قراءات
لائحة رغباتي
من منا لم يحلم يوما أن يربح اليانصيب، فقام يرسم خريطة الطريق لمستقبله الباهر، وهل هذا الربح هو بداية حياة جديدة حقا تتحقق فيها الأحلام أم هو بداية الهموم؟ هذا ما كانت تطرحه جوسلين على نفسها عندما ربحت، بصدفة سعيدة، جائزة "اللوتو"، وتأكدت أنه صار لديها ما يفي بتحقيق جميع رغباتها. تملؤها النشوة بهذا الأمل، فقررت أن تأخذ وقتها قبل إخبار المقربين منها، وحتى ذلك الحين، بدأت تكتب لائحة بكل ما قد تمنحه لنفسها، من مشتريات، سواء الضروري منها أو الكماليات الزائدة. "لائحة رغباتي"، هي رواية مثيرة مسكونة بشخصيات مؤثرة، قصة مشوقة تدعونا إلى إعادة النظر في لائحة رغباتنا. تتحدث بطريقة رائعة عن أمور جوهرية في الحياة، كالعلاقة بين الصداقة والحب والمال والسعادة.. وتدعونا على هذا النحو إلى التفكير في القيمة الحقيقية للأشياء. نخرج من هذه القراءة الممتعة مزهوين، تملؤنا الرغبة في الاستفادة من اللحظة الراهنة في حياتنا. إنه عمل أدبي يقرأه المرء بسلاسة ليستقر بعد ذلك في الذاكرة.
التائهون
"في "التائهون"، أستلهم فترة شبابي بتصرف شديد. فقد عشت تلك الفترة مع أصدقاء كانوا يؤمنون بعالم أفضل. ومع أن لا شبه بين أبطال هذه الرواية وبين أشخاص حقيقيين، فهم ليسوا من نسج الخيال تماما، فلقد نهلت من معين أحلامي واستيهاماتي وحسراتي بقدر ما نهلت من معين ذكرياتي". كان أبطال هذه الرواية متلازمين في شبابهم ثم تشتتوا ودب بينهم الخصام وفرقتهم الأيام، وسيجتمع شملهم بمناسبة وفاة أحدهم. بعضهم أبى أن يغادر وطنه الأم، وبعضهم الآخر هاجر إلى الولايات المتحدة، أو البرازيل، أو فرنسا، وأخذتهم الدروب التي سلكوها في اتجاهات مختلفة. فماذا يجمع بعد بين صاحبة الفندق المتحررة، أو المقاول الذي جمع ثروة، أو الراهب الذي اعتزل العالم وانصرف إلى التأمل؟ بعض الذكريات المشتركة، وحنين لا برء منه للزمن الذي مضى.
رأيت رام الله
كتاب فاز بجائزة نجيب محفوظ للإبداع الأدبي "1997"، هل هي رام الله سر الإبداع المحقق، أم أنها الـ30 عاما من الغربة، أشعلت في القلب الحنين والاشتياق إلى ساكني رام الله، أم أنه الوطن المحرم المنتظر على مشارف جسر العبور.. جسر العودة ذاك الذي سكن في ذاكرة مريد البرغوثي بصرير خشبه، وبضيق مساحته وقصر طوله. هو ذاك الجسر القصير، مشت عبره الذاكرة إلى ذاك الأفق الرحب المشبع برائحة الأهل والمترع بالصور القديمة الساكنة في الوجدان. مريد البرغوثي فاز بجائزة عبوره ذلك الجسر الخشبي الصغير وكأنه بتجاوزه تمكن من المثول أمام أيامه، وجعل أيامه تمثل أمامه، يلمس تفاصيل منها بلا سبب، مهملا منها تفاصيل أخرى بلا سبب، مثرثرا لنفسه عمرا كاملا، في يوم عودته ومن حوله يحسبون أنه في صمت، عبر الجسر المحرم عليه بعد 30 عاما، وفجأة انحنى ليلملم شتاته، كما يلم جهتي معطفه إلى بعضهما في يوم من الصقيع والتلهف.