الناقلة صافر .. سيناريو مرفأ بيروت يهدد اليمن
يشهد وضع ناقلة النفط "صافر"، العائمة قبالة ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة غربي اليمن، استياء بشكل أكثر وأكثر، مشكلا مصدر قلق عالمي كبير، على الرغم من النقاشات المعقدة والمكثفة بين الأمم المتحدة والحوثيين، إلا أن التحذيرات تتصاعد، وتدق ناقوس الخطر، من خلال التخوفات من وقوع انفجار أو تسرب للكميات المخزنة من النفط في الناقلة، حيث إن الناقلة تشكل مصدر تهديد للبشر والبيئة، وأنها أزمة تعيد إلى الأذهان حادثة مرفأ بيروت، التي أزهقت أرواح أكثر من 200 لبناني وآلاف الجرحى، والسبب المصدر ذاته، ميليشيات إيران المسلحة في المنطقة، حيث إن مسلسل تبادل الاتهامات بين الجانبين الأممي والحوثي تزداد وتيرته بوضع العراقيل أمام تنفيذ الاتفاق المبرم بينهما أواخر نوفمبر 2020.
وتضمنت وثيقة "نطاق العمل"، التي وافقت عليها جماعة الحوثي رسميا في أواخر نوفمبر 2020، ثلاثة أهداف رئيسة: تقييم وضع خزان "صافر" العائم، من خلال تحليل منظوماته وهيكله، بإجراء ما يمكن عمله من إصلاحات أولية قد تخفض من خطر حدوث التسرب، حتى يتم الاتفاق النهائي والدائم، وصياغة مقترحات الحلول القائمة على الأدلة، والمتعلقة بإنهاء الأزمة، التي يمكن تطبيقها لإنهاء خطر التسرب النفطي، فيما سبق وقدرت الأمم المتحدة موعد وصول فريق البعثة إلى الموقع في منتصف فبراير 2021، لكن لم يحدث ذلك حتى الآن، ولا يوجد أي تقدم في مسألة التنفيذ، حيث إن جماعة الحوثي رهن القرار الإيراني، الذي يعكر صفو أي تسوية تهدف إلى إيجاد حل يخلص اليمن من هذه الكارثة البيئية.
على الرغم من أن الاتفاق حظي بترحيب المجتمع الدولي، على اعتبار أنه خطوة، ذات أثر إيجابي، تعيد الأمل بقرب حدوث انفراج لأزمة الناقلة، لكن كانت النتيجة متوقعة من قبل كثيرين، حيث إنهم سبق أن شككوا في جدية الحوثيين في الالتزام به، خصوصا أصحاب الشأن الحكومة الشرعية، لما واجهوه من تجربة مريرة من عدم جدية الجماعة المدعومة من طهران.
فيما عده مراقبون مكسبا جديدا للجماعة الإرهابية، يشجعها على الاستمرار في نهجها التفاوضي المتصلب لاستثمار ملف الناقلة سياسيا واقتصاديا، فالموافقة التي أبدوها في حينها، كانت على مضض، للحصول على مزيد من المراوغة وتضييع الوقت، إذ أشاروا إلى أنها جاءت "انطلاقا من حرصنا الشديد على منع حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، على الرغم من رفض فريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، الموافقة على توفير مولد النيتروجين كبديل مناسب لمنظومة الغاز الخام، ضمن المعدات التي سيتم إحضارها للقيام بعملية التقييم والصيانة العاجلة".
وكان هدف الميليشيا الحوثية إعادة تشغيل الناقلة واستخدامها في الأعمال الشريرة، لافتين إلى أن تركيز فريق مكتب المشاريع الأممي "اقتصر على إجراء الصيانة التي تمنع حدوث تسرب للنفط من الخزان العائم"، الأمر الذي يعكس إصرارهم على ضرورة الصيانة الكاملة للناقلة، إذ تنصب جهودهم على استغلال الاتفاق والحصول على مكاسب تمكنهم من الاستفادة من النفط المخزن فيها.
بدوره، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، "المسؤولون الحوثيون أوصوا الأمم المتحدة بالتوقف عن بعض الاستعدادات في انتظار نتائج تلك المراجعة، ما من شأنه أن يوجد مزيدا من التأخير للبعثة"، مضيفا، أن "الحوثيين لم يردوا على طلبات المنظمة الأممية المتكررة لهم بتقديم خطاب لتوفير ضمانات أمنية لتيسير استئجار سفن الخدمات المجهزة تقنيا التي تحتاج إليها البعثة، الذي ترتفع بدونه تكلفتها"، لكن قيادات الميليشيا قالت: "التأجيل المستمر يحدث من قبل الأمم المتحدة".
وقال أعضاء مجلس الأمن في بيان لهم، عقب جلستهم المغلقة: "على الحوثيين تسهيل الوصول غير المشروط والآمن لخبراء الأمم المتحدة لإجراء تقييم شامل ونزيه ومهمة إصلاح أولية، دون مزيد من التأخير، وضمان التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة"، مجددين "تحميل الحوثيين مسؤولية وضع صافر"، معربين عن "القلق البالغ إزاء الخطر المتزايد من تمزق أو انفجار الناقلة، ما سيتسبب في كارثة بيئية واقتصادية وبحرية وإنسانية لليمن والمنطقة".