مخاطر الانتعاش العالمي غير المتكافئ «2 من 2»
خلال الفترة التي سبقت الأزمة المالية عام 2008، كانت الاقتصادات الناشئة تتمتع بميزانيات عمومية قوية نسبيا مقارنة بالدول المتقدمة. لكنها دخلت في هذه الأزمة مثقلة بقدر أكبر من الديون الخاصة والعامة، ومن ثم فهي أكثر عرضة للخطر. وكان عدد كبير منها سيكون في ورطة كبيرة لولا أسعار الفائدة القريبة من الصفر في الاقتصادات المتقدمة. ومع ذلك، كانت هناك سلسلة متزايدة من حالات التخلف عن السداد السيادية، بما في ذلك في الأرجنتين، والإكوادور، ولبنان.
في الواقع، تكاد تكون نوبة غضب مستدقة 2.0، في مقدمة قائمة الأشياء التي يمكن أن تسوء، وإذا أو عندما تحدث، فلن تعاني الأسواق الناشئة فقط. فقد حدثت نوبة الغضب التدريجي عام 2013 عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الإشارة إلى أنه في يوم من الأيام سيعيد تطبيع سياسته النقدية، ما أدى إلى تدفقات ضخمة من الأموال من الأسواق الناشئة. هذه المرة، بذل بنك الاحتياطي الفيدرالي جهدا كبيرا للإشارة إلى أنه لا يخطط لرفع أسعار الفائدة لفترة طويلة، حتى إنه قدم إطارا نقديا جديدا يعد أساسا بمنزلة وعد باتخاذ إجراءات سريعة حتى تصبح البطالة منخفضة للغاية.
إن سياسة كهذه منطقية تماما. وكما جادلت مرارا وتكرارا منذ عام 2008، فإن السماح للتضخم بالارتفاع مؤقتا فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة سيكون مفيدا أكثر بكثير من الضرر في بيئة تكون فيها مستويات الديون مرتفعة، ولا يزال الإنتاج فيها أقل من الإمكانات. وعلى أي حال، تراجع عدد العاملين في الولايات المتحدة اليوم بمعدل تسعة ملايين مقارنة بالعام الماضي.
لكن إذا حققت الولايات المتحدة أهدافها المتعلقة بالتلقيح بحلول هذا الصيف، وظلت طفرات فيروس كورونا تحت السيطرة، فقد يرتفع سقف التوقعات بشأن زيادة الاحتياطي الفيدرالي لسعر معدلات الفائدة الصفرية. وعلى الأرجح هذا يرجع بصورة خاصة، إلى الاحتياطي الهائل من المدخرات التي تراكمت لدى عديد من الأمريكيين، وبدوره يرجع جزئيا إلى ارتفاع أسعار الأصول، وإلى التحويلات الحكومية التي اختار عديد من المستفيدين ادخارها.
وتساعد سياسات معدلات الفائدة المنخفضة للغاية في جميع أنحاء العالم على منع حدوث ندبات طويلة الأجل، لكن عديد من الشركات الكبرى، بما في ذلك شركات التكنولوجيا الكبرى، لا تحتاج إلى الدعم الذي يدفع أسعار أسهمها إلى الارتفاع. إن هذا يؤدي حتما إلى تأجيج الغضب الشعبوي الذي كان واضحا في ردود فعل بعض السياسيين الأمريكيين على حرب أسعار الأسهم التي قامت بها شركة جيم ستوب في الآونة الأخيرة.
وقد يكون التضخم منخفضا بصورة عنيدة في الوقت الحالي، لكن انفجار كبير بما يكفي للطلب قد يدفعه إلى الأعلى، ما يؤدي إلى رفع الاحتياطي الفيدرالي للمعدلات في وقت أقرب إلى حد ما مما يخطط له حاليا. والآثار المتتالية لمثل هذه الخطوة في أسواق الأصول ستفصل القوي عن الضعيف، وستضرب الأسواق الناشئة خصوصا. وفي الوقت نفسه، سيتعين على صانعي السياسة، حتى في الولايات المتحدة، في النهاية، السماح لحالات الإفلاس بالانتعاش وإعادة الهيكلة. ولا مفر من تصاعد موجة الانتعاش، لكنها لن ترفع كل القوارب.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت،2021.