التعافي بعد الجائحة .. دول قائدة وأخرى متلكئة «2 من 2»
أصبحت أوروبا أيضا في وضع أسوأ، بعد أن عانت ركودا مزدوجا في الربع الأخير من عام 2020 والربع الأول من عام 2021، بسبب موجة جديدة من الإصابات بعدوى فيروس كورونا وعمليات الإغلاق. وسيظل تعافيها ضعيفا خلال الربع الثاني من هذا العام، لكن النمو قد يتسارع في النصف الثاني من هذا العام إذا استمرت معدلات التطعيم في الارتفاع وظلت السياسات الكلية ملائمة. لكن الإلغاء التدريجي لخطط الإجازات والضمانات الائتمانية المختلفة قبل الأوان قد يفضي إلى حدوث ندوب وأشكال تباطؤ أكثر استدامة.
علاوة على ذلك، في غياب الإصلاحات البنيوية اللازمة منذ أمد بعيد ستستمر أجزاء من منطقة اليورو في تسجيل نمو محتمل منخفض ومعدلات ديون عامة عالية. وما دام البنك المركزي الأوروبي مستمرا في شراء الأصول، فقد تظل الفوارق السيادية "الفرق بين عائدات السندات الألمانية والإيطالية تحديدا" منخفضة. لكن إلغاء الدعم النقدي تدريجيا أمر واجب، فضلا عن ضرورة تقليص العجز. وسيظل شبح الأحزاب الشعبوية المشككة في أوروبا التي تسعى إلى استغلال الأزمة يلوح في الأفق باستمرار.
كانت عودة اليابان أيضا أبطأ كثيرا. فبعد الإغلاق للسيطرة على موجة جديدة من الإصابات، شهدت اليابان نموا سلبيا في الربع الأول من هذا العام وتناضل الآن للإبقاء على دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية في طوكيو على مسارها الصحيح. واليابان أيضا في حاجة ماسة إلى إصلاحات بنيوية لزيادة النمو المحتمل والسماح بضبط الأوضاع المالية العامة في النهاية. وربما يصبح دينها العام الهائل غير مستدام في نهاية المطاف، رغم استمرار بنك اليابان في سك النقود.
أخيرا، أصبحت التوقعات أكثر هشاشة في عديد من الاقتصادات الناشئة والنامية، حيث تستمر الكثافة السكانية العالية، وأنظمة الرعاية الصحية الأضعف، ومعدلات التطعيم المتدنية في السماح بانتشار الفيروس. وفي عديد من هذه الدول تراجعت معنويات الأعمال والمستهلكين ونضب معين الدخل من السياحة والتحويلات من الخارج وأصبحت معدلات الدين مرتفعة بالفعل وربما غير قابلة للاستمرار، وأصبحت الظروف المالية محكمة، نظرا لارتفاع تكاليف الاقتراض والعملات التي أصبحت أكثر ضعفا. علاوة على ذلك، نجد أن الحيز المتاح لتيسير السياسات محدود، وفي بعض الحالات قد تتقوض مصداقية السياسة بفعل السياسات الشعبوية.
تعد الهند، وروسيا، وتركيا، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، وأجزاء عديدة من منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، والدول الأكثر هشاشة المستوردة للنفط في الشرق الأوسط، بين الاقتصادات الأكثر اضطرابا التي يجب أن تراقب عن كثب. كما تشهد دول عديدة كسادا وليس ركودا. وأصبح أكثر من 200 مليون شخص عرضة للعودة إلى الانزلاق إلى براثن الفقر المدقع. وما يزيد من تفاقم أوجه التفاوت هذه هو أن الدول الأكثر عرضة للجوع والمرض تميل أيضا إلى مواجهة القدر الأعظم من التهديد من تغير المناخ، وستظل بالتالي مصادر محتملة لعدم الاستقرار.
بينما تتعافى الثقة في عموم الأمر، يتمتع بعض الأسواق المالية بوفرة عبثية، وهناك كثير من المخاطر الكامنة والشكوك. ومن المرجح أن تؤدي أزمة مرض فيروس كورونا إلى اتساع فجوات التفاوت بين الدول وداخل كل منها. وكلما ازداد تخلف هذه الفئات المستضعفة عن الركب تعاظم خطر عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والجيوسياسي في المستقبل.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.