رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الاقتصاد ومشكلات التنوع ورؤية العالم «2 من 2»

الدول الغنية لا تمثل سوى نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فلا يمكننا تفسير هذا التركز الاقتصادي الشديد بشكل كامل بعدم كفاية الموارد أو قلة الاستثمار في التعليم والتدريب في بقية العالم، وإن كانت هذه العوامل يجب أن تلعب دورا مؤثرا بكل تأكيد.
الواقع أن بعض الدول التي أحرزت تقدما اقتصاديا هائلا في الأعوام الأخيرة، تظل رغم ذلك منقوصة التمثيل بشدة في المجلات الاقتصادية الكبرى. تنتج منطقة شرق آسيا ما يقرب من ثلث الناتج الاقتصادي العالمي، ومع ذلك يسهم الاقتصاديون المقيمون في المنطقة بأقل من 5 في المائة من المقالات في المجلات الاقتصادية الكبرى. على نحو مماثل، نجد أن حصة المطبوعات من جنوب آسيا ودول منطقة جنوب الصحراء الكبرى ضئيلة، وأقل كثيرا من وزن هذه المناطق الضئيل بالفعل في الاقتصاد العالمي.
إلى جانب الموارد والتدريب، يعد الوصول إلى الشبكات أمرا أساسيا في توليد المعرفة ونشرها. ويتوقف التعامل مع بحث ما بجدية بشكل حاسم على ما إذا كان المؤلف ارتاد المدارس المناسبة، ويعرف الأشخاص المناسبين، ويسافر إلى دوائر المؤتمرات الصحيحة. في الاقتصاد. تتمركز الشبكات ذات الصلة في الأغلب الأعم في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية.
الاعتراض المتوقع هنا هو أن عديدا من الاقتصاديين البارزين اليوم ينتمون إلى دول نامية. صحيح، من بعض النواحي، أن الاقتصاد أصبح دوليا بشكل أكبر. وقد سجل عدد الباحثين المولودين في الخارج في أقسام الاقتصاد وشبكات البحوث الرائدة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، نموا واضحا.
وكان الباحثون في الاقتصادات المتقدمة أيضا يولون قدرا أكبر من الاهتمام للدول النامية، ما يعكس حقيقة مفادها أن اقتصادات التنمية أصبحت ميدانا أكثر بروزا ضمن هذا التخصص. في برنامج الماجستير في مجال اقتصادات التنمية الذي أتولى إدارته في جامعة هارفارد، على سبيل المثال، تنتمي أقلية من أعضاء هيئة التدريس إلى الولايات المتحدة. أما البقية فهم من بيرو، وفنزويلا، وباكستان، والهند، وجنوب إفريقيا، والكاميرون.
لكن من غير الممكن أن يحل أي من هذه التطورات الإيجابية محل المعرفة والبصيرة المحلية. يستوعب الاقتصاديون المولودون في الغرب عادة في بيئة فكرية تهيمن عليها قضايا ومخاوف الدول الغنية. ويظل تعرض الباحثين الاقتصاديين الزائرين للوقائع المحلية المتنوعة مقتصرا على المصادفة، كما في القصص حول ستيجليتز وهيرشمان. ولنتخيل كم الأفكار المهمة التي تظل غير مكتشفة لأن الباحثين من المحيط الأكاديمي الخارجي يفتقرون إلى جمهور متقبل.
تمر علوم الاقتصاد حاليا بفترة من البحث عن الذات فيما يتعلق باختلالات التوازن الجنسانية والعرقية التي تعيبها. نشهد الآن عددا كبيرا من المبادرات الجارية في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية لمعالجة هذه المشكلات. لكن التنوع الجغرافي يظل غائبا إلى حد كبير عن المناقشة. ولن يكون الاقتصاد تخصصا عالميا حقا ما لم نعالج هذا العجز أيضا.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي