البيانات الرقمية والأصول الاستراتيجية «2 من 2»
تتمثل مبادئ استراتيجية البيانات الرقمية في جمع أنواع بيانات متنوعة وليست فقط أنواعا محددة من البيانات، أو ربما البيانات التي كانت متاحة للعمل في السابق. فمن المبادئ الأساسية: التفكير في استخدام البيانات كعملية تنبؤية في اتخاذ القرار، حيث يمكن استخدام البيانات لعمل استقراء بشكل أفضل، ورسم تصورات - سيناريوهات - متعددة وماذا يمكن أن تكون نتائجها في المستقبل. إن تطبيق البيانات على الابتكار يعد مبدأ أساسيا، حيث إن التفكير في المنتجات والخدمات الجديدة التي قد تكون متاحة والتي لم تتوافر القدرة على إنشائها من قبل حتى تتم معالجة البيانات ودمجها. لقد شهدنا جمع البيانات عن العملاء من البيانات التقليدية إلى البيانات السلوكية التي لم تكن متاحة في الماضي. لذلك يجب ملاحظة ما يفعله العملاء وليس ما يقولونه وهذا مبدأ آخر وهو نوع من المراقبة السلوكية للعملاء فيما يتعلق بفهم ديناميكية نموذج العمل قد يكون أفضل من النوع التقليدي لنهج الاستطلاع لبيانات السوق مثل الاستبانات. ومن مبادئ استراتيجية البيانات الرقمية: دمج البيانات معا في بوتقة واحدة، حيث يميل عديد من الشركات إلى جمع البيانات تقليديا داخل الأقسام الوظيفية المختلفة للشركة، مثل المبيعات والتسويق والموارد البشرية وما إلى ذلك. وكل قسم أو إدارة يقوم بجمع البيانات وحده كما يحلو له، لكن تنص استراتيجية البيانات الرقمية على الشمولية وجمع البيانات معا تحت مظلة المنظمة والبدء في استخدامها بشكل موحد.
توجد ثلاثة أنواع رئيسة من البيانات الأساسية حسب الممارسات العالمية، يجب على كل منظمة أن تفكر فيها لأنها تجمع الضرورات العامة وما الذي يجب أن يدخل في استراتيجية البيانات الرقمية الخاصة بها. الأولى هي بيانات العمليات التجارية وتعنى بإدارة وتحسين العمليات التجارية وتقليل المخاطر مثل بيانات المخزون أو المبيعات أو الفواتير أو سلسة التوريد أو الموارد البشرية. والثانية هي بيانات المنتج أو الخدمة، من خلال عرض القيمة الأساسية للمنتج أو الخدمة سواء بيانات الخرائط مثل "جوجل" أو بيانات الأعمال مثل "بلومبيرج" أو بيانات الطقس مثل قنوات الطقس والمناخ. والثالث هو بيانات العميل وهو أهم نوع بل أخطرها حيث يقدم صورة كاملة للعميل، مثل مشتريات العملاء وسلوكياتهم وتعليقاتهم ومراجعاتهم في التدوينات والتركيبة السكانية ونتائج المسح الإحصائية. لكن ما الذي يحدث في ظل الجوائح أو الأزمات الكبيرة؟ هل ستبقى البيانات ذات قيمة خلال جائحة كورونا مثلا؟ والإجابة ستكون بالنفي على العموم، لأن سلوكيات العملاء تغيرت تباعا وكذلك المبيعات والخدمات وبيانات الأعمال، ولذلك فإن أي نموذج تنبؤي للبيانات قبل جائحة كورونا وخلالها سيؤدي إلى نتائج غير دقيقة الآن، وهذا ما شاهدناه في منصة أمازون عندما تشير إلى العميل ببعض المبيعات أو "نتفليكس" عندما تقترح شريطا متحركا - فيلما - للمشاهد وغيرهما، بناء على بيانات ما قبل جائحة كورونا، وأغلبها مني بخطأ جسيم، لأن سلوكيات العميل تغيرت ولم تعد كما كانت من قبل بسبب دواعي وتبعات جائحة كورونا. وعليه من الأهمية تمحيص البيانات الجديدة خلال جائحة كورونا في المنظمة والبحث عن القيم الجديدة التي تجد فهما منطقيا.
ختاما: يجب على كل منظمة إعداد استراتيجية البيانات الرقمية الخاصة بها، وأن تعامل على أنها أحد الأصول الاستراتيجية للمنظمة بما في ذلك تأهيل العاملين بها، وإنشاء الوحدة الوظيفية - إدارة البيانات - مع العمل على دمج وتوحيد كامل البيانات للمنظمة في هذه الوحدة.