رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أركان أساسية للمدفوعات في العصر الرقمي «1من 2»

كان 2020 عاما بالغ الصعوبة. فقد سببت الجائحة معاناة هائلة. ووقع جانب كبير من الأضرار الاقتصادية على كاهل الفئات الأكثر هشاشة، في البلدان الغنية والفقيرة على السواء. غير أن هناك بعض النقاط المضيئة. فأعمال الأطقم التمريضية والطبية البطولية تنقذ الأرواح. والعاملون في القطاعات الضرورية يحافظون على إمدادات الكهرباء والمياه وعلى أرفف المحال عامرة بالسلع. وكثيرون غيرهم حافظوا على استمرار عمل مؤسسات الأعمال – كالعاملين في صناعة التكنولوجيا. لقد أحدثتم تغييرا عميقا في طرق العمل والتفاعل والعيش في حياتنا اليومية. لقد جعلتم المستقبل الرقمي عند أطراف أصابعنا – وعلى أعتاب أبوابنا. هنا أرصد رؤية لهذا المستقبل، والأركان الأربعة الأساسية اللازمة لبنائه.
تخيلوا معي صانعة أثاث – حرفية ماهرة – تعمل في مصنع في تايلاند. ويضرب الركود ضربته، فتفقد عملها. ثم ترسل إليها إعانة البطالة عبر الهاتف، فتبدأ ورشتها الخاصة وتبيع إنتاجها محليا.
هذه الحرفية تؤدي المدفوعات وتتلقاها عبر جهاز محمول. وتختار إتاحة بيانات مدفوعاتها للاطلاع، ما يسمح لها بالحصول على قرض من خلال شبكة الإنترنت، وتعيين عاملين، وتنمية مشروعها التجاري. وفي أحد الأيام تتلقى رسالة يسأل كاتبها عما إذا كانت تشحن منتجاتها إلى الخارج. ليس لزاما أن تكون كبير الحجم كي تصل إلى العالمية. وهناك منصة رقمية تقوم بمعالجة مدفوعاتها من الخارج بتكلفة منخفضة. وتوفر لها التأمين والادخار وخيارات لاستثمار ودائعها، ما يجعل سبل الرزق المتاحة لها أكثر مرونة. ولم يكن لذلك أن يتحقق حتى منذ عشرة أعوام. إنها قصة تنم عن قوة الدافع الإنساني والإبداع البشري .. قصة تتحدث عن ثورة في المدفوعات تمحو المسافات المادية، وتولد البيانات – التي تمثل الذهب الجديد ومن ثم فإنها في الأغلب هي الضمان الجديد .. قصة تتحدث عن نظم المدفوعات ذات التكلفة المنخفضة والمتاحة على نطاق واسع، التي تشكل جزءا من حياتنا الرقمية في سلاسة ويسر. ومع تغير الطريقة التي نؤدي بها المدفوعات، يتغير عالمنا. فبإمكاننا أن نتيح الخدمات المالية لعدد 1،7 مليار شخص بالغ ممن لا يتعاملون مع البنوك حتى الآن، وأن نساعد عددا أكبر كثيرا من الأشخاص ممن ينتمون إلى الفئات الضعيفة الذين يدفعون حاليا رسوما مرتفعة.
كذلك تجري إعادة تشكيل الصناعة المصرفية والمالية تبعا للبيانات والأتمتة والتحليلات التي تتم على نحو آني. وأخيرا، فإن الابتكارات في مجال المدفوعات من شأنها تغيير النظام النقدي الدولي – أي تغيير الطرق التي نجري بها التعاملات عبر الحدود، ونحصل بها على الأصول الأجنبية، ونتبادل العملات، ونحدد بها أسعار السلع. والمدفوعات الرقمية ليست مقصورة على أصحاب الدراية الواسعة بالتكنولوجيا – ذلك أن لها انعكاسات هائلة على العالم بأسره.
ومن ثم يتعين أن نخطو على هذا المسار بشجاعة وحذر. علينا أن نضمن تطوير نظم المدفوعات لتفي باحتياجات المستخدمين مع الحفاظ على الأمان والصلابة. هذا فيما يتعلق بالمستوى الجزئي. أما على المستوى الكلي، فينبغي أن نعمل على إيجاد قطاع مالي ونظام نقدي دولي يتسمان بالكفاءة والموثوقية، والعدالة والشمول، إضافة إلى الديناميكية. وينبني المستقبل الرقمي لهذه الحرفية على الأركان الأساسية التالية: أولا: ابتكارات القطاع الخاص، وثانيا: مشاركة القطاع العام، وثالثا: الأطر التنظيمية والقانونية، ورابعا: التعاون الدولي. وللنظر الآن في كل ركن منها.
أولا: فقد ساعدت ابتكارات القطاع الخاص أناسا كثرا. لنفكر مثلا في الحسابات المصرفية التي ندخر فيها، والبطاقات التي نستخدمها في الدفع. أو الأموال الإلكترونية التي تتداولها الحرفية صاحبة حكايتنا. ولا يزال الكثيرون يستخدمون النقد، غير أن أعدادهم يمكن تخفيضها بسرعة: لننظر إلى السويد، حيث أصبحت نسبة البالغين الذين لا يزالون يستخدمون النقد 10 في المائة فقط من السكان، بعد أن كانت 40 في المائة منذ عشرة أعوام. وفي الفترة نفسها، زادت حسابات الأموال الإلكترونية في كينيا زيادة أسية من 12 مليونا إلى 61 مليون حساب – أي أكثر من عدد السكان. فالقطاع الخاص هو الأقدر على قياس احتياجات الأفراد ومؤسسات الأعمال، وتقديم المنتجات والخدمات المتنوعة التي يحتاجون إليها، وتحمل المخاطر الضرورية للابتكار. غير أننا يجب أن نضمن ألا تتحول هذه المخاطر إلى مخاطر يتحملها المستخدم النهائي أو النظام المالي. ويجب أن نتجنب المزالق الأخرى – كالقوة الاحتكارية أو قصور الخدمات المتاحة للفئات الهشة... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي