رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التحول الرقمي في صناعة المياه

أصبح التحول الرقمي من الروافد القوية للتغيير في صناعة المياه Water Industry، وقد تمكنت تقنية الأدوات المساعدة من تنفيذ أي تحديثات مطلوبة بشكل ناجح وسريع من خلال تحسين العمليات واستخراج القيمة من البيانات. ولذلك نرى أن مقدمي خدمة المياه والصرف الصحي يسعون إلى تقديم خدمة مستدامة من خلال البحث في تعزيز التحسين ورفع كفاءة التشغيل. لقد أثبتت جائحة كورونا أن الحلول الرقمية ليست مجرد حلول فحسب لكنها ضرورية لمرافق المياه في جميع أنحاء العالم، وأصبح من الضروري مراقبة الأصول وتشغيلها عن بعد وتحسين تكاليف التشغيل في مواجهة الأحداث غير المتوقعة وحالات الطوارئ وتبسيط إدارة الموارد والعمل الميداني بكل كفاءة إلى جانب أهمية تأصيل الأمن السيبراني في العمليات التشغيلية منعا لأي اختراق محتمل. ولا يخفى على أي مهتم في صناعة المياه بروز عديد من المخاطر والتحديات المقبلة في صناعة المياه على المستوى العالمي. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ارتفاع معدلات التنمية الحضرية والصناعية ومستوى المعيشة، وتصاعد الطلب على المياه والغذاء والطاقة لتزايد عدد السكان، ومنها تباين نسبة استهلاك الفرد للتر في اليوم الواحد، وعدم استدامة الخدمة إلى المستهلكين، وعدم موازنة إدارة الطلب مع العرض، وتزايد التلوث بشكل واضح، والاستغلال المفرط لموارد المياه المحدودة، وأخيرا عدم فاعلية بعض البنى التحتية أو تقادمها. ويعد تقادم محطات تحلية المياه والصرف الصحي وتنقية المياه من الهموم التي عادة ما تؤرق إدارة المرافق العليا، بينما يؤول تقادم الشبكات إلى زيادة الفقد والهدر المائي، وللعلم فإن بعضا من هذه التحديات نواجهها على مستوى المملكة. يمثل استخدام التقنيات الرقمية الأداة الوحيدة التي يمكن للشركات الاعتماد عليها لتحقيق إدارة تشغيل فعالة وصناعة مستدامة، وتمثل البيانات المفتاح السحري لتحسين الإدارة التنفيذية والتشغيلية، والطريقة الوحيدة لإدارتها تتحقق من خلال أدوات ذكية. ودائما ما تكون اتصالات البيانات جنبا إلى جنب في صناعة المياه مع عمليات المعالجة الذكية، وعلى سبيل المثال، تعد قراءة عدادات المياه عن بعد ممارسة عالمية، وستزداد وتيرة التنفيذ بكل تأكيد مع تبني تقنية الجيل الخامس. إن معرفة ما يحدث مع أصول مقدم الخدمة هو الأساس لفهم الصورة، إذ يؤدي إلى تحسين العمليات واستباق المشكلات وتوسيع نطاق البنى التحتية بشكل صحيح. بالمثل، فإن جمع البيانات من البيئة المحيطة، مهما كانت طبيعتها، سيساعد على تشغيل كامل البنى التحتية.
لو نظرنا إلى المشهد العالمي، لرأينا فوائد التحول الرقمي في صناعة المياه، ومنها إمكانية اتخاذ القرارات بناء على البيانات، حيث أدى تطور عدادات المياه إلى تدفقات غير مسبوقة من البيانات تمت ترجمتها بعد ذلك إلى معلومات، حيث أمكن استخدامها لاتخاذ قرارات حاسمة بشكل استباقي وكذلك البيانات من أجهزة الاستشعار في الشبكات. وليس الهدف جمع البيانات فحسب لكن يجب ترجمة تدفق البيانات إلى معلومات قيمة. كذلك إمكانية توجه مرافق المياه إلى نهج يرتكز على العميل Customer-Centric ذاته، وبفضل الابتكارات التقنية في عدادات المياه، يمكن أن تصبح المرافق سباقة في إدارة العملاء وخدمتهم بالشكل الصحيح. توفر تقنية إنترنت الأشياء معلومات أفضل للعملاء وخدمات ذات قيمة مضافة لهم وتقلل من الشكاوى، بل يساعدهم على ترشيد استهلاكهم للمياه، وهذا يعد من أعظم مزايا التحول الرقمي وهو تحقيق الشفافية للعملاء والشركات والمؤسسات. ومن فوائد التحول الرقمي في صناعة المياه هو زيادة عائد الاستثمار، حيث يولد نهج المياه الذكية في المؤسسات كفاءات أكبر بتكلفة أقل وبالتالي تحقيق وفورات من خلال أتمتة العمليات التشغيلية. ويمكن أن تكون الوفورات المحققة أساسا لمزيد من الاستثمارات في التحول الرقمي، ما يجعل هذه العملية مستدامة. ومن جانب آخر، هناك حاجة متزايدة إلى التخطيط طويل المدى واتخاذ قرارات دقيقة على المدى القصير، مع تطور سلوكيات المستهلكين. ومن هنا جاء مفهوم المرونة Resiliency أو القدرة على استعادة عافية التشغيل بالسرعة الكافية بعد حدوث المصاعب مثل انقطاع الخدمة أو تسرب المياه من خط أنابيب رئيس، وتسير مرافق المياه وراء هذا الهدف من أجل تحديد المخاطر المحتملة ووضع خطط التكيف معها. ولبناء مستقبل مائي مستدام، يجب ألا تخطط المرافق في تملك وتشغيل البنية التحتية المناسبة فحسب، بل يجب أن تعلم مقدما ماذا سيحدث ودراسة الأسباب المؤدية لذلك. ومن خلال الجمع بين نماذج المحاكاة والذكاء الاصطناعي، يسهل العمل عن بعد والقدرة على توقع المصاعب التشغيلية. وتجلب الأدوات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي قيما رائعة لخطط الطوارئ بما يضبط إدارتها بشكل سليم، وتعمل أيضا في تدريب مشغل الخدمة من خلال محاكاة سيناريوهات في غرفة التحكم باستخدام البيانات التأريخية لرسم عدة تصورات مستقبلية. ومن المشاهد أن بعض أنظمة الشركات معدة بشكل أفضل مع استخدام أجهزة الاستشعار والرقابة في شبكات المياه بما يصنع قيمة مضافة في الاستراتيجية الرقمية بما فيها ضبط الفقد الفني والتجاري.
إن مرافق المياه التي لا تتضمن التحول الرقمي في خريطة الطريق الخاصة بها ستواجه صعوبات أكبر عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ ومراقبة الأداء، خصوصا مع التحديات والمخاطر المحتملة. وتمثل الحلول الرقمية ضرورة لجميع مرافق المياه، ليس فقطلتحسين الخدمات المقدمة، لكن أيضا لمساعدتها على تنفيذ المهام التشغيلية اليومية بما يحسن خدمة العملاء وكسب رضاهم وولائهم. ومن المهم للإدارة العليا لمرافق المياه أن تتغلب على مقاومة التغيير لتحقيق التحول الرقمي، وهذا يتطلب تغييرا ثقافيا لدى المديرين التنفيذيين داخل مرفق المياه وتكوين رؤية واضحة للمنظمة. ويعد الموظفون عنصر نجاح التحول الرقمي في مرافق المياه ومن الضروري التواصل معهم وزرع المهارات الرقمية واستقطاب المواهب المتقدمة في الرقمنة بما يشجع على العمل الجماعي وتسريع التغيير المطلوب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي