في المناسبات هل نتوسع في الأماكن والأنشطة؟

في المناسبات الكبيرة، كعيد الفطر المبارك، وعيد الأضحى، واليوم الوطني توجد فرص لحدوث تجمعات كبيرة من العوائل، والأفراد، لحضور الأنشطة المصاحبة لهذه المناسبات، تعبيرا عن الفرح بالمناسبة، وخروجا عن الروتين الحياتي، وفي هذا تجديد، ونشاط، وترويح عن النفس، وربط موثق للأجيال بمناسبات أمتهم، ومجتمعهم، حتى لا تنسى الأجيال قيمها، وتضحيات أسلافها، خاصة تلك الأنشطة التي تتولاها الجهات الرسمية، لما فيها من أنشطة ترفيهية كالفلكلور الشعبي، والعرضة، وبما يدخل البهجة، والسرور على الحضور، ويؤصل الموروث في النفوس.
من مشاهداتي خلال فعاليات اليوم الوطني خلال الأعوام الماضية، وتحديدا هذا العام، والعام الماضي الحضور المكثف، بل العارم، الذي يتسبب في الزحام الشديد في جميع الطرق المؤدية لمكان الاحتفال بألعابه النارية، وغيرها من الأنشطة حتى إن المشوار الذي يستغرق نصف ساعة في الأوقات العادية يأخذ ساعات في زمن المناسبة، ومع ذلك يتجشم الناس المشقة، رغبة في الوصول إلى مكان الاحتفال.
التصرفات التي حدثت من قبل البعض، كوقوف السيارة في وسط الشارع فجأة، ونزول الشباب منها،وتعطيل حركة المرور، وكذلك بعض الحالات الفردية الخادشة لقيم المجتمع، وتشغيل الموسيقى بصوت عال داخل الأحياء مع ما يترتب على الساكنين من إزعاج، وتعكير لطمأنينة الناس في بيوتهم. مثل هذه التصرفات يفترض تطبيق النظام بحق أصحابها، وبكل حزم، عقابا لهم، وردعا لأمثالهم ممن يتجاوزون النظام، ويتعدون على حريات الآخرين.
لكن الغريب في الأمر أن فئة الشباب من الذكور، والإناث يستمرون في الدوران في الشوارع، حتى بعد صلاة الفجر ليلة المناسبة مع أن النشاطات المعدة للمناسبة انتهت قبل ساعات. لا أجهل أن الشباب في كل مكان من العالم لديهم من النشاط، والحيوية، وحب الاستطلاع، وحب الظهور، والمغامرة ما ليس لدى غيرهم، ويسعون لتفريغها في أي نشاط، وأي فعل، وإن لم يكن هادفا، أو منطقيا، أو مقبولا من الآخرين.
الأجهزة الأمنية بجميع أنواعها تبذل جهودا مضنية، وشاقة في مثل هذه المناسبات، لضمان أمن الجميع، وتجنب كل ما يكدر الصفو، إلا أن كثرة الجموع، وتنوعها، ووجودها في بقعة جغرافية محدودة يزيد من عبء المسؤولية عليهم، ولذا أعتقد أن التفكير في حلول لهذه المشكلات أمر منطقي، وواجب تجنبا للآثار السلبية المترتبة على ذلك، وما أسوقه في هذه العجالة هو اقتراح للجهات المسؤولة عن ترتيب فعاليات المناسبات وهو التفكير في زيادة تعدد أماكن الفعاليات وتوزيعها على مواقع جغرافية متفرقة تفاديا وتجنبا للزحام وعلى تركيزها في أماكن معينة مثل وسط المدينة الذي في الأساس يشهد ازدحاما مروريا كالمعتاد، تسهيلا على الناس، وتخفيفا على الأجهزة الأمنية، وتقليلا من الحوادث المرورية، ومثال لذلك ففي مدينة كالرياض تتوزع الملاعب الرياضية التابعة للأندية، ووزارة الرياضة على جهات المدينة الأربع، فلو عقد في كل ملعب نشاط مرتبط بالمناسبة لزاد مرتادو النشاط لسهولة الوصول إليه لقربه لهم، وبذلك تكبر الفئات المستهدفة في هذه الأنشطة، ونحقق مفهوم عدم تكدس الناس في منطقة أو شارع واحد أو اثنين.
أعتقد أن عملا تكامليا بين جهات حكومية عدة سيثمر عن عرس وطني يعقد كل 23 أيلول (سبتمبر) في كل أرجاء الوطن، كما أرى ألا تقتصر الأنشطة على الألعاب النارية، بل تتضمن كلمات تبرز أهمية المناسبة في تاريخ الوطن، وحاضره، ومستقبله، إضافة إلى قصائد، وعروض نارية، ورقصات شعبية، والعرضة، مع عمل مسابقات تقدم فيها جوائز عينية للفائزين ترتبط بالمناسبة، إضافة إلى عروض الخيول، والألعاب البهلوانية.
ما أقدم عليه البعض، وتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي آثاره ليست محدودة في أصحابها، أو فيمن وقع عليهم الأذى، أو في حدود مجتمعنا، إنما سيتعدى الأثر إلى المجتمعات الأخرى، فترسخ صورة غير واقعية للمجتمع في الأذهان نتيجة وصول هذه المشاهد لملايين الناس ما يصعب تغييره عند أناس لديهم الاستعداد لتصديق، وتعميم ما يرونه عنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي