رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لبنان والمنعطف الاقتصادي والفساد

منذ التفجير المأساوي الذي شهدته بيروت في آب (أغسطس) الماضي، تمت إعادة بناء أجزاء من المدينة وكان هناك أمل آنذاك بأن تؤدي هذه المأساة إلى التقاء إرادة الجميع على القيام بإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي موسع. ومن المؤسف أن هذا لم يحدث. بل العكس من ذلك، ما نراه هو تدهور حاد في الأوضاع المعيشية للشعب اللبناني.
وكثير من المتحدثين سلطوا الضوء على الأزمة الإنسانية في لبنان. وحقيقة أرغب أن أضيف نقطة واحدة بشأن الاقتصاد. فقد انكمش الاقتصاد بالفعل بنحو الثلث منذ عام 2017 ومن المتوقع أن يزداد انكماشا في الفترة 2021 - 2022، كما بلغت البطالة معدلا شديد الارتفاع. وفوق كل ذلك، تواصل الجائحة تكبيد البلاد خسائر فادحة.
هذا هو السياق، ونريد أن ننبه كل الداعمين والراغبين في دعم لبنان اقتصاديا، ومما وجهوا الدعوة لهذا العمل كي نتحدث عمن تحملوا إهمالا مفرطا لاحتياجاتهم الإنسانية الملحة، وتأخرا مفرطا في إصلاح الاقتصاد الذي أصابه الضعف.
ولذلك، فبالنسبة لنا في صندوق النقد الدولي نرى احتياجا عاجلا للتحرك اليوم، ونعلق أهمية كبيرة على إحداث تحول في الاقتصاد اللبناني على المدى الأطول.
وفيما يخص الحاجة الماسة إلى التحرك، فكما ذكرتم - وأود أن أشكرك بشأن توزيع المخصصات الجديدة من حقوق السحب الخاصة - أن لدينا الآن نتيجة التصويت الذي تم في مجلس المحافظين في الثاني من آب (أغسطس) بشأن إصدار مخصصات جديدة من حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار لتوزيعها في غضون أسبوعين وفقا لحصص العضوية. وبالنسبة للبنان، هذا أمر ليس بسيطا. فسيحصل لبنان من خلال هذا التوزيع على حقوق سحب خاصة تعادل 860 مليون دولار في هذا الوقت العصيب لزيادة احتياطياته التي استنزفت، وكذلك للمساعدة على تلبية الاحتياجات العاجلة الكثيرة للشعب اللبناني.
ومن الضروري استخدام حقوق السحب الخاصة تلك بصورة مسؤولة وحكيمة. إنه أمر مهم في كل مكان، لكنه شديد الأهمية في لبنان، نظرا للمنعطف الحرج الذي يمر به. إن هذه المخصصات مورد نفيس، ويجب توزيعها بما يحقق الاستفادة القصوى للبلد وشعبه. وبطبيعية الحال، تمثل كيفية استخدام حقوق السحب الخاصة قرارا سياديا غير أنه يجب أن يكون قرارا صائبا. ويحق للشعب اللبناني معرفة ما ستحققه لهم حقوق السحب الخاصة الموزعة، وأنا أدعو الشركاء الدوليين والمحليين إلى العمل معنا للمساعدة على ضمان الشفافية والمساءلة في استخدام مخصصات لبنان من حقوق السحب الخاصة الجديدة.
لكن حقوق السحب الخاصة لن تحل مشكلات لبنان الهيكلية والنظمية الأطول أجلا. فما الذي نحتاج إليه لحلها إذن؟ نحتاج إلى حكومة تتمتع بالصلاحيات اللازمة للإصلاح وتنشيط الاقتصاد اللبناني المعطل. ونحن نعرف المجالات التي يتعين التحرك فيها. ونعرف ما يتعين القيام به:
- أولا، المعالجة المباشرة للمشكلة الجوهرية المتعلقة بضعف الحوكمة، من خلال تعزيز مكافحة الفساد، وتحسين أداء وظائف الدولة، ولا سيما إدارة الشركات المملوكة للدولة، وأود التركيز هنا على قطاع الطاقة باعتباره أهم مجال للتحرك، واستكمال تدقيق حسابات مصرف لبنان والشركة المعنية بتقديم إمدادات الكهرباء.
- ثانيا، تنفيذ استراتيجية للمالية العامة تجمع بين إعادة الهيكلة العميقة للدين وإجراء إصلاحات لاستعادة مصداقية البلاد، مع الاهتمام بالإنفاق الاجتماعي كجزء من هذه الاستراتيجية.
- ثالثا، إجراء عملية إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي، والاعتراف مقدما بخسائر البنوك الخاصة ومصرف لبنان، لكن على نحو يوفر الحماية لصغار المودعين.
- وأخيرا وليس آخرا، نحتاج إلى نظام موثوق للنقد والصرف، يرتكز على توحيد أسعار الصرف.
وقد كنا موجودين للحوار مع السلطات اللبنانية على مدار العام الماضي، لكن سأكون بالغة الصراحة، فالتواصل كان يخضع لقيود شديدة بسبب عدم وجود حكومة عاملة. وهنا حث الزعماء السياسيين في لبنان على التوافق حول حكومة جديدة تملك الإرادة والصلاحيات لتنفيذ الإصلاحات.
ورسالتي الختامية لشعب لبنان: نحن نقف إلى جانبكم ونتطلع كثيرا إلى حكومة تبادر بخطوات إلى الأمام حتى نتمكن جميعا من توحيد القوى لانتشال لبنان من مأساة الأعوام الأخيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي