37.2 مليار ريال إصدارات الصكوك الادخارية السعودية في النصف الأول بانخفاض 20 %
أسهم الطرح المحلي لإصدارات الصكوك الادخارية السعودية لشهر حزيران (يونيو) البالغ 8.2 مليار ريال، في رفع إجمالي محفظة الاستدانة من السوق المحلية إلى 37.2 مليار ريال خلال النصف الأول من العام الجاري.
لكن نسبة ما جمعته الحكومة السعودية من أسواق الدخل الثابت خلال العام الجاري، يعد أقل بنحو 20 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، التي جمعت خلالها 46.5 مليار ريال، وأقل كذلك 6.2 في المائة، عما جمعته في النصف الأول من 2019 البالغ 39.7 مليار ريال.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، الذي استند إلى مقارنة إجمالي الإصدارات العامة المتوافرة بياناتها، يأتي انخفاض نسبة إجمالي التمويل من السوق المحلية والدولية خلال النصف الأول، مع ارتفاع أسعار النفط بما يزيد على 70 دولارا للبرميل والمعززة بآفاق نمو الاقتصاد السعودي من قبل بيوت الخبرة العالمية.
وعادت السعودية لأسواق دينها المحلية بثاني أضخم إصدار شهري لهذا العام، وذلك مع طرح ثلاث شرائح لأوراق مالية حكومية، الذي تم إغلاقه في الـ24 ساعة الماضية.
واستقبلت السعودية طلبا قويا من قبل المستثمرين خلال مزاد لبيع ثلاث شرائح من الصكوك الادخارية، في إطار تراجع العوائد على أدوات الدين المقومة بالعملات المحلية في جميع أنحاء العالم مع اتجاه البنوك المركزية لخفض معدل الفائدة وتطبيق تحفيزات نقدية غير مسبوقة للحد من تداعيات فيروس كورونا.
وعلمت "الاقتصادية" أن المستثمرين اشتروا خلال المزاد جميع وحدات الصكوك المطروحة لأجل سبعة أعوام و15 عاما (كلاهما إعادة فتح لإصدارات سابقة)، وإصدار "جديد" من الصكوك العشرية، في علامة على حرص مستثمري أدوات الدخل الثابت للحصول على جزء من تلك الأوراق المالية ذات الجدارة الائتمانية العالية.
وعن أداء سوق الدين السعودية حتى الآن، أشار مديرو مؤشرات ايبوكس لأدوات الدخل الثابت إلى أن حركة التداولات مرتبطة بحركة سندات الخزانة الأمريكية.
وقال لـ"الاقتصادية" سيباستين مير وكريم هينيد من شركة "آي إتش إس ماركت" للخدمات المالية، أنه "منذ أواخر 2020 ومنحنى العائد لأدوات الدين من 5 إلى 15 عاما قد أخذ في الارتفاع، وفقا لحركة العائد، وذلك بالتزامن مع ما يحدث في الأسواق العالمية بسبب تغير اتجاه حركة عوائد سندات الخزانة الأمريكية في الربع الثاني من 2020.
من ناحية أخرى، أشارت بيانات مالية حديثة إلى أن جهات الإصدار السعودية استحوذت مجتمعة على 20.4 في المائة من إجمالي إصدارات المنطقة الخليجية بنهاية الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري.
وأوضحت تلك البيانات أن المصدرين السعوديين أصدروا ما يصل إلى 6.9 مليار دولار من السندات والصكوك بنهاية أبريل، مستغلين بذلك نوافذ الإصدار، التي توفرت لهم في ظل تقلبات أسعار عوائد الخزانة الأمريكية.
ووفقا لبيانات "بوند إي فاليو" المالية، بلغ إجمالي ما أصدرته جهات الإصدار الخليجية 33.7 مليار دولار من أدوات الدين بنهاية أبريل، ومن المنتظر أن ترتفع حصة المصدرين السعوديين بنهاية النصف الأول.
في حين ترى منصة "ريد" REDD،المتخصصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة، أنه بفضل إصدار صكوك أرامكو الدولارية البالغة قيمتها ستة مليارات دولار، فإن المنطقة الخليجية تستحوذ على 36 في المائة من إجمالي إصدارات أدوات الدين القادمة من "شرق ووسط أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا"، وذلك منذ بداية العام حتى الآن.
عوائد الإصدار
وتوزع إصدار شهر يونيو، الذي تجري تسويته الخميس، على ثلاث شرائح وبواقع "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" للصكوك ذات أجل سبعة أعوام عند 2.07 في المائة، وذلك وفقا لسعر الإصدار بالسوق الثانوية عند 993 ريالا.
في حين بلغ "العائد حتى تاريخ الاستحقاق " للصكوك ذات أجل 15 عاما عند 2.89 في المائة وذلك وفقا لسعر تداولها بالسوق الثانوية عند 1024 ريالا، وجاء العائد للإصدار الجديد من الصكوك العشرية عند 2.60 في المائة.
والصكوك السبعية، التي تم إعادة فتحها هذا الشهر تم إصدارها للمرة الأولى في يناير 2021، أما الصكوك ذات أجل 15 عاما فقد تم إصدارها في يوليو 2020، وفقا لمنصة "سي بوندز" Cbonds للبيانات المالية.
الطرح المحلي
وذكرت وزارة المالية في بيان لها أن المركز الوطني لإدارة الدين انتهى من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي لشهر يونيو2021 تحت برنامج صكوك حكومة السعودية بالريال، حيث تم تحديد حجم الإصدار بمبلغ إجمالي 8.265 مليار ريال.
وقسمت الإصدارات إلى ثلاث شرائح، الأولى تبلغ 2.755 مليار ريال لصكوك تستحق في 2028، فيما بلغت الشريحة الثانية 4.650 مليار ريال لصكوك تستحق في 2031، كما بلغت الشريحة الثالثة 860 مليون ريال لصكوك تستحق في 2035.
الإصدار الشهري وأسعار الصكوك
وأظهر رصد الصحيفة تحرك معظم الصكوك الادخارية بالسوق الثانوية إبان فترة المزاد، وذلك بارتفاع أغلبية أسعار قيم الصكوك المدرجة.
وفي الوقت، الذي ارتفعت فيه الصكوك ذات أجل 2050 بمقدار 0.22 في المائة إلى 994 ريال بعائد 3.68 في المائة، حصل تغير طفيف على سعر الصكوك، التي يحين أجلها في 2027 بعائد 1.73 في المائة، التي كانت تتداول خلال فترة الطرح عند 1034 ريالا، وفقا لبيانات "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات الدخل الثابت.
في حين حافظت الصكوك العشرية، التي يحين أجلها في 2029 عند مستوياتها السعرية قبل الطرح الشهري، وذلك بعد استقرارها عند مستويات 1110 ريالات.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية على بيانات bondevalue، التي تقدم للمستثمرين ميزة الكشف عن عروض البيع والشراء للسندات، التي في محافظهم من أجل التحكم في القرار الاستثماري الخاص بالورقة المالية.
المزاد الهولندي
ومنذ تموز (يوليو) 2018 تم استخدام منهجية المزاد، التي يرى صندوق النقد أنها ستضفي درجة من المرونة على آليات تسعير الإصدارات المحلية الجديدة.
وشهد إصدار تموز (يوليو) 2018 الإصدار السابع تطبيق تلك المنهجية لأول مرة مع أدوات الدين في المملكة، حيث تستخدم السعودية "المزاد الهولندي"، وهو المزاد نفسه، الذي تستعمله الخزانة الأمريكية عندما تبيع سنداتها.
وبالاستعانة بأحد منتجات "بلومبيرج" الخاصة بالمزاد، تم منح المتعاملين الأوليين "سعر سقف محدد" لا يستطيعون التسعير فوقه price cap، بحيث يكون "التسعير النهائي" على المستوى نفسه سقف التسعير أو دونه، وتم الطلب من المتعاملين الأوليين أن يقدموا طلبات الاكتتاب الخاصة بهم، وكذلك الخاصة بعملائهم.
وآلية المزاد هذه تختلف عن المنهجية التسعيرية، التي كانت تستخدم في السابق، وتدور حول تحديد نطاق تسعيري معين (أي حد أعلى وحد متوسط وآخر أدنى)، والطلب منهم التسعير بين هذا النطاق ثم يتم تحديد السعر النهائي من قبل جهة الإصدار.
منحنى العائد
ويعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا وهو المنحنى الطبيعي، لكن عندما ينقلب يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا. وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة.
ونجحت السعودية منذ 2019 في تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
والأمر نفسه كررته في 2020 عندما شهد إصدارها الدولاري استحقاقات بأجل سبعة أعوام والـ12 عاما، ولأول مرة شريحة الـ35 عاما، التي أتت جميعها خلال فترات استحقاق متباعدة، مساهمة في الوقت نفسة في إطالة أجل تلك الاستحقاقات، وفقا لسياسة إدارة الدين العام للدولة.
ويستعين العاملون بأسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق"، وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين، وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها.
ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه، ويكثر استخدام هذا المؤشر بين المستثمرين من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين، وذلك بغض النظر عن آجال استحقاقاتها.
مشاركة الأفراد
ومن المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الحالي مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد في السوق الثانوية.
وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد، وذلك بدءا من حزيران (يونيو) 2019 ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة بدعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم، التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية، التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد بالصكوك أمرا ممكنا بعد أن تم تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال مقارنة سابقا بمليون ريال.
استحقاقات 2021
وتبلغ قيمة الإصدارات العامة، المتوافرة بياناتها، التي يحين أجل استحقاقها هذا العام إلى ما يصل إلى 23.8 مليار ريال، منها 3.1 مليار ريال بنهاية أيار (مايو) من العام الجاري، التي حان أجل استحقاقها من أدوات الاستدانة بالعملة المحلية.
وتنوعت مصادر التمويل، التي يحن أجلها ما بين سندات تنموية ومرابحات تنموية حكومية وإصدار دولاري واحد من السندات الخمسية.
وبذلك يتبقى الإصدار الدولاري بقيمة 5.5 مليار دولار، الذي يحين أجل استحقاقه في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وفقا لمنصة "سي بوندز" للبيانات المالية.
ويعد هذا الإصدار متميزا، لأنه كان من ضمن باكورة إصدارات السعودية من السندات الدولية في 2016، التي لاقت ترحيبا حارا من المستثمرين الأجانب. واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية الخاصة بمواعيد آجال الاستحقاق على البيانات، التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" FactSet للخدمات المالية.
يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية، التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية، وبناء القرار الاستثماري.
وارتفع الدين العام السعودي خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 5.6 في المائة، مسجلا وتيرة نمو هي الأعلى منذ الربع الثاني من العام الماضي، التي كانت تداعيات الجائحة سببا في زيادتها.
وبلغ حجم الدين العام بنهاية الربع الأول من 2021 نحو 901.4 مليار ريال "240.4 مليار دولار"، بنسبة نمو 5.6 في المائة، عما كان عليه بنهاية الربع الرابع من العام الماضي، الذي بلغ نحو 853.5 مليار ريال، فيما سجل الدين نموا بنحو 24.6 في المائة، مقارنة بالفترة المماثلة من 2020، الذي بلغ 723.46 مليار ريال.
ويأتي الارتفاع في الدين على الرغم من تسجيل ميزانية الربع الأول من العام الجاري أدنى عجز منذ الربع الثالث 2018، حيث بلغ العجز 7.44 مليار ريال، وذلك بعد تراجع الإيرادات النفطية 9 في المائة على أساس سنوي، على الرغم من نمو الإيرادات غير النفطية.
واستطاعت السعودية جمع أموال لسداد عجزها بنحو 29.55 مليار ريال، وهو يفوق العجز الفعلي للربع الأول، حيث تعتزم استخدام باقي التمويل لسداد العجز، فيما تبقى من العام. ومن الواضح أن السعودية تحاول الاستفادة من الفائدة المنخفضة في أسواق الدين.
ولم تستخدم السعودية احتياطياتها أو حسابها الجاري لسد العجز، وهي المرة الأولى، التي لم تستخدم هذين الحسابين منذ الربع الثالث 2019، حيث جرت العادة استخدام أحد الحسابين في سداد العجز.
ووفقا للرصد، ارتفع حجم الدين إلى الناتج المحلي ليصل إلى مستوى 35.6 في المائة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنهاية العام الماضي عند 32.3 في المائة، وذلك بناء على الناتج المحلي بالأسعار الثابتة.
تطوير من "الصفر" يؤتي ثماره
في أوائل أيار (مايو) 2021، توقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني نموا قويا لأسواق الدين ورأس المال في السعودية لتمويل استثمارات بنحو 12 تريليون ريال في إطار "رؤية 2030". وأشارت الوكالة إلى أن ربط سعر صرف الريال السعودي بالدولار يساعد على جذب المستثمرين الأجانب، الذين يبحثون عن العائد في بيئة اقتصادية تتسم بانخفاض أسعار الفائدة.
وتوقعت الوكالة أن يظل الدولار العملة الأكثر تفضيلا لإصدارات الدين، لكن مع زيادة تدريجية للإصدارات بالريال في ظل تطور السوق المحلية، ورجحت أن تؤدي زيادة عمق سوق رأس المال المحلي تدريجيا إلى زيادة مستويات الشفافية والحوكمة في السعودية في الأعوام المقبلة.
وأشارت الوكالة إلى أن أسواق الدين الخاصة بالشركات تعد متأخرة، مقارنة بأسواق رئيسة أخرى على مستوى العالم. وبحسب تقديرات الوكالة، فإن النسبة الإجمالية للسندات والصكوك المستحقة، التي أصدرتها البنوك والشركات السعودية، كما في 2 أيار (مايو) 2021، أقل قليلا من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في نهاية 2020.
في المقابل، تقدر الوكالة هذه النسبة بنحو 25 في المائة للبرازيل وروسيا والهند، ونحو 50 في المائة لأكبر 20 اقتصادا في العالم، بحسب بيانات "بلومبيرج".
وكانت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" قد ذكرت في تقرير لها خلال الربع الثالث من 2020، أن استثمار السعودية في تطوير سوق الصكوك والسندات الحكومية المحلية، يؤتي ثماره مع مضاعفة احتياجات التمويل، واصفة سوق الصكوك السعودية بالعميقة وجيدة الأداء.
وأوضحت الوكالة في تقرير لها أنه على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، طورت الحكومة السعودية من الصفر سوق صكوك وسندات محلية أعمق، وتعمل بشكل جيد على نحو متزايد، ما سمح لها بالاستفادة من الطلب المحلي والدولي المتزايد على أصول الدخل الثابت المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
ولتسهيل الإصدار المحلي في إطار البرنامج ولزيادة تحسين سيولة سوق الصكوك، أنشأت الحكومة في تموز (يوليو) 2018 برنامجا للمتداول الأساسي للصكوك الحكومية المحلية. علاوة على ذلك، في نيسان (أبريل) 2019، خفضت الحكومة الحد الأدنى لحجم الاكتتاب إلى 1000 ريال سعودي (267 دولارا) من مليون ريال (266666 دولارا) لتسهيل مشاركة الأفراد والسماح للصناديق المشتركة بإنشاء صناديق صكوك حكومية مخصصة.
وحدة التقارير الاقتصادية