مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا

مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا
مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا
مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا
مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا
مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا
مستقبل الأسهم التي استفادت من أزمة كورونا

استفادت شركات بعينها، وأحيانا قطاعات بأكملها، من التغيرات السلوكية الفردية والمجتمعية التي أحدثتها أزمة كورونا التي اندلعت مطلع 2020، حيث فتحت الأزمة آفاقا جديدة لشركات مهمشة وأخريات متعثرة، بينما أخريات ولدت من رحم الأزمة. رأينا أسعار بعض الأسهم تحلق حين تبين أنها لشركات مستفيدة بشكل مباشر من أنماط الحياة الجديدة التي فرضتها أزمة كورونا، فتهافت المشترون من كل حدب وصوب لشراء تلك الأسهم. ومن المعروف أن أسواق الأسهم دائما تنظر إلى المستقبل عندما تقوم بتسعير الشركات، فهذا يعني أن أسواق الأسهم ربما تعتبر أن ازدهار هذه الشركات ليس بحدث مؤقت، بل نتيجة حتمية لتغيرات مستقبلية دائمة، وهذا يجعلنا نتساءل هل تحافظ هذه الشركات على قيمها السوقية؟

انعطافات تاريخية تؤدي إلى مسارات جديدة

هناك العديد من نقاط الانعطاف التي أدت إلى مسارات مستقبلية مختلفة عما كانت تسير نحوه الحياة، كما حدث نتيجة بعض الاختراعات الأساسية، أو ما حدث نتيجة الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة، والأخيرة هذه على وجه الخصوص لديها تاريخ طويل مع الإنسان بدءا بالطاعون الذي تسبب بمقتل ما يقارب من ربع مليار إنسان في أعوام معدودة، ثم مرض الجدري والإنفلونزا الإسبانية، ومنذ ثلاثة عقود مرض الإيدز، وهذه جميعا تسببت بمقتل عشرات الملايين من البشر وأحدثت تغيرات جذرية في حياة الناس وسلوكياتهم. وعقب كل نقطة انعطاف تظهر هناك شركات تستفيد من تلك التغيرات.

سر نجاح الشركات يكمن في سرعة التكيف والإبداع

إحدى السمات الرئيسة في الشركات المستفيدة من أزمة كورونا هي سمة التكيف السريع مع الظروف الجديدة، فكما للأوبئة سمة الانتشار السريع فلابد أن تكون هناك حلول سريعة، فبدأت المتاجر في الاستثمار بمنصات التجارة الإلكترونية، وأطلقت المطاعم استراتيجيات توصيل الطعام إلى المنازل، ومارس الطلاب أنشطتهم التعليمية عن بعد عبر الإنترنت وأجهزة الحاسب. وتنوعت القطاعات المستفيدة في استراتيجياتها إلا أن العامل المشترك كان في توظيف التقنيات الرقمية من برامج وتطبيقات تسهل سير الحياة عن بعد.

من أكبر المستفيدين من الأزمة كانت شركات التقنية في المقام الأول، وكان لسوق الأسهم الصينية حظا كبيرا بشركة "بيندو أوديو" التي على الرغم من كونها وافدا جديدا في قطاع التجارة الإلكترونية، إلا أنها حققت مبيعات كبيرة في "عام كورونا" حيث حققت ضعف مبيعات 2019 وارتفع سعر سهمها من نحو 20 دولارا ما قبل 2020 إلى 200 دولار بداية 2021. وهذا مثال للشركات التي تنطلق في الوقت المناسب وتنجح وتحدث نقلة كبيرة في قبول الناس لمنتجاتها، ما يعني أن التوقيت المناسب أحيانا هو أهم عامل من عوامل النجاح.

شركة زوم لاتصالات الفيديو
انتعشت الشركة المالكة لتطبيق زوم لاجتماعات الفيديو بشكل كبير وتضاعفت قيمتها السوقية بنحو ست مرات عما كانت عليه قبل الأزمة، وتجاوز عدد مستخدمي التطبيق بحلول أبريل 2020 عدد مستخدمي التطبيق المشابه لدى الشركة العملاقة مايكروسوفت. وحتى مع هبوط السهم من قمته التي حققها بنهاية 2020، لا يزال السهم مرتفعا بأكثر من خمسة أضعاف سعره ما قبل الأزمة.

هل كانت ردة الفعل تجاه سهم زوم مبالغ بها؟ القيمة السوقية للشركة الآن أكثر من 100 مليار دولار، وهناك منافسون كثر، بعضها شركات كبيرة ومعروفة، لديهم تطبيقات محادثة معروفة وبديلة لتطبيق زوم. فمن جهة، يجب أن تقدم "زوم" أدوات جديدة وتطور من تطبيقها وتقوم بابتكار استخدامات جديدة له إن كانت ستستمر في استقطاب العملاء. ومن ناحية أخرى، هل سيبقى مستوى الحاجة إلى تطبيقات محادثات الفيديو عند المستوى نفسه في الأعوام المقبلة؟ في الواقع إن نمو مبيعات "زوم" الفصلية لا يدل على أن هناك نموا كبيرا في المبيعات لتبرير تلك القيمة السوقية، حيث أتت المبيعات لآخر أربعة فصول بالمليون دولار: 663، ثم 777، ثم 883، وأخيرا 956، وهذا الفصل الأخير نسبة النمو فيه نحو 8 في المائة فقط.

شركة شوبيفاي للتجارة الإلكترونية
من أهم الشركات التي انتعشت بسبب الأزمة شركة "شوبيفاي" الكندية التي تقدم برامج وأدوات استفاد منها أكثر من 44 مليون عميل من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهي برامج تعين تلك الشركات في الدخول إلى عالم التجارة الإلكترونية بطريقة سهلة وسريعة. هذه الشركة تمكن العملاء من إطلاق منصات وتطبيقات خاصة بهم تحتوي على جميع التجهيزات والأمور اللوجستية من أخذ الطلبات وإدارة المخزون وخدمة العملاء والمدفوعات الإلكترونية وغيرها.

حققت الشركة مبيعات في 2020 ضعف حجم مبيعات 2019، وفي أول ستة أشهر من 2021، بلغت مبيعات الشركة نحو 70 في المائة من مبيعات 2020، بمبلغ 2.1 مليار دولار، وتغير صافي الربحية إلى الجانب الإيجابي بشكل كبير، خصوصا في الفصل الثاني عند 879 مليون دولار، بعد أن كانت الشركة تحقق خسائر في الأعوام الماضية. لذا فإن النمو القوي للشركة يدل على قوة نموذج العمل لديها ومتانة قاعدة عملائها، وبذلك فمن المتوقع أن تستمر في النمو لعدة أعوام، وبذلك تكون قيمتها السوقية الحالية البالغة 187 مليار دولار مبررة. وقد ارتفع سهم شركة "شوبيفاي" لأكثر من خمسة أضعاف سعره ما قبل كورونا، ولا يزال يحافظ على سعره.

شركات عريقة استجابت لكورونا
عدد من الشركات العريقة استفادت من أزمة كورونا ومنها شركة مايكروسوفت التي تساعد تقنياتها ملايين الشركات والجهات الحكومية في التعامل مع الأزمة، سواء من خلال برامجها في قطاع الرعاية الصحية أو المنتجات السحابية الذكية المستخدمة في التعليم عن بعد. منذ منتصف 2020 ارتفعت مبيعات الشركة نحو 17 في المائة وأرباحها ارتفعت بنسبة 38 في المائة، وتصل قيمتها السوقية حاليا إلى نحو 2.2 تريليون دولار، وهي من الشركات التي لديها كثير من المنتجات التي ستفيد الشركة لأعوام طويلة، وليس فقط أثناء أزمة كورونا.

مايكروسوفت أحد أهم الشركات المقدمة للخدمات السحابية حول العالم، ينافسها في ذلك عدد محدود من الشركات الكبرى، مثل أمازون وجوجل، إلا أن مايكروسوفت لها نفوذ قوي في قطاع الشركات الكبرى وفي الجهات الحكومية، وبالتالي فقد استفادت بشكل كبير أثناء الأزمة في تنمية أعمالها السحابية.

وكان من أولى الشركات التي تحركت مبيعاتها وبالتالي أسعار أسهمها عقب اندلاع الأزمة، شركة أمازون التي كانت إيراداتها 180 مليار دولار في 2019، وارتفعت في 2020 إلى 386 مليار دولار، وما زالت تتواصل مبيعاتها حيث بلغت مبيعات نصف 2021 نحو 222 مليار دولار.

كمنافس مباشر في مجال الحوسبة السحابية، تعد أمازون الشركة الأكبر في العالم في هذا المجال، وتحديدا لدى عامة المستخدمين، وليس مثل مايكروسوفت التي تركز على الشركات الكبيرة والجهات الحكومية. الخدمة السحابية لأمازون تجلب تقريبا 12.5 في المائة من إيرادات الشركة، ولكن نسبة الربحية من الخدمة أعلى بكثير من ربحية خدمات الشركة الأخرى ومنتجاتها. لذا فشركة أمازون، بالرغم من ارتفاع سعر سهمها الذي تجاوز 3700 دولار في الفترة الأخيرة وبلوغ قيمتها السوقية نحو 1.7 تريليون دولار، ستستمر كشركة مسيطرة ومتنوعة الخدمات والمنتجات لأعوام طويلة بعد انتهاء أزمة كورونا.

هناك شركات كبرى معروفة وستستمر في نموها بسبب تعدد منتجاتها وسيطرتها على مفاصل العمل في كثير من القطاعات، إلا أن شركة المدفوعات الإلكترونية PayPal تتميز في استحواذها على شريحة الأفراد، إلى جانب شرائح أخرى، وهي الشركة التي تأسست في 1998 ويستفيد من خدماتها نحو 392 مليون عميل، بحسب الفصل الأول 2021. وبسبب أزمة كورونا تعاظمت الحاجة إلى إجراء عمليات الدفع وتسلم الأموال من خلال منصات الشركة وتطبيقاتها، وهي منافس كبير للقطاع البنكي ومن المتوقع استمرارها في النمو والانتشار لأعوام عديدة.

شركات اللقاحات من أكبر الرابحين
بينما الشركات السابقة تقدم منتجات وخدمات للتعامل مع الأوضاع الجديدة، هناك شركات تتعامل مع الفيروس وجها لوجه، إن صح التعبير، وذلك من خلال العلاجات واللقاحات المتعلقة بالتعافي من وباء كورونا. دفعت حملات التطعيم الجماعية ضد فيروس كورونا الشركات التي تعمل على تطوير اللقاح إلى مستويات عالية، فإضافة إلى الشركات الدوائية العملاقة، هناك شركات أخرى أصغر استفادت أيضا من خلال ما لديها من مكملات علاجية وأدوية ومنتجات صحية.

وفقا لبعض التقارير البحثية من المتوقع أن يصل حجم سوق اللقاحات العالمي إلى 25 مليار دولار خلال ثلاثة أعوام، يشمل ذلك توزيع أكثر من 1.5 مليار لقاح خلال العام الجاري.

في الجدول المرفق نقوم باستعراض النتائج المالية لأبرز سبع شركات عاملة في مجال إنتاج اللقاحات، ويتضح أن هناك شركات عملاقة لديها مبيعات متنوعة غير لقاح كورونا مثل شركتي جونسون آند جونسون وفايزر، لذا فالارتفاع في نسبة المبيعات لا يبدو كبيرا جدا. فلو نظرنا إلى إيرادات النصف الأول من 2021 مقابل إيرادات 2020 فسنجد أن نسبة إيرادات الأشهر الستة لدى الشركات الكبرى تعادل ما بين 60 إلى 80 في المائة من مبيعات 2020، بينما في شركة موديرنا نجد مبيعات أول ستة أشهر من 2021 تعادل نحو ثمانية أضعاف مبيعات 2020 بالكامل. وفي الوقت نفسه، نجد أرباح "موديرنا" لستة أشهر أربعة مليارات دولار مقابل خسارة 747 مليون دولار في 2020.

وتشابه شركة "بيون تك" "موديرنا" في نسب نمو الإيرادات والأرباح، وبشكل أقل الشركتين الأخريين في الجدول، ولذا فإن أسهم الشركات الصغيرة أفضل للاستثمار لمن لديه رغبة في تحمل مخاطر أعلى مقابل احتمال حدوث ارتفاعات كبيرة في أسعار أسهمها في الفترات المقبلة، بدلا من الاستثمار في الشركات الكبرى التي لديها نشاطات ومنتجات أخرى كثيرة.

التغيرات المستقبلية في ممارسة العمل
تسبب الوباء في تعطيل أسواق العمل وكانت العواقب على المدى القصير مفاجئة وشديدة، فقد تمت إجازة ملايين الأشخاص من وظائفهم، وآخرون فقدوا وظائفهم بالكامل، وسرعان ما تكيفت فئات أخرى مع العمل من المنزل، حيث أدى الوباء إلى تسريع التحول نحو العمل عن بعد بنسبة زادت على 25 في المائة، بحسب دراسة لشركة ماكينزي في فبراير 2021. كذلك انتعشت تطبيقات التجارة الإلكترونية ومنصاتها وأتمتة الأعمال بشكل عام.

ومن القطاعات التي تأثرت بشكل كبير بسبب طريقة العمل الجديدة نجد الرعاية الطبية والعناية الشخصية وخدمات العملاء والترفيه والسفر، فمثلا يتضمن قطاع خدمة العملاء متاجر البيع بالتجزئة والبنوك ومكاتب البريد التي يتم التفاعل من خلالها مع الناس وجها لوجه، ولكن مع ضرورة التباعد الاجتماعي التي فرضها وباء كورونا توجهت هذه القطاعات إلى التجارة الإلكترونية والمعاملات الرقمية. هذا التوجه في استقبال العملاء أونلاين من المرجح أن يستمر ويتعاظم في المستقبل بحكم أن العملية خضعت لتجربة حقيقية نجحت بشكل كبير، وكذلك بحكم أنه تم تطوير أدوات وأساليب عمل جديدة اتضح أنها من الممكن أن تستمر في المستقبل.

لذا كان السؤال الأهم الذي حولته جائحة كورونا من اختياري إلى إجباري هو عن مدى استطاعة العالم العمل عن بعد؟

في دراسة أعدها معهد ماكينزي وجد أن نحو 20 إلى 25 في المائة من القوى العاملة بالاقتصادات المتقدمة يمكنها العمل بالمنزل من ثلاثة إلى خمسة أيام في الأسبوع، وهذا الرقم يمثل أربعة إلى خمسة أضعاف ما كان عليه الحال قبل جائحة كورونا، وهذا بدوره يؤدي إلى سلسلة تفاعلات كبيرة بدءا من جغرافية العمل حيث تشاهد عملية انتقال للأفراد والشركات من المدن الكبيرة إلى الضواحي والمدن الصغيرة، إلى ظاهرة تقليص المساحات الإجمالية للمكاتب والمؤسسات. هذا بدوره يؤدي إلى انخفاض الطلب على الأكل في المطاعم وعلى زيارة متاجر التجزئة واستخدام وسائل النقل في وسط المدن. كذلك هذا يؤدي إلى انخفاض الطلب على السفر التجاري الذي يشكل نحو 20 في المائة من رحلات الطيران بعد الاستخدام المكثف لعقد المؤتمرات عبر تقنيات الفيديو.

التعليم
أدت أزمة كورونا إلى إغلاق المدارس والجامعات في أنحاء العالم، كون نحو 1.2 مليار طفل يشكلون خطرا سواء بتعرضهم للإصابة أو نقل المرض إلى الآخرين، نتيجة لذلك نما التعليم الإلكتروني بشكل ملحوظ، وبدأت تظهر دراسات تشير إلى فوائد التعلم عن طريق الإنترنت في استيعاب المعلومات والقدرة على مراجعتها في أي وقت، ومناقشتها مع الآخرين. ومن المتوقع أن تنمو استثمارات تقنيات التعليم العالمية من 18.66 مليار دولار خلال 2019 إلى 350 مليار دولار بحلول 2025، بحسب مركز الأبحاث "ماركيتس آند ريسيرش".

ومن أبرز الشركات في مجال التعليم عن بعد هناك شركة Chegg التي لديها منصات للتعليم موجهة للطلاب من مستوى الثانوية العامة إلى الجامعة، وبالرغم من تحقيق الشركة لخسائر مالية إلا أن لديها نموا كبيرا في الإيرادات. أما شركة Stride فهي أصغر ولكن لديها ربحية وهي متخصصة في تقديم حلول تعليمية من مستوى الروضة إلى الثانوية العامة، كانت تعرف باسم K12، وتغير اسمها إلى "سترايد" بنهاية 2020.

خاتمة
في هذا التقرير استعرضنا عدة شركات في عدة مجالات ممن كان لديها تغيرات كبيرة بسبب جائحة كورونا، فتوجهت إليها الأنظار وارتفعت أسهمها بشكل كبير. ومن ثم تساءلنا عن مدى إمكانية استمرار هذه الشركات في النمو والتوسع عقب انتهاء أزمة كورونا، التي نتمنى أن تنتهي قريبا، وكان من الواضح أن هناك شركات ربما تلقت أسهمها شيئا من المبالغة بحيث قد لا تستمر بالنمو بالنسب ذاتها، بعد الأزمة، وبالتالي لا يكون هناك مبرر لقيمها السوقية الحالية.

وفي الوقت نفسه، هناك شركات عريقة أثبتت قدرتها على التأقلم أثناء الأزمة ولديها منتجات وخدمات كفيلة بتحقيق مكاسب مالية لأعوام طويلة.

الأكثر قراءة