رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


منصات الأعمال الخيرية وكفاءة القطاع غير الربحي

حملة منصة إحسان، التي كانت في أول جمعة من هذا الشهر الفضيل، حققت نجاحا مبهرا في إدارة عملية جمع التبرعات، وبحجم التبرعات المقدمة من المجتمع من مختلف فئاته وشرائحه، التي بلغ حجم ما تم التبرع به أكثر من 350 مليون ريال، وقد يصل الرقم إلى حجم أكبر بكثير مع نهاية هذا العام، باعتبار أن كثيرا من أبناء المجتمع يفضل التبرع في الأيام الأخيرة لشهر رمضان. والحقيقة، إن المنصة أبرزت حجم الحراك الشامل في المملكة الذي اعتمد التقنية كشريك في عملية الانتقال إلى مرحلة متقدمة في الحراك المجتمعي باتجاه رؤية المملكة 2030، وأن أي تطور لا يحقق نهضة شاملة، فإنه سيواجه معوقات قد تؤثر في المكتسبات والمنجزات. والحقيقة، إن التطور الحاصل في العمل الاجتماعي والخيري هو ركيزة لنهضة شاملة لا تستثني حتى الفئات الأضعف، سواء في الجانب المادي أو البدني أو أي شكل من أشكال الضعف، إذ إن الاهتمام بالعمل الاجتماعي يحقق للفئات المحتاجة فرصا كبيرة لأن تغير في حياتها، وأن تكون جزءا مشاركا في التنمية ومستقبلا مساهما في الأعمال الاجتماعية بدلا من الاعتماد عليها.
منصة إحسان التي جاء في التعريف بها "جاءت منظومة إحسان الصادرة بالأمر السامي رقم 48019 لتعمل على استثمار البيانات والذكاء الاصطناعي لتعظيم أثر المشاريع والخدمات التنموية واستدامتها، من خلال تقديم الحلول التقنية المتقدمة وبناء منظومة فاعلة عبر الشراكات مع القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، بهدف تعزيز دور السعودية الريادي في الأعمال التنموية والخيرية، ورفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي".
فاستخدام الأدوات التقنية، ومنها الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يغير كثيرا فيما يتعلق بالعمل الاجتماعي والخيري، إذ المؤشرات تتحدث أن مساهمة القطاع غير الربحي في الاقتصاد المحلي لا تزيد على 1 في المائة، وهذه نسبة زهيدة عطفا على الاهتمام الكبير في المجتمع بالعمل الخيري والاجتماعي، إلا أن العشوائية في العمل تضعف من حجم التأثير، وضعف الخبرة تقلل من أثر توزيع هذه الأموال التي يتم جمعها من المحسنين، كما أن محدودية وسائل الوصول إلى المجالات التي تحتاج إلى دعم، يضعف من قدرة وصول المتبرعين إلى تلك المجالات والمساهمة فيها، وقد يؤدي إلى توجيه الأموال إلى أوعية غير مستحقة أو أقل حاجة. ومن هنا سنلاحظ مستقبلا أن مثل هذه المنصة يمكن أن يكون لها تأثير كبير في تسهيل التواصل بين المتبرع وتحقيق رغبته بصورة مباشرة بطرق آمنة وموثوقة، كما سنلاحظ أن هذا المشروع سيغير بصورة واضحة في ظروف أبناء المجتمع، حيث يجعل الاحتياج أمرا طارئا - بإذن الله - لدى الأسر المحتاجة وليس أسلوب حياة، إذ إنه سيركز على نوع الاحتياج والخيارات التي يمكن لها أن تغير من حياة أفراد المجتمع، كما أن الحراك الكبير في الجانب الآخر الخاص بالتوظيف والدعم والتمويل والتدريب يمكن أن يحقق الهدف المنشود من العمل الخيري الذي يعزز من فرص تحسين حياة الأسر المحتاجة، حيث تتحول من الحاجة إلى الإسهام في النشاط الاقتصادي والاجتماعي في المملكة، فالدعم الذي تم جمعه حتى الآن يحقق نفعا مباشرا لنحو 700 ألف مستفيد في المجتمع، وهذا النفع يتنوع بين المواد الغذائية والتموينية، والسكن والعلاج، وغير ذلك من صور الاحتياج.
هذا الحراك الكبير والمدعم بالتقنيات الحديثة في عملية جمع التبرعات وتحديد الاحتياجات وتغطيتها من خلال ما تم جمعه من تبرعات، يمكن أن يكون مجالا لكثير من الدراسات الاجتماعية، تعمل على فحص ودراسة أشكال الاحتياجات في المجتمع وطرق معالجتها، كما أنه يفتح الباب واسعا للدراسات الخاصة بالقطاع غير الربحي، إذ إنه تحول من حراك عشوائي غير مركزي متفاوت في الأداء إلى عمل باحترافية عالية، وهذا يعزز من إقبال الكفاءات للعمل في هذا القطاع والمشاركة في تنميته.
فالخلاصة: إن الحراك الكبير الذي تشهده المملكة لم يستثن قطاعا مهما للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وهو القطاع غير الربحي، من خلال بناء منصات افتراضية تحقق سهولة الوصول إلى المتبرعين والمستحقين، والشفافية العالية في عرض الاحتياج، مع حفظ كرامة المستحقين للدعم، وهذا من شأنه أن يعزز من كفاءة العمل الخيري والاجتماعي والقطاع غير الربحي بصورة عامة، إضافة إلى أنه يزيد من مساهمته بصورة كبيرة في الناتج المحلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي