التدريب الرقمي ومهارات المستقبل
يمكن أن نطلق على هذا العصر بكل ثقة "عصر التدريب والمهارات"، حيث لم يعد الاعتماد للتوظيف وتحقيق النجاح على الشهادات والمؤهلات الدراسية، فكم من شاب أو شابة تخرجوا من أفضل الجامعات في الداخل والخارج لكنهم يجدون صعوبة في الحصول على عمل، ويأتي صاحب التدريب والمهارة فيجد الترحيب ويتقاضى مرتبا مجزيا، وانسجاما مع هذا التوجه العالمي أولت "رؤية 2030" اهتماما بأصحاب المهارات والمواهب، وأطلقت برامج التدريب بشكل لم يسبق له مثيل، وشجعت المؤسسات الدولية والشركات الكبرى المختصة على دخول السوق السعودية لتدريب الشباب من البنين والبنات في مختلف المجالات، خاصة ما يتعلق بالتقنية الحديثة، ولعل اختيار شركة أبل العاصمة السعودية مقرا لأكاديمية "أبل للمطورين" خير دليل على هذا التوجه القوي لتوفير أفضل مستويات التدريب الحديث. ويقول مختصون: إن اختيار هذه الشركة العالمية للسعودية كأول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتكون مقرا للأكاديمية العالمية يأتي تأكيدا للتحول الرقمي الذي تشهده بلادنا، وثقة بعقول شبابها وشغفهم في التدريب والعلوم التقنية الحديثة.
وقد تم اتخاذ هذه الخطوات المهمة بالتعاون مع جامعة الأميرة نورة للتركيز على تدريب الفتيات، وكذلك الاتحاد السعودي للأمن السيبراني الذي كانت له جهود سابقة في هذا المجال.
وما دمنا فتحنا هذا الملف، فإن في بلادنا عشرات الأكاديميات التدريبية التي أعلنها، وإن كان بعضها لم يباشر أعماله حتى الآن. ومن النماذج الفاعلة لهذه الأكاديميات تلك التي تهدف إلى إكساب مهارات تقنية المعلومات، وتم تأسيسها بالشراكة التدريبية بين شركة سيسكو العالمية ومعهد الإدارة العامة. ويصبح المتخرج فيها مؤهلا وقادرا على خوض الاختبارات المهنية المقدمة من شركة سيسكو المعروفة في سوق العمل. وهناك أكاديمية طويق ومقرها الرياض، وقد أسست من قبل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة، وتعد الأكاديمية الأولى للتقنيات المتقدمة في المملكة، ومن الأكاديميات التي بصدد الانطلاق هناك الأكاديمية الرقمية السعودية بإشراف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وأكاديمية الإعلام الرقمي التي أعلنها بشراكة بين شركة نيوم وهيئة الإذاعة والتلفزيون.
وإلى جانب ما ذكر هناك عديد من الأكاديميات ومعاهد التدريب القائمة التي سيعلنها فيما بعد.
وأخيرا: تبقى ثقافة التدريب والتمهير بحاجة إلى كثير من التحفيز الحكومي والضبط التشريعي الذي يكفل الاستفادة الحقيقية واستمرار جودة المخرجات التي يعتمد عليها طرفا المعادلة - طالب العمل وصاحب العمل -، وعلى هذه الأكاديميات استقطاب الشباب والشابات واستيعابهم ضمن خطط تدريب واضحة تؤدي إلى سد احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، وعلى الشباب والشابات اختيار ما يناسب ميولهم ومهاراتهم وعدم الاكتفاء بالشهادات الدراسية التقليدية التي لديهم.
وسيجدون أن التدريب واستثمار المهارات هو مفتاح المستقبل وطريق النجاح في أقصر مدة ممكنة وهم - بإذن الله - عماد الوطن وثروته الحقيقية.