رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اجتناب التباعد .. مفترق طرق للاقتصاد العالمي «2 من 3»

ومن شأن هذا التباعد المفروض أيضا أن يعمق الندوب الاقتصادية طويلة الأجل الناجمة عن الأزمة، ما يمكن أن يزيد من صعوبة الحد من عدم المساواة وتعزيز النمو والوظائف. ولنفكر في تحديات الفترة المقبلة: فبالنسبة لاقتصادات مجموعة العشرين وحدها، من المتوقع أن تبلغ خسائر الوظائف الكلية أكثر من 25 مليون وظيفة هذا العام ونحو 20 مليونا في 2022، مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة. وبالتالي، مرة أخرى، نجد أنفسنا في مفترق الطريق – فإذا أردنا تحويل مسار هذا التباعد الخطر بين الدول وداخلها، يجب أن نتخذ إجراءات قوية وفورية على صعيد السياسات. وأرى هنا ثلاث أولويات:
أولا، تكثيف الجهود لإنهاء الأزمة الصحية: نعلم أن الجائحة لن تنتهي في أي مكان إلى أن تنتهي في كل مكان. ورغم انخفاض الإصابات الجديدة أخيرا على مستوى العالم، فإننا نشعر بالقلق من احتمال الحاجة إلى جولات متعددة من التلقيح بغية الحفاظ على المناعة من السلالات المتحورة الجديدة.
ولهذا نحتاج إلى تعاون دولي أقوى بكثير من أجل تسريع نشر اللقاحات في الدول الفقيرة. ومن الضروري توفير تمويل إضافي لتأمين الجرعات المطلوبة وسداد تكلفة الترتيبات اللوجستية. وبالتالي، فمن الضروري أيضا إعادة توزيع اللقاحات الزائدة في الوقت المناسب من دول الفائض إلى دول العجز، وتحقيق زيادة كبيرة في طاقة إنتاج اللقاحات في 2022 وما بعده. وأحد الخيارات التي قد تكون جديرة بالنظر تأمين منتجي اللقاحات من مخاطر الإنتاج الزائد عن الحاجة.
ونحتاج أيضا إلى ضمان إتاحة مزيد من الأدوية واختبارات الكشف عن الفيروس، بما في ذلك تحديد السلاسل الجينية للفيروس، مع تجنب فرض قيود على صادرات الإمدادات الطبية. وهناك حجج اقتصادية دامغة تؤكد أهمية العمل المنسق. ومن الممكن أن يؤدي تعجيل التقدم في إنهاء الأزمة الصحية إلى رفع الدخل العالمي بمقدار تسعة تريليونات دولار على أساس تراكمي في الفترة 2020-2025. ومن شأن هذا أن يعود بالنفع على كل الدول، بما في ذلك نحو أربعة تريليونات دولار تحصل عليها الاقتصادات المتقدمة – وهو ما يتجاوز بكثير أي مقياس للتكاليف ذات الصلة باللقاحات.
ثانيا، تكثيف الجهود لمكافحة الأزمة الاقتصادية: اتخذ العالم إجراءات متزامنة وغير مسبوقة بقيادة دول مجموعة العشرين، بما في ذلك إجراءات مالية بقيمة 14 تريليون دولار تقريبا. وينبغي للحكومات أن تبني على هذه الجهود بالاستمرار في تقديم الدعم من المالية العامة – مع معايرته وتوجيهه بما يتلاءم مع مرحلة الجائحة، وحالة الاقتصاد، ومجال الحركة المتاح من خلال السياسات.
والأمر الأساسي في هذا السياق هو الحفاظ على الأرزاق، مع السعي لضمان عدم تدهور الأوضاع في الشركات التي كانت تتمتع بمقومات البقاء قبل الأزمة. ولا يتطلب هذا إجراءات مالية فحسب، بل يتطلب أيضا الحفاظ على أوضاع مالية مواتية من خلال سياسات نقدية ومالية تيسيرية، ما يدعم تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات.
كذلك أدى التيسير النقدي الكبير من جانب البنوك المركزية الكبرى إلى تمكين عدة اقتصادات نامية من استعادة فرص النفاذ إلى أسواق رأس المال العالمية والاقتراض بأسعار منخفضة قياسية لدعم الإنفاق، رغم حالات الركود التاريخية التي تمر بها. ونظرا لجسامة الأزمة، فلا بديل لاستمرار الدعم الذي تقدمه السياسة النقدية. غير أن هناك بواعث قلق مشروعة بشأن العواقب غير المقصودة، بما في ذلك الإفراط في المخاطرة وطفرات السوق اللاعقلانية.
ومن إحدى المخاطر في المرحلة المقبلة – خاصة في ظل تباين مستويات التعافي – احتمال تقلب السوق استجابة لتغير الأوضاع المالية. وسيكون على البنوك المركزية الكبرى الإفصاح بعناية عن خطط سياساتها النقدية للحيلولة دون التقلب الزائد في الأسواق المالية، سواء في الداخل أو في بقية العالم.
ثالثا، تعزيز الدعم للدول المعرضة للخطر: نظرا للموارد المحدودة وحيز الحركة الضيق من خلال السياسات، قد يواجه عديد من دول الأسواق الصاعدة والدول منخفضة الدخل في وقت قريب عملية اختيار قاسية بين الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي ومعالجة الأزمة الصحية وتلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها.
وزيادة تعرض هذه الدول للمخاطر لا تؤثر في آفاق التعافي من الأزمة بالنسبة لها فقط، بل تؤثر أيضا في سرعة التعافي العالمي والنطاق الذي يغطيه، ويمكن أن يكون عاملا مزعزعا للاستقرار في عدد من المناطق الهشة أصلا. وستحتاج الدول المعرضة للخطر إلى الحصول على دعم كبير في إطار جهد شامل... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي