رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تعزيز التعاون المالي العالمي

الأزمة الحالية تبرز ضرورة تعزيز البنيان المالي العالمي، وتمثل جائحة كوفيد - 19 أهم اختبار تعرض له الاقتصاد العالمي، ولا سيما اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، لقياس قدرتها على تحمل الضغوط. في بداية الأزمة كان من المأمول أن تفلت الدول منخفضة الدخل من براثن الفيروس بسبب قلة الرحلات الجوية التي تربطها بباقي العالم، أو يتم احتواء الفيروس في الدول التي شهدت جوائح في السابق، مثل إفريقيا جنوب الصحراء. لكن هذه الآمال تبددت جميعها. وصرنا نعلم الآن أن الفيروس يهدد جميع أنحاء العالم، بل إن الدول التي استطاعت تجنب أزمة صحية كاملة الأركان لم تسلم من تداعيات مالية حادة.
غير أن هذا الأثر المالي سبق الظهور الفعلي لفيروس كوفيد - 19 في العالم النامي. فخلال الفترة من شباط (فبراير) إلى نيسان (أبريل) خرجت تدفقات رأسمالية من الأسواق الصاعدة والواعدة تزيد قيمتها على 100 مليار دولار، وهو ما يزيد بخمسة أضعاف على التدفقات الرأسمالية الخارجة في الأشهر الثلاثة الأولى من الأزمة المالية العالمية. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، يتوقع تراجع تحويلات المغتربين مجددا بمقدار 100 مليار دولار إضافية عام 2020، أي: أربعة أضعاف الانخفاض الذي شهدته تلك الأزمة السابقة. كذلك أشارت التنبؤات إلى تراجع التجارة العالمية بوتيرة أسرع مقارنة بعام 2009. وانهارت أسعار السلع الأولية بسبب الركود العالمي، وتراجعت قيم عملات اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية مقابل الدولار.
كان ذلك بمنزلة صدمة ذات أبعاد غير مسبوقة. واستجابت الحكومات من خلال برامج إنفاق طارئة لدعم الأسر والشركات. وخفضت البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة أسعار الفائدة، فضلا عن تنفيذ عمليات شراء أوراق مالية في بعض الحالات. ونتيجة لذلك، كان التأثير السلبي في الاقتصادات والنظم المالية نوعا ما أقل حدة مما كان متوقعا في البداية.
بالنسبة للأسواق الصاعدة كانت هذه الاستجابة على صعيد السياسات غير مسبوقة، بل كانت عكس الإجراءات التي اضطرت إلى اتخاذها في أزمات سابقة. وكان هذا التناقض بمنزلة شاهد على التقدم المحرز في بناء الحيز المالي ومصداقية جهود مكافحة التضخم. ويتمثل الشاهد الآخر في الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية للأسواق الصاعدة وطبقت إطارا رسميا لاستهداف التضخم كأداة لدعم المصداقية. فخلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020، تمكنت هذه البنوك المركزية من إجراء تخفيضات على أسعار الفائدة تجاوزت التخفيضات التي أجرتها البنوك المركزية التي لا تطبق إطارا لاستهداف التضخم بمقدار 40 إلى 50 نقطة أساس.
ولا ينكر ذلك وجود ضغوط مالية. لكن موجة التعثر في سداد الديون وانهيارات العملة والنظم المالية لم تبدأ، كما توقع البعض، أو ربما لم تبدأ بعد على الأقل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي