مقياس استقلالية الهيئات التنظيمية المالية «2 من 2»

عقب إنشاء المؤشر التنظيمي المالي، يفحص القائمون على البحث ما إذا كان الاستقلال الإشرافي يرتبط ارتباطا إيجابيا بالاستقرار المالي، مقارنة بالاستقرار النقدي، ويعد الاستقرار المالي مفهوما مراوغا وغير واضح. نحن نميل إلى اكتشاف غيابه بشكل مؤلم للغاية، لكن محاولات تطوير مؤشرات تدلل على وجوده أثبتت كونها بالغة الصعوبة. تشرح مؤشرات عديدة الأزمة الأخيرة بشكل جيد، لكنها أقل فائدة بعض الشيء في التنبؤ بالأزمة التالية. بوصفه معبرا عن مدى الاستقرار المالي، يختار القائمون على دراسة بنك إنجلترا مستوى القروض المتعثرة في النظام المصرفي. قد لا يكون مقياسا مثاليا، لكنه يتميز بأنه متاح على أساس قابل للمقارنة على نطاق واسع، عبر مجموعة من الدول ولعدد كبير من الأعوام.
يفضي تخطيط المجموعتين من البيانات مقابل بعضهما بعضا إلى التوصل إلى استنتاجات قوية. على مدار الـ 20 عاما الأخيرة، شهدنا زيادة مطردة في الاستقلال الإشرافي. وعلى حد تعبير القائمين على البحث: "ترتبط الإصلاحات التي تحقق قدرا أكبر من الاستقلال التنظيمي والإشرافي بانخفاض حجم القروض المتعثرة على ميزانيات المصارف العمومية. وفي مجمل الأمر، تظهر النتائج التي توصلنا إليها أن زيادة استقلالية الهيئات التنظيمية والإشرافية مفيدة للاستقرار المالي".
علاوة على ذلك، يقدم القائمون على البحث الدليل على أن الإشراف الأكثر صرامة هو المرتبط بالمشرفين المستقلين ولا يؤثر سلبا في كفاءة أو ربحية النظام المصرفي. قد يكون معقولا أن ينزعج المرء إزاء حقيقة مفادها بأن الإشراف الأكثر صرامة قد يفرض قيودا مكلفة، ومع ذلك لا يبدو أن هذه هي الحال. الواقع: إن كفاءة أي بنك، إذا جرى تعريفها على أنها نسبة التكلفة إلى الدخل، تميل إلى التحسن عندما يصبح المشرفون أكثر استقلالية. ولا يصاحب هذا أي تأثير سلبي في أرباح المصارف.
ما الذي قد لا يكون مرغوبا إذن؟ هل نحن في منطقة الغداء المجاني؟
ليس بالضبط. فلا يخلو الأمر من عيب واحد قد يربك السياسيين. من الواضح أن العلاقة بين الاستقلالية وكم الإقراض المصرفي سلبية. بعبارة أخرى، إذا كان المشرفون المستقلون أكثر صرامة، فإن المصارف تميل إلى الإقلال من الإقراض بعض الشيء. وقد لا يكون حجم التأثير دراميا، لكنه سلبي وهذا مهم.
من المحتمل أن يكون هذا التأثير انتقاليا وقد يتلاشى مع الحفاظ على مزيد من الإشراف المنضبط. علاوة على ذلك، فإن الإقراض الذي لم يحدث ربما كان ليذهب إلى شركات غير قادرة على البقاء أو مستهلكين منهكين. وليس واضحا أن مثل هذا الإقراض مفيد خصوصا للنمو والإنتاجية.
في المجال العام على الأقل، لم يكتسب الاستقلال التنظيمي والإشرافي السمعة التي اكتسبتها استقلالية البنوك المركزية. فلا يشار إليه بمختصر شائع الاستخدام على سبيل المثال. إذا استخدمنا المختصر RSI Regulatory and Supervisory Independence فسينصرف ذهن المستمع إلى المصطلح Repetitive Strain Injury بمعنى "الإصابة الناتجة عن إجهاد متكرر". الحق: إن البحث الذي أجراه بنك إنجلترا يشكل حجة قوية لمصلحة تغيير هذه الحال.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي