رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«يتباشرون بانخفاض أسعار النفط»

عبارة قرأتها في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، توقفت عندها كثيرا، لا أقول: إنها تحولت إلى ظاهرة، أو أصبحت مزاجا عاما في المجتمع، لكنها موجودة وإن أظهرت رأسها بخجل، أو توارت في صدور البعض، أو حاول تمريرها بعض آخر حقدا وغلا من عند أنفسهم. أعتقد أن هكذا عبارة وما يلف لفها في دولة يشكل النفط عصب اقتصادها، وسببا رئيسا - بعد توفيق الله - في نهضتها وتطورها الذي يشهد به القاصي والداني، أعتقد أنها تجبرنا على تدبرها، وسبر أغوارها، لأنها - في اعتقادي - مؤشر لافت لوجود مشكلة حقيقية يجب تحليلها وتحديد مسبباتها، للتعاطي معها. الطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض، ما يوجب الحفاظ على مصادرها واستدامتها برفع كفاءة إنتاجها واستهلاكها على حد سواء. الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات، ومن أدق وأبلغ التعريفات التي قرأتها عن مفهوم الاستدامة، أنها تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة لتلبية حاجاتها الخاصة. منّ الله على المملكة بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن أهم أوجه شكر هذه النعم هو الحفاظ عليها كي تدوم. الأمن الطاقي على رأس أولويات جميع الدول من أجل تقدمها وتطورها في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة، بل هي قضية وجودية يضعها جميع الدول نصب أعينها ولا مناص من التعاطي معها بجدية وإيجاد الحلول المناسبة والفاعلة لها. الاستهلاك الرشيد لمنتجات الطاقة والمياه، والتوعية به وإطلاق البرامج التي تسهم في تحقيقه هدف رئيس للسعودية لاستدامة هذا الشريان، والحفاظ على هذه الثروات الناضبة، حيث إن رفع أسعارها تدريجيا للوصول إلى المستويات العالمية، إحدى الأدوات الاستراتيجية لتحقيق هذا الهدف. منتجات الطاقة متعددة ويختلف تأثيرها في شرائح المجتمع، ما يعني اختلاف ردود أفعال المجتمع بطبيعة الحال. الوقود - في رأيي - هو أكثر المنتجات التي تلامس الأفراد بصورة مباشرة ومؤثرة، وأصبح خاضعا لمراجعة شهرية، يتم في ضوئها تحديث أسعاره. ذكرت سابقا أن تغير أسعار النفط عامل رئيس من العوامل المؤثرة في أسعار البنزين ارتفاعا أو انخفاضا، لكنه ليس العامل الوحيد، بل إن هناك عديدا من العوامل لكنها أقل تأثيرا، ومنها - على سبيل المثال -، الطلب على البنزين، وتكاليف النقل، وهوامش ربح المصافي والضريبة. لأن أسعار النفط هي العامل الرئيس الأكثر تأثيرا في أسعار الوقود، كما ذكرت سابقا، إضافة إلى سهولة متابعة أسعاره ونسب ارتفاعه وانخفاضه بصورة لحظية من خلال المواقع والمنصات المختلفة المختصة بذلك، أصبح البعض يستبشر بانخفاضها، ويتشاءم من ارتفاعها، بعيدا عن المثالية والتنظير، من الطبيعي جدا أن يتأثر أصحاب الدخل المحدود من ارتفاع أسعار الوقود، بل هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولذلك راعت الحكومة هذه النقطة وأطلقت "حساب المواطن" وغيره من البرامج لتخفيف آثار ارتفاع الأسعار في هذه الفئة. لكن هل يوجد مسوغ أو سبب منطقي، كي يأمل البعض بغض النظر عن أي سبب، أن تتقلص إيرادات وطنه من النفط كي تنخفض أسعار الوقود؟ صلابة الاقتصاد الوطني واستدامته هما الشريان الرئيس الذي نتغذى منه جميعا أفرادا وقطاعا حكوميا أو خاصا، وبنهوضه ننهض، ولذلك يلزمنا أن نضع ذلك على سلم أولوياتنا، بل نعزز هذا المبدأ ونغرسه في الأجيال المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي