلقة مغلقة من عدة مراحل تبدأ من إعادة الاستخدام والمشاركة والإصلاح والتجديد وإعادة التصنيع وإعادة التدوير وهكذا، وهذا بدوره يخفض انبعاثات النفايات والتلوث وانبعاثات الكربون. دعونا ننظر إلى الولايات المتحدة وتحديدا إلى المختبر الوطني للطاقة المتجددة National Renewable Energy Laboratory حيث ذكر أن نفايات الألواح الشمسية الأمريكية قد تصل إلى عشرة ملايين طن متري بحلول عام 2050. ونتيجة لذلك، يتزايد الاهتمام بقيمة المواد الكهروضوئية وتعظيمها من خلال إنشاء اقتصاد دائري لكامل عناصر الطاقة. ورغم توافر التقنيات الحالية لإعادة الاستخدام والتصنيع والتدوير وغيرها، فليس من السهل فصل المواد الكهروضوئية المفيدة من الألواح.

بمعنى آخر: إن عملية تدوير الألواح الكهروضوئية الشمسية حسب مراحل الاقتصاد الدائري المعروفة ليست ناضجة تماما أو في مراحلها الأولى، وغالبا ما يتم استخراج المواد منخفضة القيمة. دعونا نسلط الضوء على جانب واحد من الاقتصاد الدائري: إعادة تدوير الألواح الشمسية، حيث يتم إجراء معظم الأبحاث والتطوير بشكل رئيس في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة، ويركز معظم الجهود في هذا المجال على ألواح السيليكون لاستعادة وإعادة تدوير عنصر السيليكون وبقية العناصر المعدنية النادرة.

توجد حاليا ثلاث طرق مختلفة لإعادة تدوير الألواح الشمسية، وهي الفيزيائية والحرارية والكيميائية، والأخيرة هي الأكثر انتشارا لإعادة تدوير نفايات الألواح الشمسية. إن إعادة التدوير للألواح الشمسية ذات الأغشية الرقيقة متطور بشكل جيد، حيث تتضمن صناعة إعادة تدوير الألواح الشمسية عديدا من الأنشطة المختلفة، بداية من إيقاف تشغيل الألواح الشمسية والعمل بها نظرا لانتهاء عمرها التشغيلي أو كسور وتلف بها، إلى تجميع وفرز وإعادة تدوير الألواح الشمسية.

ورغم أن العملية تبدو بسيطة أيها القارئ، يوجد عدد محدود جدا من الشركات العالمية التي تركز حصريا على إعادة تدوير الألواح الشمسية فقط ... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي