104 صفقات خاصة بقيمة 18.1 مليار ريال في سوق الدين السعودية خلال النصف الأول
أظهر رصد لـ"الاقتصادية"، استمرارية اعتماد المستثمرين المؤسسيين على منهجية الصفقات الخاصة خلال النصف الأول من العام الجاري، ولكن بوتيرة أقل نسبيا، وذلك بعد تنفيذ 104 صفقات خاصة في سوق الدين السعودية بقيمة 18.1 مليار ريال تشكل 46.2 في المائة من إجمالي التداولات عن الفترة ذاتها.
غير أن نسبة الاستحواذ المسجلة خلال النصف الأول من هذا العام تعد أقل بنحو 3.3 في المائة من نسبة الصفقات الخاصة المسجلة عن الفترة ذاتها خلال العام الماضي.
وبذلك تسجل الصفقات الخاصة في سوق الدين، أدنى مستوياتها من حيث إجمالي التداولات لأول مرة منذ أكثر من 18 شهرا. ونطاق استحواذات الصفقات الخاصة من بين إجمالي تداولات سوق الدين يراوح بين 47.2 في المائة و48.9 في المائة.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن الصفقات الخاصة في بورصة الدين تعد أعلى من المعدلات الطبيعية في سوق الأسهم، التي تشكل فيها قيمة الصفقات الخاصة أقل من 1 في المائة من إجمالي قيم الأسهم المتداولة.
وقد يعود ذلك لطبيعة أحجام الصفقات، التي تقدر بمئات الملايين، حيث يتطلب تنسيقها بين البائع والمشتري، إذ يضطر بعض المشترين التفاوض، عبر الوسيط المالي، مع البائع حول كمية أدوات الدخل، التي يرغب في شرائها والاتفاق على سعر معين.
وأسهم ارتفاع أسعار النفط واعتماد معظم الشركات الحكومية على تمويل أنشطتها من الأسواق الخارجية في جعل الجهات السيادية الخليجية تقلص من اعتمادها على أسواق الدين الدولية خلال النصف الأول.
وبلغ إجمالي عمليات التمويل من أسواق الدخل الثابت للكيانات المرتبطة بالحكومات الخليجية ما يصل إلى 37.3 مليار دولار مقابل 6.4 مليار دولار للفترة ذاتها من النصف الأول لعام 2020، وذلك وسط توسع ثقافة استخدام أدوات الدخل الثابت كأحد مصادر التمويل البديلة للقروض.
وبذلك تسجل عمليات التمويل الخارجي عبر السندات والصكوك "شبه السيادية التابعة لشركات مملوكة جزئيا للحكومات" قفزة قياسية للنصف الأول من هذا العام بلغت 482 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها خلال العام الماضي.
وجرت العادة في السابق أن تعتمد الشركات الحكومية على دولها وصناديق الثروة السيادية من أجل ضخ سيولة بها أو توسيع استثماراتها، حيث تخصص الجهة السيادية بعد ذلك جزءا من ميزانيتها لدعم الشركة الحكومية.
بحسب رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، شهدت الفترة الأخيرة تشجعا لبعض الشركات الحكومية من أجل الحصول بنفسها على التمويل الخارجي اللازم، في ظل قيام بعض الحكومات بتقديم ضمانات أو لعلو درجة التصنيف الاستثماري الممنوح للشركات بسبب الملكية الحكومية، الأمر الذي يخفض من تكلفة التمويل.
ووفقا لدراسة بحثية لبنك أبوظبي الأول، فقد بلغ إجمالي الإصدارات السيادية خلال النصف الأول من هذا العام ما قيمته 17.1 مليار ريال، حيث إن الأموال المجموعة من السندات والصكوك السيادية، لهذا العام، هي الأدنى منذ خمسة أعوام.
أي أن النصف الأول قد شهد تسجيل نقطة تحول جوهرية في أنماط التمويل بين الشركات الحكومية والجهات السيادية، التي لا يستغرب استمرارها خلال الفترة المقبلة.
وتصف وكالات التصنيف الائتماني، توجه الكيانات المرتبطة بالحكومة نحو أسواق الدخل الثابت، بمنزلة "إنفاق القطاع العام خارج الميزانية الحكومية" للجهات السيادية الخليجية، حيث يعد ذلك أمرا إيجابيا لأن الشركات الحكومية أصبحت قادرة على تمويل أنفسها دون الحاجة لأي تدخل سيادي. وفي الوقت نفسه ستقود عمليات التمويل الخارجية، التي حصلت عليها لتحويلها إلى استثمارات منتجة في الاقتصاد المحلي.
وذكرت وكالة "فيتش" في تقرير لها نشرته في تموز (يوليو) الماضي، أن مستوى الدين المرتبط بالشركات الحكومية في السعودية قد وصل إلى نحو 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، باستثناء البنوك. ووصفت "فيتش" هذا المستوى "أي نسبة 23 في المائة"، بأنها "لا تزال معتدلة في ضوء دور القطاع العام الكبير في الاقتصاد".
وغالبا ما تجد السندات والصكوك شبه السيادية رواجا بين المستثمرين لكونها تحمل مخاطر ائتمانية متقاربة من نظيرتها السيادية، التي تملك بتك الشركات، فضلا عن وجود علاوة سعرية على أدوات الدين "شبه السيادية" تضاف على التسعير النهائي.
الصفقات الخاصة
بلغ إجمالي الصفقات المتفاوض عليها في سوق الصكوك والسندات السعودية خلال النصف الأول 18.1 مليار ريال، مشكلة 46.2 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات التي تمت في الفترة ذاتها، حيث تركزت في معظمها على الصكوك الثلاثينية والصكوك ذات أجل 12 عاما وبدرجة أقل على الصكوك الخمسية.
وبحسب "تداول"، فإن الصفقات الخاصة هي الأوامر، التي يتم تنفيذها عندما يتفق مستثمر بائع ومستثمر مشتر على تداول أوراق مالية محددة وبسعر محدد، بحيث تتوافق مع ضوابط السوق المالية السعودية (تداول) والقواعد واللوائح الصادرة عن هيئة السوق المالية ذات العلاقة.
ولا تؤثر الصفقات الخاصة في سعر آخر صفقة أو أعلى أو أدنى سعر للصك، أو سعر الافتتاح أو سعر الإغلاق، أو مؤشر السوق أو مؤشرات القطاعات.
الطرح المحلي
تطرح الحكومة السعودية غدا الإثنين إصدارها الشهري من الصكوك الادخارية الخاص بشهر آب (أغسطس)، الذي تبدأ فيه باستقبال طلبات المستثمرين، الذين يبحثون عن الاستثمار الآمن والتوزيعات الدورية المضمونة، في أدوات الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة.
يأتي الإصدار وسط مؤشرات على إقبال واسع من المستثمرين وتداولات نشطة في السوق الثانوية.
وسيتم تسوية الإصدار المحلي الخميس من الأسبوع الجاري، ويذكر أن هذا الطرح يعد الثامن لهذا العام.
معلوم أن السعودية قد قررت تحديث موعد إصداراتها الشهرية من الصكوك الادخارية وذلك للعام الثاني على التوالي، بحيث يصبح الإصدار خلال الإثنين والتسوية تصبح الخميس. ويستطيع المستثمرون الاطلاع على مواعيد الطرح المحدثة عبر صفحة مخصصة بمنصة "بلومبيرج"، تعرف اختصارا بـ DMSA، وتتناسب تلك التعديلات مع أيام عمل السوق الدولية، فيما يتعلق بإعلانات الإصدار ومواعيد التسوية.
يذكر أنه في السابق كان موعد الطرح الأربعاء والتسوية تكون الإثنين، حيث يحتاج العاملون بإدارات الخزانة للبنوك، وكذلك المؤسسات الاستثمارية من معرفة مبكرة لموعد الطرح من أجل تخصيص المبالغ المطلوبة في ظل تدني نسبة التخصيص واشتداد المنافسة بين المستثمرين على الإصدارات الحكومية.
يأتي الإصدار المحلي للسعودية في وقت تلجأ فيه دول العالم، من الأسواق المتقدمة ونظيرتها الصاعدة، إلى أسواق الدخل الثابت (بشقيها الدولية والمحلية) من أجل التعامل مع الالتزامات الطارئة على ميزانية تلك الدول للتعامل مع جائحة كورونا، التي تتزامن كذلك مع خطط تحفيز الاقتصاد ودعم الوظائف.
وأسهم انخفاض أسعار الفائدة في تخفيف حدة أثر خدمة الدين العام لتلك الدول، التي تستدين وتمنح المستثمر في المقابل دفعات دورية ثابتة على أجل الاستحقاق للسندات والصكوك، التي يتم إصدارها، وبخلاف الدول الأخرى، تتعامل السعودية مع الواقع الجديد للأزمة العالمية من مركز القوة.
وبخصوص الطرح المقوم بالريال السعودي، فإنه لا يعرف حتى الآن في إذا ما كانت جهة الإصدار السيادية تنوي إعادة فتح إصدار سابق أو طرح إصدار جديد بالكامل أو مزيج بين المنهجيتين. مع العلم أن جهة الإصدار تملك خيار عدم التخصيص للمستثمرين بعد تسلم طلباتهم، كما فعلت في ديسمبر 2020. ويعد خيار عدم التخصيص أمرا طبيعيا ومتعارفا عليه في السوق المالية.
ويأتي الطرح المحلي بعد موافقة المقام السامي في آذار (مارس) 2020 على زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 في المائة كسقف إلى 50 في المائة، حيث تتوقع وزارة المالية ألا يتم تجاوز تلك النسبة من الآن حتى نهاية 2022.
استحقاقات 2021
تبلغ قيمة الإصدارات العامة، المتوافرة بياناتها، التي يحين أجل استحقاقها هذا العام ما يصل إلى 23.8 مليار ريال، معظمها حان أجل استحقاقها من أدوات الاستدانة بالعملة المحلية.
وتنوعت مصادر التمويل، التي يحن أجلها بين سندات تنموية ومرابحات تنموية حكومية وإصدار دولاري واحد من السندات الخمسية.
وبذلك يتبقى الإصدار الدولاري بقيمة 5.5 مليار دولار، الذي يحين أجل استحقاقه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وفقا لبيانات "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات الدخل الثابت.
يعد هذا الإصدار متميزا لأنه كان من ضمن باكورة إصدارات السعودية من السندات الدولية في 2016، التي لاقت ترحيبا حارا من المستثمرين الأجانب.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية الخاصة بمواعيد آجال الاستحقاق على البيانات التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" للخدمات المالية. يذكر أن "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية، التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
ويهدف المركز الوطني لإدارة الدين إلى الإسهام في وضع سياسة الدين العام للمملكة وتطويرها، وتأمين احتياجات المملكة من التمويل على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
وكذلك ضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر، فضلا عن متابعة شؤون التصنيف الائتماني للمملكة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وتقديم خدمات استشارية واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والشركات، التي تمتلك فيها الدولة ما يزيد على (50 في المائة) من رأسمالها والمؤسسات العامة في مجال اختصاص المركز، بما في ذلك تجميع بيانات الدين العام المباشر وغير المباشر ومعالجتها ومتابعتها، والتفاوض حول إعادة هيكلة الديون أو إعادة تسعيرها أو إعادة التعاقد عليها، أو خدمات تتعلق بسياسات التحوط، أو إدارة علاقات المستثمرين في أدوات الدين العام، أو شؤون التصنيف الائتماني، أو غيرها من الخدمات ذات العلاقة.
مستجدات أسواق الدين العربية
من المنتظر أن تستفيد أدوات الدين المقومة بالعملات الصعبة، التي تم إصدارها من الدول العربية، من قرار صندوق النقد الدولي أوائل الشهر الجاري، الذي ينتظر على أثره أن يتم ضخ تمويلات إضافية للدول الأعضاء بقيمة 650 مليار دولار في صورة حقوق سحب خاصة، التي يمكن تحويلها إلى عملات مثل الدولار.
وتعد أكبر مخصصات لحقوق السحب الخاصة في تاريخ صندوق النقد وبمنزلة دفعة قوية لاقتصاد العالم في ظل الجائحة. وسيتم توزيع هذه الأموال على الدول الأعضاء وفقا لحصصها الحالية في صندوق النقد.
ونقلت منصة "ريد"، المتخصصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة، عن مصادر مصرفية بأن الدول، التي تعد من الأسواق الناشئة ستكون من كبار المستفيدين من مخصصات حقوق السحب، الأمر الذي قد يقود تلك الدول لتقليص حجم إصداراتها الدولية من السندات الجديدة، ما يعطي دعما لأوراقها المالية من أدوات الدخل الثابت المدرجة في البورصات العالمية.
تعداد الصكوك الادخارية
ويبلغ تعداد الصكوك الادخارية المدرجة 43 صكا، بنهاية تموز (يوليو) 2021، وفقا لمنصة "سي بوندز" للبيانات المالية، التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات، التي يستثمرون بها.
وأظهرت وثيقة حصلت عليها "الاقتصادية"، أن السعودية تنوي تمويل عجز 2021 عبر الاعتماد 87.9 في المائة (تعادل 124 مليار ريال) على ثلاث قنوات للتمويل تشمل السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل.
وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة الصعود البارز هذا العام لأحد أعمدة التمويل المقبلة لحكومة المملكة والمتمثلة في "التمويل الحكومي البديل"، لتصبح تلك الأداة المالية الحديثة إحدى الأدوات الرئيسة لتعبئة الموارد الخاصة بجمع التمويل ذي الصبغة التنموية. ويشتمل التمويل الحكومي البديل على ثلاث أدوات تمويلية وهي تمويل المشاريع، وتمويل البنى التحتية، ووكالة ائتمان الصادرات.
وعلمت "الاقتصادية" أن خطة الاقتراض السنوية، التي أعدها المركز الوطني لإدارة الدين بالنيابة عن وزارة المالية، قد تطرقت لأبرز ملامح الخطة السنوية للاقتراض وصافي احتياجات الحكومة من التمويل المتعلق في العام المالي 2021.
ووفقا لميزانية السعودية لعام 2021، تقدر متطلبات التمويل للعام الحالي بمقدار 141 مليار ريال سعودي. وعليه تخطط وزارة المالية على تمويل هذا العجز بمزيج من التمويل بمقدار 124 مليار ريال، الذي يتضمن الحفاظ على تنويع مصادر التمويل المحلي والدولي في 2021 مماثلة بشكل كبير لعام 2020.
مع العلم أن قنوات التمويل ستكون موزعة على إصدار السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل. وأشارت خطة الاقتراض السنوية أنه سيتم تمويل العجز المتوقع المتبقي من خلال الاحتياطيات الحكومية.
وعن استراتيجية الاقتراض الخارجي للسعودية لهذا العام فهي تتمحور حول التمكين من اقتراض معظم احتياجاتها التمويلية خلال النصف الأول حسب أوضاع السوق، وذلك لخفض مخاطر التمويل وإتاحة المجال للجهات الحكومية والقطاع العام لاختيار الوقت المناسب لإصداراتهم الخارجية خلال العام.
وحدة التقارير الاقتصادية