سحلية تعالج السمنة
نخاف من الثعابين والعقارب، ونهرب من النحل، ونسارع في القضاء على النمل للهرب من سمومها التي قد تودي بحياتنا في دقائق. فسمومها تعمل بدقة فائقة وتتوجه مباشرة نحو مناطق في الجسد تساعد الأعضاء على أداء وظيفتها فتقضي عليها. لذا تستهدف الدم والدماغ وتسممهما وتخترق أغشية الخلايا فتمزقها وتفجرها، وهنا تكمن قوتها وسيطرتها على أجسادنا.
وهذه السموم معقدة بشكل مذهل، ظلت تلك الفصائل من الحيوانات تفرزها على مدى آلاف الأعوام، فيما يسمى بسباقات التسلح بين المفترس والفريسة. فبينما تنشأ لدى الفريسة مقاومة نوع واحد من السم عبر الأجيال المتعاقبة، تتطور أنواع السموم الجديدة واحدا تلو الآخر لدى الحيوانات المفترسة السامة وهكذا.
استغل البشر مكامن القوة لدى السموم ودقتها في إصابة الهدف وحولوها إلى علاجات لأمراض خطيرة، فأين تجد مادة طبيعية تستهدف الخلية مباشرة وتنافس مرض السرطان؟.
من سم الحلزون المخروطي الذي يتصدر قوائم الإرهاب في الحيوانات، استطاع الباحثون إيجاد مركب فيه يهاجم خلايا سرطان الكبد بالذات دون غيرها، وأثبت فاعليته في تثبيط الخلايا السرطانية بشكل كبير والقضاء على المرض الذي يهدد الولايات المتحدة بسبب تضاعف نسبة الوفيات منه.
واستخدم سم عقرب "مطارد الموت"، الذي يعد من أخطر أنواع العقارب على الإطلاق، في تحديد بعض أنواع الخلايا السرطانية، ما سهل على الجراحين الكشف عن الخلايا غير المصابة واستئصالها.
وأول عقار مصنوع من هذا الحلزون ومتاح في الأسواق المسمى "البريالت"، ويستخدم في علاج الألم المزمن لدى مرضى فيروس نقص المناعة ومرضى السرطان دون أن يسبب الإدمان.
ومن سحلية وحش الجيلا أو الهيلية التي تعد من أكثر أنواع الزواحف خطر، لكثرة نسبة السم فيها، استخرج الباحثون دواء معتمدا في الأسواق تحت اسم "بييتا" يعالج مرض السكر، كما يسهم في علاج مرض السمنة، الذي يصيب مئات الملايين من الأشخاص حول العالم، حيث وجدوا أنه يحد من الشهية.
ويمنع السم الموجود في شقائق النعمان الالتهاب، ما يجعله مفيدا في علاج الأمراض المرتبطة بجهاز المناعة مثل: "التصلب المتعدد". ومن سم الأفعى القاتلة بوثروبس جاراراكا استخرج دواء ضغط الدم "الكابتوبريل"، ومن فصيلة أخرى من الثعابين والعلق مصاصة الدماء استخرج دواءان لمنع تجلط الدم "ابتيفيباتايد ووتيروفبان".
وحتى الآن، لا يوجد سوى هذه الأدوية الستة المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والمستخرجة من السموم في السوق. على الرغم من وجود 100 ألف حيوان، 15 في المائة منها ينتج السم، إلا أن العلماء لم يكتشفوا سوى 2 في المائة فقط، والأمل يتزايد.