رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الصين .. ما زال للاحتراق بقية

الطاقة قلب التطور النابض، وشريان حياة جميع الدول بلا استثناء، فلا ازدهار بدونها، ولا مدنية في منأى عنها. موثوقية واستقرار إمدادات الطاقة العالمية هي مسؤولية الجميع دون استثناء من منتجين ومستهلكين، والأمن الطاقي العالمي يجب أن يتم التعامل معه بجدية ونضج وموضوعية، بعيدا عن المماحكات السياسية والاقتصادية.
نعيش في عالم متسارع النمو على جميع الأصعدة، نشاهد نموا لافتا في عدد السكان، ونموا صناعيا قويا، ما يعني بالضرورة أن هناك نموا مطردا في استهلاك الطاقة على مستوى العالم. من يتابع بعض وسائل الإعلام العالمية بأقسامها المختلفة، ويطلع على بعض التصاريح من بيوت الخبرة ومراكز الأبحاث حول قطاع الطاقة، ستتشكل لديه في رأيي صورة ذهنية مضللة عن طبيعة العلاقة بين مصادر الطاقة، وعن مستقبلها. هذا الزخم الإعلامي الموجه، والزخم الإعلاني أحيانا كثيرة سيرسخ في ذهن المتلقي أن العلاقة بين مصادر الطاقة تقوم على معادلة صفرية، وأن إقصاء الوقود الأحفوري هو الحل الأمثل الذي يمكن تطبيقه، متجاهلين حقيقة أن العلاقة بين مصادر الطاقة تقوم على مبدأ التكامل والمنفعة الناتجة عن هذا التكامل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال النظر إلى مستقبل الطاقة وأمن الطاقة العالمي بعين واحدة.
لا يعتريني شك أبدا أن كل العقلاء على كوكب الأرض يسعون بكل جد لحمايته وسلامته والحفاظ عليه، لكن هناك من ينظر لهذا الملف المهم جدا بموضوعية وتوازن، وهناك من يتعاطى معه بتناقض مزعج. اطلعت قبل أيام على تقرير "رويترز" أن أقاليم الصين ما زالت تخطط لإطلاق 100 جيجاوات من الطاقة التي تعمل بالفحم، وأن وكالات التخطيط المحلية وافقت على 24 محطة لتوليد الطاقة تعمل بالفحم في النصف الأول من عام 2021 بطاقة إجمالية تبلغ 5.2 جيجاوات.
قد يتفاجأ البعض كون الفحم ما زال مصدرا رئيسا من مصادر الطاقة في العالم، بل سيبقى كذلك في المدى المتوسط بحسب بعض الدراسات الاستشرافية، ما يعني أن العالم في حاجة ماسة وحقيقية إلى رفع كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة لا إقصاء بعضها أو محاربته. الصين أكبر مستهلك للطاقة ومصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم بحسب لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة، حيث تهدف الصين إلى رفع انبعاثات الكربون إلى ذروتها بحلول عام 2030 وإلى الصفر بحلول 2060.
الجدير بالذكر هنا في خضم تسليط الضوء على النفط ووضعه في قفص الاتهام، فإن الصين لن تبدأ في خفض استهلاك الفحم حتى عام 2026، بعيدا عن قضايا البيئة والتغير المناخي والاحتباس الحراري، وبعيدا عن تعاطي الصين مع هذا الملف، هل تستطيع الصين الاستمرار في تطورها الصناعي اللافت بلا وقود أحفوري؟ هل تستطيع الصين الاستمرار في نهضتها الصناعية بالاعتماد على الطاقة المتجددة فقط؟ وهي من الدول الرائدة في هذا المجال. في رأيي أن الصين وغيرها من الدول منتجين كانوا أو مستهلكين، بحاجة ماسة إلى جميع مصادر الطاقة في ظل هذا النمو والتطور المتسارع الذي تم ذكره سابقا، ما يعني أن ما يثار حاليا حول تقويض صناعة المنبع ليس طرحا موضوعيا ولا منطقيا وسيصطدم بالواقع، وأن الأهم هو الوصول إلى مزيج متوازن للطاقة يلبي حاجة الشعوب، ويراعي غيرها من العوامل في الوقت نفسه بلا ضرر ولا ضرار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي