العقارب حبايب

ظهر تقرير لوكالة "رويترز" يتحدث عن قصة شاب مصري من محافظة المنوفية يدعى محمد حمدي يبلغ 25 من عمره. ترك دراسته للآثار من أجل تحقيق حلمه في الثراء. المشروع الذي قام بإنشائه يتمحور حول اصطياد العقارب من الصحاري والسواحل بهدف استخلاص سمومها، حيث يقوم حاليا بتربية 80 ألف عقرب في مزارع مخصصة بعيدة عن العمران البشري، ويحصل على السموم النقية من خلال تعريض هذه العقارب لتيار كهربائي يحفز إفراز السموم منها، وتدخل هذه السموم في إنتاج أكثر من 24 منتجا دوائيا كما يصنع منها مضادات السموم، وأوضح الشاب محمد حمدي أن جراما واحدا من السم يصل سعره إلى عشرة آلاف دولار، ويقوم بتصدير إنتاجه من السم النقي إلى بلجيكا والدنمارك وألمانيا وفرنسا ومختلف دول أوروبا وبعض الولايات الأمريكية مثل فرجينيا وتكساس وكاليفورنيا.
هذه القصة الملهمة تجبرنا على التوقف لقراءة فصولها، والغوص في تفاصيلها التي لا يمكن أن يدرك عمق روعتها إلا شخص يؤمن أن معظم القصص الملهمة لا تصل إلينا، إلا بعد أن يعيش أبطالها قسوة التجربة ومرارة الفشل وتكرار المحاولة والعزم على الصمود مهما كانت تقييمات من حولهم سلبية أو مخيبة لآمالهم. هذا الشاب المكافح لو استمع لحظة واحدة إلى آراء الآخرين عن فكرة مشروعه الغريب لتوقف قبل أن يبدأ، ولو أنه أخبرهم عن نيته ترك دراسته للآثار من أجل اللهاث خلف حلمه، لنصحوه ألا يفعل وإلا سيكون الفشل والندم حليفه. إشكاليتنا أن معظم شبابنا الذين يحلمون بالثراء وتحقيق أحلامهم يتجهون غالبا نحو المشاريع التقليدية التي تقل فيها روح المخاطرة والمغامرة وتدخل ضمن النطاق الآمن لتقييمات الآخرين. قلة هم من يفكرون خارج الصندوق ويبتكرون أفكارا خلاقة لمشاريع غير مستهلكة أو تقليدية. مثل هذه العقول الإبداعية التي تعتمد على روح الابتكار والتميز هي ما نحتاج إليه بقوة في مجتمعنا المحلي، فوطننا الغالي يزخر بموارد بيئة وطبيعية تعد مجالا خصبا لتحقيق الأحلام والثراء معا، أتمنى لو تخرج لنا مبادرة بعنوان "اعصر مخك" تقوم على العصف الذهني وترعاها بعض شركات القطاع الخاص كشراكة مجتمعية تسهم في عقد لقاءات شبابية لشباب مبتكرين ومبدعين يفكرون خارج الصندوق، يسهمون في توليد أفكار مجنونة وخلاقة قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
وخزة
بعد اليوم لا تصدق من يقول لك، "الأقارب عقارب"، لأن العقارب ربما يصبحون "حبايبك ووجه الخير عليك".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي