المؤسسات الصغيرة .. المشورة مع التمويل
أولى درجات سلم الأعمال التي وإن زلت القدم فيها وتجب المحاولة مرة ومرات أخرى هي المؤسسات الصغيرة، ولذا تحرص الدول ومنها بلادنا على دعم السالكين لهذا التدرج لإيجاد شريحة قوية تستطيع الانتقال إلى المستوى المتوسط ثم إلى قطاع الأعمال القوي والمشارك في تشكيل الاقتصاد الوطني مع بقية القطاعات الأخرى، وعلى صعيد الشباب والشابات الذين أصبحت أقدامهم على أولى درجات سلم الأعمال بعد انتظار طويل للوظيفة، فإن آمالهم كبيرة بأن يشار إليهم وإليهن في المستقبل مع كبار رجال وسيدات الأعمال في دولة دورة النجاح فيها سريعة، حيث تتمتع بسوق كبيرة وكثافة سكانية مناسبة مع دعم كبير من الدولة.
يقول أحدهم: حينما تخرجت من الجامعة بحثت طويلا عن وظيفة ولم أجد، ولعل ذلك كان خيرا لي فقد اتفقت مع مجموعة من الزملاء على تكوين شركة صغيرة لتجارة المواد الغذائية وبدأنا، ثم واجهتنا مشكلة التمويل واستلفنا من جميع أقاربنا، واكتشفنا أن التمويل وحده لا يحقق النجاح، وإنما نحتاج إلى رأي وتخطيط يعتمد على خبرة لا تتوافر لدينا، ومن تجربة هؤلاء الشباب أقول، إن المشورة يجب أن تصاحب التمويل حتى لا يتم صرف رأس المال والقروض دون أن يتحقق النجاح، وليس معنى ذلك أنني أقلل من خطوة توفير التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي اتخذتها الدولة بتأسيس بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة بهدف التوسع في التمويل الرأسمالي وكفالة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام الجهات التمويلية عبر برنامج كفالة بنسبة تصل إلى 95 في المائة من حجم القرض، كما يدرس الإقراض المباشر ضمن الحلول التي سيطلقها البنك خلال العام الجاري. ويقول المهندس صالح الرشيد محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، إن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يحظى بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة، وقد تجسد هذا الاهتمام بإطلاق بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي سيكون مظلة موحدة لتمويل هذا النوع من المؤسسات عبر مختلف حلول التمويل. وهنا أضيف أن المشورة لا تقل أهمية عن التمويل وأقترح على "منشآت" التعاقد مع بيوت خبرة سعودية لتقديم الاستشارات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على أن تكون هذه البيوت الاستشارية قادرة على استحضار التجارب الناجحة للدول الأخرى في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويأتي هذا الدعم الاستشاري على غرار ما تقدمه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للجمعيات الأهلية والخيرية عبر مكاتب مراجعة الحسابات والاستشارات الإدارية، التي تتعاقد معها الوزارة على حسابها وتقدم خدماتها مجانا لهذه الجمعيات.
وأخيرا: دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أهم أهداف ومحاور "رؤية 2030" التي تشمل جميع قطاعات العمل والإنتاج، ولعل هذا المحور بالذات يعد من أهم حلول مشكلة البطالة التي تعانيها دول العالم، فالحلول لم تعد إحداث وظائف فقط، وإنما فتح مجال الأعمال الحرة لاستيعاب الشباب والشابات عند تخرجهم من الجامعات مع تقديم المشورة والتمويل الميسر، الذي يضمن نجاح مؤسساتهم الصغيرة لتصبح متوسطة ثم كبيرة في وقت قياسي.