أضرار جانبية لكورونا .. 7300 طن نفايات طبية يوميا معظمها كمامات

أضرار جانبية لكورونا .. 7300 طن نفايات طبية يوميا معظمها كمامات

هبت رياح كورونا فاربكت حسابات العالم وألقت بظلالها على شتى مناحي الحياة مثل السياسة والاقتصاد والسفر والحياة الاجتماعية والعلاقات بين الدول.

وبعد أن كان العلم الحديث يتكالب من أجل التوصل إلى لقاحات أو أدوية أو بروتوكولات علاجية للتصدي لهذه المحنة الصحية التي ألمت بالبشرية بدأ العلماء يلتفتون إلى أن هذه الجائحة لها أضرار أخرى جانبية لم تكن في الحسبان.

منذ تفشي الجائحة بداية 2020 أصبحت كمامات الوجه وغيرها من وسائل الحماية الشخصية التي تستخدم للوقاية ضرورة لا غنى عنها للبشر بشكل عام وللعاملين في قطاع الصحة بصفة خاصة.

ومع تزايد الطلب على كمامات الوجه من نوعية "إن 95" التي تستخدم لمرة واحدة أصبح واضحا للعيان أن لها أضرار مالية وبيئية ضخمة حيث تشير التقديرات إلى أن الجائحة تتسبب في نفايات طبية لا تقل عن 7300 طن يوميا وتتكون معظمها من كمامات وجه من النوعية التي تستخدم لمرة واحدة بل وحتى مع تراجع حدة الجائحة في بعض دول العالم مازال من المتوقع أن يستمر العاملون في الحقل الطبي في ارتداء هذه الكمامات معظم أوقات عملهم.

وكشفت دراسة حديثة أجراها معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا لبحث الآثار المالية والبيئية لاستخدام أنواع كمامات الوجه المختلفة أنه من الممكن خفض هذه التكلفة بشكل كبير عن طريق استخدام أنواع الكمامات التي يمكن ارتدائها أكثر من مرة.

واثبتت هذه الدراسة أن تعقيم الكمامات من نوعية "إن 95" بحيث يستطيع العاملون في مجال الصحة استخدامها لأكثر من يوم واحد يمكن أن يخفض من الأضرار البيئية والمالية لهذه الكمامات بنسبة 75% مقارنة باستخدم كمامة جديدة عند التعامل مع كل مريض.

ويقول جيوفاني ترافيرسو طبيب الجهاز الهضمي والباحث بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا إن "استخدام وسائل حماية قابلة للاستخدام أكثر مرة لن يؤدي فقط إلى خفض كبير في النفقات، بل أيضا سوف يحد من النفايات بشكل ملموس".

وخلصت الدراسة التي أوردتها دورية "بريتيش ميديكال جورنال أوبن" أن استخدام كمامات وجه من نوعية "إن 95" مصنوعة من مادة السيليكون قد يساعد في خفض أكبر في كمية النفايات الطبية. ويعكف ترافيرسو وفريقه البحثي على تطوير مثل هذه الكمامات التي لا تتوافر في الأسواق في الوقت الحالي.

وفي المراحل الأولى من تفشي كورونا كان هناك نقص في كمامات "إن 95" واضطر العاملون بالمجال الطبي في كثير من المستشفيات إلى ارتداء كمامة وجه واحدة طوال اليوم بدلا من تغيير الكمامة عند التعامل مع كل مريض وفي وقت لاحق بدأت بعض المستشفيات في استخدام أنظمة لتعقيم الكمامات بواسطة بخار مادة بيروكسيد الهيدروجين وهو ما كان يسمح بارتداء الكمامة الواحدة لعدة أيام.

وبدأ ترافيرسو وزملاؤه في 2020 في تطوير كمامات "إن 95" قابلة لاعادة الاستخدام مصنوعة من السيليكون ومزودة بمرشح للهواء يمكن تغييره أو تعقيمه بعد الاستخدام. وكانت هذه الكمامات مجهزة بحيث يمكن تعقيمها بالسخونة أو المبيضات من أجل استخدامها أكثر من مرة.

ويقول ترافيرسو في تصريحاته التي أوردها "ساي تيك ديلي" المتخصص في العلوم والتكنولوجيا إن "رؤيتنا كانت تتمثل في أنه إذا كانت لدينا منظومة لاعادة استخدام الأقنعة فإنه من الممكن أن نخفض التكلفة". مضيفا أن "الغالبية العظمى من كمامات الوجه التي تستخدم لمرة واحدة لها تأثير ملموس على البيئة حيث أنها تستغرق وقتا طويلا للغاية كي تتحلل.

وأثناء الجائحة تتركز الأولوية على حماية البشر من الفيروس وبالطبع هذه المسألة تظل هي الأولوية ولكن على المدى الطويل علينا أن نتدارك الأمر ونفعل الصواب ولابد أن نفكر بجدية في تقليل الآثار السلبية لهذه الكمامات على البيئة".

وفي إطار الدراسة قرر الفريق البحثي في معهد ماساشوسيتس اختبار أكثر من سيناريو لاستخدام كمامات الوجه أثناء الجائحة بما في ذلك ارتداء كمامة "إن 95" للتعامل مع كل مريض على حدة، أو ارتداء كمامة واحدة على مدار اليوم أو اعادة استخدام الكمامة بعد تعقيمها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية أو بيروكسيد الهيدروجين وأخيرا استخدام قناع جراحي واحد على مدار اليوم.

وأظهرت التحليلات أنه إذا ما استخدم كل شخص يعمل في المجال الطبي في أمريكا كمامة وجه جديدة من نوعية "إن 95" عند فحص كل مريض خلال الشهور الستة الأولى من تفشي الجائحة فإن إجمالي عدد الكمامات المطلوب سيصل إلى 7.4 مليار كمامة بتكلفة 6.4 مليار دولار وسوف ينتج عن ذلك 84 مليون كيلوجرام من النفايات (بما يوازي وزن 252 طائرة بوينج طراز 747).

أما في حالة تطبيق استراتيجية استخدام كمامات الوجه القابلة للاستخدام أكثر من مرة سيؤدي إلى خفض ملموس في التكلفة وحجم النفايات حيث أنه إذا ما استخدم كل عامل رعاية صحية كمامة "إن 95" مستعملة بعد تعقيمها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية أو بيروكسيد الهيدروجين فإن التكلفة سوف تنخفض إلى ما بين 1.4 و 1.7 مليار دولار خلال 6 أشهر مع تراجع حجم النفايات إلى ما بين 13 و 18 مليون طن (بما يوازي ما بين 39 إلى 56 طائرة بوينج).

وتؤكد جاكلين تشو وهي طبيبة في مستشفى ماساشويتس العام أن "كمامات الوجه جاءت لتبقى خلال المستقبل المنظور وبالتالي من الضروري دمج عامل الاستدامة في استخدامها هي وغيرها من وسائل الحماية الشخصية الي تؤدي إلى تفاقم مشكلة النفايات الطبية".

وبالرغم من دور حملات التطعيم في الحد من انتشار فيروس كورونا يرى ترافيرسو أن الأطقم الطبية سوف تستمر على الأرجح في استخدام كمامات الوجه خلال المستقبل القريب للوقاية ليس فقط من فيروس كورونا ولكن من باقي أمراض الجهاز التنفسي مع الانفلونزا.

الأكثر قراءة