رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إذا اضطربت أسواق النفط .. هرعوا إلى «أوبك»

ذكرت سابقا أن المتدبر في واقع أسواق النفط بعين الحياد، وما يتم طرحه خلال العقد الأخير خصوصا، والمتابع للزخم الإعلامي المناهض للنفط، سيجد أن هناك مبالغة عجيبة، وجهودا حثيثة لترسيخ فكرة أن نجم النفط آفل لا محالة في المدى القصير، وسيتم الاستغناء عنه. التطور غير المطمئن أن الموضوع تعدى الحملات الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام، وبات يدار من جهات عالمية تحث على تقويض صناعة المنبع ووقف الاستثمار في اكتشاف حقول نفط جديدة، أهلا وسهلا بمصادر الطاقة المتجددة، لكن ليس على حساب الأمن الطاقي، حيث إن ديمومة الإمدادات وموثوقيتها هي جوهر الأمن الطاقي العالمي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس به أو تقويضه تحت أي ذريعة، أو تحت مظلة أي قرارات تخدم أجندات معينة وإن كانت مدفوعة بنوايا حسنة تهدف إلى حماية كوكب الأرض.
العلاقة بين مصادر الطاقة هي علاقة تكاملية محضة وليست تنافسية ولا يجب أن تكون كذلك، حيث إن جميع مصادر الطاقة ليست في منأى عن الظروف الطبيعية والتقنية والأمنية والسياسية وغيرها، التي قد تتسبب في انقطاعها بنسب متفاوتة، وبأثر متباين. الظروف الطبيعية والفنية التي تؤثر في إمدادات الوقود الأحفوري، تنسحب أيضا على طاقة الرياح والطاقة الشمسية والنووية وغيرها، وعليه فإن مزيج الطاقة ورفع كفاءة استخراجها واستهلاكها هو الخيار الأنسب في اعتقادي، وهذا نهج المملكة التي قدمت أنموذجا مميزا وفاعلا في ذلك دون تهديد مستقبل الأمن الطاقي، ودون إغفال الجوانب البيئية. ذكرت سابقا أن تقويض صناعة المنبع هو خطأ استراتيجي يهدد الأمن الطاقي العالمي، وسيؤثر سلبا في المستهلكين إذا ما شح المعروض وارتفعت الأسعار بصورة مطردة.
العجيب في الأمر أن وكالة الطاقة الدولية التي نادت بتقويض صناعة المنبع ووقف التنقيب عن النفط، تطلب من "أوبك" الآن زيادة العرض وضخ مزيد من النفط في الأسواق لوقف ارتفاع أسعار النفط. الجدير بالتنويه أن سعر خام برنت تجاوز 75 دولارا للبرميل هذا الأسبوع، والحقيقة لا أستطيع إخفاء اندهاشي من سرعة التناقض بين تقويض صناعة المنبع الذي يعني بين هلالين تقويض "أوبك" وحلفائها، والطلب منهم في الوقت ذاته زيادة الإنتاج، لم تمر أسابيع قليلة على تصريح وكالة الطاقة الدولية حول تقويض صناعة المنبع، ولم ترتفع أسعار النفط بصورة حادة منذ ذلك التصريح، فما سيكون رد فعلها إذا وصلت الأسعار إلى أكثر من 150 دولارا على سبيل المثال، وماذا ستجيب العالم حول الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته؟ أم سيرفع منتجو النفط شعار "يداك أوكتا وفوك نفخ" في وجه الوكالة ومن لف لفها؟ تاريخيا كلما اضطربت أسعار النفط هرع البعض إلى "أوبك"، وأشار بعض أصابع الاتهام إليها، وكانت السعودية وما زالت "مايسترو" أسواق النفط تضبط إيقاعه، وتحافظ على استقراره، بضخ مزيد من النفط في حال زيادة الطلب، وبخفض الإنتاج في حال انخفاضه.
في رأيي أن وكالة الطاقة الدولية ستراجع حساباتها قريبا، وستصدم بحقيقة أن الأمن الطاقي العالمي خط أحمر، وأن العلاقة بين مصادر الطاقة علاقة تكاملية، وأن النفط سيبقى عرابها ومتربعا على عرشها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي