هل الطاقة البديلة بديلة فعلا؟ «2»

عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن الطاقة البديلة مصطلح يستخدم للدلالة على مصادر الطاقة البديلة للوقود الأحفوري، وهو وقود يتم استخدامه لإنتاج الطاقة الأحفورية من مصادر أحفورية ناضبة وهي الفحم، والنفط، والغاز الطبيعي. وأن مصطلح الطاقة البديلة في رأيي قد لا يكون دقيقا في وصف حال العلاقة بين الطاقة الأحفورية ومصادر الطاقة الأخرى. في ظل التوجه العالمي للطاقة المتجددة، وتسارع وتيرة صناعتها وتطور تقنياتها، سلطت الضوء على مستقبل الطاقة بأنواعها على المديين المتوسط والبعيد، والحصة السوقية لكل رافد من روافد الطاقة التي سيبقى الوقود الأحفوري سيد الموقف، وسيظل النفط متربعا على عرش مصادر الطاقة العالمية عام 2040 بنسبة 27 في المائة، ويأتي بعده الغاز الطبيعي بنسبة 25 في المائة، بينما ستحتل الطاقة المتجددة المرتبة الثالثة كمصدر للطاقة عام 2040 بنسبة قد تصل إلى 23 في المائة، ومن ثم الفحم بما يقارب 20 في المائة، وأخيرا الطاقة النووية بنسبة 5 في المائة. انطلقت من تعريف الأمن الطاقي العالمي الذي يعني "توافر مصادر الطاقة دون انقطاع وبأسعار يمكن تحملها"، وجدت أن الانطلاق من هذا قد يقودنا بموضوعية وحيادية للإجابة عن السؤال العريض عنوان هذا المقال "هل الطاقة البديلة بديلة فعلا؟". للتعريف شقان أحدهما حول ديمومة الإمدادات وموثوقيتها وقد تطرقت له في المقال السابق، والشق الثاني من التعريف موضوع مقالنا هذا حول أسعار الطاقة وإمكانية تحملها. المتابع لتكاليف إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة خلال العقد السابق سيجد أنها انخفضت بصورة كبيرة جدا، فبحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا" انخفضت تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية نحو 82 في المائة عام 2019 مقارنة بعام 2010 ويعزى ذلك في المقام الأول إلى انخفاض تكلفة ألواح الطاقة الشمسية. كذلك انخفضت تكلفة الطاقة الشمسية المركزة بنسبة تقارب 47 في المائة للفترة ذاتها. طاقة الرياح لم تكن في منأى عن الانخفاض الكبير في تكاليف إنتاجها، حيث إن تكاليف إنتاج طاقة الرياح البرية انخفضت بنسبة 39 في المائة تقريبا، بينما انخفضت تكاليف طاقة الرياح البحرية نحو 29 في المائة. يعزى هذا الانخفاض القوي في التكاليف إلى عوامل عدة من أهمها على سبيل المثال لا الحصر، تطور التقنيات والتوسع في مجال الأبحاث الخاصة بها، كذلك تنامي خبرات المطورين في هذا القطاع، إضافة إلى زيادة تنافسية سلاسل التوريد. فيما يخص الطاقة الحيوية والحرارية والنووية وغيرها من مصادر الطاقة التي تندرج تحت مسمى الطاقة البديلة فلها ما لها أيضا من ميزات تنافسية، وعليها ما عليها من عقبات تقنية وطبيعية ولوجستية، لكن رغم كل ذلك في اعتقادي أن تسميتها بالطاقة البديلة ليس دقيقا، ولعل ذلك يقود إلى فهم خاطئ لطبيعة العلاقة بين مصادر الطاقة جميعا وعلى رأسها الطاقة الأحفورية. الدراسات الاستشرافية تشير كما ذكرت سابقا أن الوقود الأحفوري والنفط، خصوصا سيبقى على رأس هرم مصادر الطاقة في المستقبل المتوسط والبعيد، ما يعزز حقيقة أن العلاقة بين مصادر الطاقة هي علاقة تكاملية تصب في مصلحة جميع الدول لإمدادها بطاقة موثوقة ومستدامة وبأسعار معتدلة يمكن تحملها وهذا هو جوهر تعريف أمن الطاقة العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي