لأول مرة منذ 20 شهرا .. ارتفاعات هامشية لنصف آجال السايبور مع تسارع النمو الائتماني
سجلت آجال السايبور الأربعة تباينا في أدائها خلال آب (أغسطس) الماضي بعد تحركات هامشية لها، وسط توقعات وكالة التصنيف الائتمانية ستاندرد آند بورز بأن القطاع المالي السعودي سيحقق نموا ائتمانيا خلال العام الجاري والمقبل، وذلك عقب النمو الائتماني السريع المسجل في 2020 والبالغ 14 في المائة.
ولأول مرة منذ 20 شهرا، سجلت آجال الاستحقاق لشهر واحد ولثلاثة أشهر "الخاصة بالسايبور" ارتفاعات هامشية بنهاية آب (أغسطس)، حيث أغلقت عند 0.638 في المائة و0.795 في المائة على الترتيب، مقارنة بإغلاقاتها في تموز (يوليو). في حين حافظت آجال السايبور لستة أشهر و12 شهرا على مستويات إغلاقها نفسها في تموز (يوليو) وذلك دون تغيير بعد إغلاقها عند 0.844 في المائة و0.914 في المائة على الترتيب.
وتسعى الجهات العاملة في القطاع المالي إلى زيادة توسع نمو محفظة قروضها وسط تسجيل فائدة الإقراض السعودية مستويات متدنية على المدى التاريخي.
في سياق متصل، حافظت معظم معدلات الفائدة بين المصارف الخليجية على مستوياتها المتدنية مع بداية النصف الثاني لهذا العام وسط إشارات أولية بوصول بعضها للقاع ومعاودتها الصعود التدريجي خلال تعاملات سوق النقد لكل سوق خليجية. وتعتمد الجهات المالية على أسعار الفائدة المعمول بها عند الإقراض بين البنوك العاملة في كل سوق خليجية. وجاءت حركة أسعار الفائدة المرجعية، التي تستخدم كأساس لاحتساب أسعار الفوائد المتغيرة للقروض والتسهيلات الائتمانية، متباينة بين سوق خليجية وأخرى.
وسجل سعر الفائدة بين المصارف في البحرين BHIBOR، والسايبور السعودي "لأجل ثلاثة أشهر"، وإيبور "سعر الفائدة المعروض بين بنوك الإمارات"، والأوميبور "وهو مؤشر لأسعار الفائدة السائدة فيما بين البنوك المحلية في سلطنة عمان"، انخفاضات ملموسة مقارنة بالمستويات المسجلة أوائل العام الجاري.
وجاءت قطر والكويت على عكس الدول الخليجية الأخرى، حيث إن مؤشر قطر لأسعار فائدة الإقراض بين البنوك QIBOR، وسعر الفائدة المعروض على الودائع بين البنوك في الكويت "كيبور" أخذا مسارا صاعدا، فاق المستويات المسجلة مع بداية العام، وذلك وفق بيانات منصة "ماكرو بوند".
يأتي ذلك وسط استرشاد القطاع البنكي الخليجي بفائدة الاقتراض المحلية التي أصبحت بمنزلة الترمومتر لقياس ما إذا كانت السيولة المصرفية الفائضة وفيرة أو تعيش تحت ضغوطات، حيث يتم استخدام فائدة الإقراض الخليجية المقومة بالعملات المحلية من أجل تسعير قروض الأفراد والشركات.
وتستخدم تعاملات سوق النقد الخليجية تلك المراجع التسعيرية المحلية لتحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل في السوق المحلية وذلك لفترات استحقاق مختلفة من "ليلة واحدة، أسبوع، شهر، ثلاثة أشهر، ستة أشهر، وعام".
وتستخدم مؤشرات أسعار الفائدة بين البنوك في مختلف أنحاء العالم لتوفير نقطة مرجعية يومية للبنوك في السوق المصرفية المحلية. ويعتمد سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن (ليبور) وأسعار الفائدة الأخرى المماثلة على عروض أسعار من البنوك حول تكلفة الاقتراض من بعضها، وتستخدم هذه الأسعار لحساب الفائدة على عدة أنواع من المعاملات المالية مثل السندات والقروض.الحقبة الثانية أظهرت نتائج ورقة بحثية أن المقترضين من الأفراد والشركات يعيشون حاليا في الحقبة الثانية من أدنى مستويات الفائدة السعودية خلال 32 عاما.
وبحسب رصد "الاقتصادية"، فإن الحقبة الأولى من عصر الفائدة المتدنية بدأت من منتصف 2009 إلى 2016، حيث استمرت سبعة أعوام. أما الثانية فقد بدأت من 2020 ومرجح لها أن تستمر عند مستوياتها بفعل تبعات الجائحة الاقتصادية وطريقة تعامل البنوك المركزية حول العالم معها، وذلك عبر تخفيض أسعار الفائدة.
وسجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات، وذلك عندما تراوحت بين 10.18 و11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة "ماكرو بوند" السويدية. ووفقا لتقرير "الاقتصادية" المنشور في 28 شباط (فبراير) 2021، فإن المعدل المتوسط لفائدة السايبور يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
من المعلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية جاءت في الفترة من 2016 إلى 2019، حيث يوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء، الذين يرغبون في التحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابتة أو العكس.
ومنذ بداية 2020 والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر، وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج، مقارنة بالمستويات، التي كانت عليها خلال 2019. السيولة العالية: كان البنك المركزي السعودي "ساما" قد ضخ مع بداية حزيران (يونيو) 2020 مبلغ 50 مليار ريال لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي وتمكينه من الاستمرار في دوره في تقديم التسهيلات الائتمانية لعملائه كافة من القطاع الخاص، بما في ذلك دور البنوك في دعم وتمويل القطاع الخاص من خلال تعديل أو إعادة هيكلة تمويلاتهم دون أي رسوم إضافية، ودعم خطط المحافظة على مستويات التوظيف في القطاع الخاص، إلى جانب الإعفاء لعدد من رسوم الخدمات البنكية الإلكترونية، وذلك انطلاقا من دورها في تفعيل السياسة النقدية وتعزيز الاستقرار المالي.
وأدى ضخ السيولة، الذي تم في حزيران (يونيو) إلى زيادة الطلب على القروض الجديدة، من قبل بعض الأنشطة الاقتصادية، وذلك مع تزامن فتح الاقتصاد السعودي. وانعكست إجراءات البنك المركزي السعودي بشكل إيجابي على السايبور، وذلك عبر استمرار هبوطه المستمر منذ مطلع العام الماضي. يذكر أن فائدة الإقراض القصيرة الأجل للسعودية قد تم خفضها ثلاث مرات في 2019، إضافة إلى خفضين آخرين في 2020. أي أن الذي كان سيدفع للمؤسسة المالية فائدة سايبور الخاصة بـ12 شهرا، التي كانت مطلع 2019 عند 3.34 في المائة، أصبح يدفع عليها مع المستويات الحالية نحو 0.91 في المائة.
وتعكس تلك الانخفاضات في أسعار الفائدة منذ 2019 حتى الآن، الواقع الجديد لفائدة الإقراض المتدنية في السعودية، التي أسهمت في تعزيز النمو الائتماني للقطاع الخاص والأفراد خلال الفترة الماضية. واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، حول حركة السايبور، إلى بيانات منصة "سي بوندز" التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات، التي يستثمرون بها.
أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة آجال السايبور فتم الاستناد إلى منصة ماكرو بوند، التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على أثرها من تكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين على ربط تلك البيانات مع بعضها بعضا، وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.
واستندت "الاقتصادية" فيما يخص بيانات أسعار الفائدة بين البنوك الخليجية إلى منصة ماكرو بوند التي أظهرت أن بياناتها حول الكيبور القطري متأخرة شهرا واحدا خلال فترة الرصد وذلك بسبب تعذر جلب أحدث البيانات نظرا لتوافرها لدى منصة أخرى بصفة حصرية. الفائدة الثابتة تعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة وأن المستثمر أو الجهة التمويلية تعرف حجم الفوائد، التي ستستلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام الفائدة المعروضة بين البنوك في لندن "الليبور"، إذ يعد "الليبور" نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار. وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في السوق المحلية لدى تداول. في برنامج دعم القطاع الخاص وتكلفة التمويل تتزامن تلك المتغيرات في أسعار الفائدة المحلية في الوقت الذي حصلت فيه معظم الشركات المستحقة (المؤهلة) على فترات زمنية يتم بموجبها تأجيل تحصيل المصاريف التمويلية المستحقة مستقبلا، وفق المحفزات الاقتصادية التي أعلنها البنك المركزي السعودي في ظل جائحة كوفيد - 19، التي اجتاحت الأسواق العالمية.
وأعلن البنك المركزي السعودي "ساما" منتصف آذار (مارس) 2020 عن حزمة بقيمة 50 مليار ريال (13 مليار دولار) لإعانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على مواجهة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا. ويهدف التمويل إلى السماح للشركات الصغيرة والمتوسطة بتأجيل دفع مستحقات البنوك وشركات التمويل والحصول على التمويل بشروط ميسرة مع إعفاءات من تكاليف برنامج دعم ضمانات التمويل، حيث يرتبط اثنان من حزمة الإجراءات تلك بتكلفة التمويل.
تلا ذلك اعتماد "ساما" حزمة إجراءات احترازية جديدة في إطار دعم الجهود لمواجهة آثار انتشار جائحة فيروس كورونا في مختلف القطاعات الاقتصادية، ومتابعة تأثيرها في الأسواق المالية والاقتصاد، التي كان من ضمنها التأكيد للبنوك أهمية الالتزام بتقديم مجموعة من وسائل الدعم لعملائهم في هذا الوقت الحالي وتمكينهم من مواجهة آثار انتشار فيروس كورونا، إلى جانب أهمية دعمهم للقطاع الخاص لتخفيف آثار انخفاض التدفقات النقدية، ومنها مراجعة إعادة تقييم معدلات الفائدة والرسوم الأخرى على البطاقات الائتمانية، سواء للعملاء الحاليين أو العملاء الجدد، بما يتوافق مع انخفاض معدلات الفائدة حاليا نتيجة للأوضاع الاقتصادية.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر تشرين الأول (أكتوبر) بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019، معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين. ثلاثة مراجع لتسعير الائتمان: يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما المقصود بالسايبور؟ تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض (القصيرة الأجل) التي قد تتراوح ما بين شهر وعام.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد/ الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك.
وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون بمأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة "تومسون رويترز" بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وقال "ساما" إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي تقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منها لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور". وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل "سايبور" الذي ستقوم "تومسون رويترز" باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "الأيسكو".
وحدة التقارير الاقتصادية