رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أزمة ديون مصحوبة بركود تضخمي «2 من 2»

رغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يفكر في تقليص برنامج التيسير الكمي تدريجيا، فمن المرجح أن يظل سهلا هينا ومتأخرا عن المنحنى في مجمل الأمر. مثله كمثل أغلب البنوك المركزية، استدرج الاحتياطي الفيدرالي إلى فخ الديون بسبب الارتفاع المفاجئ في الخصوم الخاصة والعامة (كحصة من الناتج المحلي الإجمالي) في الأعوام الأخيرة. وحتى إذا ظل التضخم أعلى من المستهدف، فإن الخروج من التيسير الكمي قبل الأوان المناسب قد يؤدي إلى انهيار أسواق السندات والائتمان والأسهم. وهذا من شأنه أن يعرض الاقتصاد لهبوط حاد، ما قد يجبر الاحتياطي الفيدرالي على عكس اتجاهه واستئناف برنامج التيسير الكمي.
هذا هو ما حدث بين الربع الرابع من عام 2018 والربع الأول من عام 2019، في أعقاب محاولة الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة رفع أسعار الفائدة والتراجع عن التيسير الكمي. سجلت أسواق الائتمان والأسهم انخفاضا شديدا وتوقف الاحتياطي الفيدرالي على النحو الواجب عن تشديد سياسته. ثم عندما عانى الاقتصاد الأمريكي تباطؤا وأزمة معتدلة في سوق إعادة الشراء نتيجة للحرب التجارية بعد بضعة أشهر، عاد الاحتياطي الفيدرالي بشكل كامل إلى خفض أسعار الفائدة ومواصلة التيسير الكمي (عبر الباب الخلفي).
حدث كل هذا قبل عام كامل من اندلاع جائحة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19 التي صدمت الاقتصاد ودفعت الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية إلى الانخراط في سياسات نقدية غير تقليدية وغير مسبوقة، في حين صممت الحكومات أكبر عجز مالي منذ الكساد العظيم. وسيأتي الاختبار الحقيقي لقدرة الاحتياطي الفيدرالي عندما تعاني الأسواق صدمة وسط تباطؤ الاقتصاد وارتفاع التضخم. وفي الأرجح، سيتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن التزامه ويتصرف على نحو لا إرادي.
كما زعمت من قبل، من المرجح أن تستمر صدمات جانب العرض السلبية في الأمدين المتوسط والبعيد. ومن الممكن هنا أن نميز تسع صدمات على الأقل.
بادئ ذي بدء، هناك الاتجاه نحو التراجع عن العولمة وزيادة تدابير الحماية، وتفتيت وإعادة تشكيل سلاسل التوريد المنتشرة على نطاق واسع إلى الداخل، والشيخوخة الديموغرافية في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة الرئيسة. كما تعمل القيود الأكثر صرامة المفروضة على الهجرة على إعاقة الهجرة من الجنوب العالمي الأكثر فقرا إلى الشمال الأكثر ثراء. وقد بدأت الحرب الباردة الصينية - الأمريكية للتو، وتهدد بتفتيت الاقتصاد العالمي. ويعمل تغير المناخ بالفعل على تعطيل الزراعة ورفع أسعار الغذاء.
علاوة على ذلك، من المحتم أن تؤدي الأوبئة العالمية العنيدة إلى مزيد من الاعتماد على الذات على المستوى الوطني وفرض الضوابط على تصدير السلع والمواد الخام الأساسية. وتعمل الحرب السيبرانية الإلكترونية على نحو متزايد على تعطيل الإنتاج، ومع ذلك تظل السيطرة عليها مهمة باهظة التكلفة. وتدفع ردود الفعل السياسية العنيفة ضد فجوات التفاوت في الدخل والثروة السلطات المالية والتنظيمية إلى تنفيذ سياسات تساعد على تعزيز قوة العمال والنقابات العمالية، ما يمهد الساحة لنمو الأجور على نحو متسارع.
في حين تهدد صدمات جانب العرض السلبية هذه بتقليل النمو المحتمل، فإن استمرار السياسات النقدية والمالية المتساهلة قد يؤدي إلى جعل توقعات التضخم هائمة بلا مـرسى. ومن شأن دوامة الأجور والأسعار الناجمة عن ذلك أن تفضي إلى بيئة خصبة للركود التضخمي في الأمد المتوسط أسوأ من تلك التي شهدناها في سبعينيات القرن الـ 20 عندما كانت نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل مما هي عليه الآن. لهذا السبب، سيظل خطر نشوء أزمة ديون مصحوبة بركود تضخمي يلوح في الأفق في الأمد المتوسط.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي